فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف،
السادة العلماء والأئمة الأجلاء،
السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود في البداية أن أتوجه بخالص التهنئة لشعب مصر العظيم، ولجميع الشعوب العربية والإسلامية، بمناسبة ذكرى مولد النبي الكريم، سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، داعيا الله عز وجل أن يعيد هذه الذكرى المباركة بالخير والسلام على مصر والإنسانية بأسرها.
السيدات والسادة،
إن سيرة حياة الرسول الكريم معين لا ينضب من الدروس والعبر، منها نستلهم قيم الأمانة والصدق، والإخلاص والرحمة، ومنها نتعلم فضيلة الصبر على المشاق الجسيمة، وفي ثناياها وأحداثها نرى كيف تعمل أقدار الله، وكيف.. وكيف يثابر المؤمنون على إيمانهم، يرعونه بالعمل والإحسان، حتى يأتي رسول الله، القريب للمخلصين من عباده.
إن في سيرة حياة نبي الرحمة والهدى قيما مجردة، عابرة للزمان والمكان، لعل من بينها الثبات عل الحق وعلى الإيمان، خاصة في الأوقات الصعبة، فكم من اختبارات قاسية تعين على رسول الله - صلوات الله وسلامه عليه - اجتيازها، وكم من محن وشدائد، هائلة، تعرض لها النبي الكريم، وتعرضت لها الرسالة المحمدية، وكم كان الثبات في وجه تلك العواصف الهوجاء عظيما وشامخا، بإيمان لا يتزعزع في نصرة الله، وعمل مستمر لا يعرف للتواكل طريقًا.
الحضور الكريم،
يأتي احتفالنا هذا العام بالمولد النبوي المبارك، بينما يمر العالم بظروف دقيقة، تعيد إلى الأذهان ذكريات من التوتر والقلق والاضطراب، لم تحدث منذ عقود طويلة، فما بين الكارثة الصحية التي تسببت فيها جائحة كورونا، وتداعياتها الاقتصادية، عميقة الأثر، الناجمة عن توقف عملية الإنتاج في كبرى دول العالم، وما أعقب من ذلك من موجة ارتفاع أسعار عالمية، تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية في تفاقمها بشدة، مما دفع الدول الكبرى لرفع أسعار الفائدة على نحو غير مسبوق، أملا في احتواء التضخم، وهو ما استدعى نزوحا كثيفا لرؤوس الأموال من الدول النامية إلى الدول الغنية. ومن هنا، جاءت أزمة النقد الأجنبي، التي يمر بها اقتصادنا، والعديد من الاقتصادات الناشئة.
والحق أقول لكم، إن عاصفة طاغية كتلك، كانت كفيلة، في الظروف العادية، باقتلاع اقتصادنا بشكل كلي، والعصف بالكثير من مكتسبات الشعب المصري، وإن الثماني سنوات الأخيرة من العمل التنموي المكثف، غير المسبوق في حجمه ونطاقه وسرعته، قد أثمرت صلابة وصمودا ومرونة كبيرة لدى اقتصادنا القومي، بما يدفعنا إلى اليقين بأن الصعاب الحالية إلى زوال قريب بإذن الله.
لا سيما أننا نبذل أقصى ما في الجهد والطاقة للتخفيف من آثارها على أبناء شعبنا، مع الحفاظ في ذات الوقت على قوة الدفع اللازمة.. على قوة الدفع اللازمة لاستكمال مشروعات التنمية ونمو الاقتصاد، بما يحافظ على معدلات التشغيل المرتفعة، ويضمن قدرة الدولة على حماية الأمن الغذائي، وأمن الطاقة للمواطنين، رغم الظروف العالمية الصعبة في هذين المجالين.
السيدات والسادة،
إن مسيرة حياة النبي الكريم، تؤكد لكل ذي بصيرة.. إن حياة.. إن مسيرة حياة النبي الكريم تؤكد لكل ذي بصيرة أن العسر يصاحبه اليسر، وأن الله مع الصابرين، الذين يعملون صالحا ابتغاء مرضات الله، وتحقيق مصالح الناس، وإننا إذ نسعى إلى الخير والرشاد، والصالح العام، نثق في الله سبحانه وتعالى، وفي قدرة شعبنا الصامد الأبي على اجتياز الصعاب، مهما كانت، وتحويل الأحلام إلى حقيقة، وصنع المستقبل المزدهر الآمن.
أشكركم، وكل عام وأنتم بخير، ومصرنا والأمة الإسلامية، والإنسانية كافة، في خير وأمان ورخاء...
قبل ما أختم كلمتي بالسلام عليكم، إحنا كنا إمبارح موجودين في الإسماعيلية، وكان في احتفال بتخريج الـ.. شباب الجامعات.. والحقيقة، آآ الاحتفال ده، رغم بساطته، لكن الحشد اللي تم فيه، استدعى حاجة في نفسي غريبة جدًا، بقيت أقول بقى في أمة، في أمة يكون شبابها بالحجم ده، ويبقى عندها قلق على بكرة؟ (تصفيق) صحيح؟
في أمة يكون شبابها، بسم الله ما شاء الله، بالقمـ.. بالعدد ده وبالحجم ده، والقدرة دي، تبقى قلقانة من بكرة؟ ده بكرة ده بتاعهم هم.. بكرة ده بتاعهم هم، وهم قادرين بفضل الله سبحانه وتعالى على إن هم يحموا أقدار هذه الأمة من أي شر أو مكروه.
فالحقيقة، كنت لازم أسجل ده، ما لحقتش إمبارح أو ما عرفتش إمبارح إن أنا أسجله، لأن ده إحساس تولد في حينه يعني.
أنا بقول كدا للناس في مصر، عشان يعني.. في الفترة اللي إحنا فيها ديت ها نجد دايما كتير من الـ.. يعني كتير من الـ.. البهتان والإفك والإثم و.. والشرور.. والكلام اللي لا يليق.
واسمحوا لي أقول لكم يعني، لكل الناس اللي بتتكلم بالطريقة ديت، ما فيش أمم أبدًا قامت إلا على الصدق والعمل والأمانة، لا على الكذب ولا على الافتراء ولا على الهدم، ويمكن.. وخلوني هنا أسجل بتقدير شديد كلمة فضيلة الإمام، أحسنتم، أحسنتم. (تصفيق)
فـ.. صحيح.. أحسنتم فضيلة الإمام في كلمتك ال.. الشاملة الطيبة العميقة، ما فيش أمة في العالم تطلع قدام أبدا من غير ما تاخد بأسباب الدنيا، ولكن بيحرسها مسار أخلاقي عميق. ولو تخلت عنه، لا يمكن اللي بيتخذوا منهج الأشرار.. وأنا بقول أشرار لأن أنا أنأى بنفسي على إن أنا.. لا يمكن.. (تصفيق) لا يمكن في أمة تطلع لقدام، و... .
أنا بقول للأشرار اللي هم يتصورون إن ممكن ينجحوا أبدًا بغير سبيل المصلحين. ما فيش نجاح غير بسبيل المصلحين. الهدم والخراب والتدمير والتشكيك والظنون، وإشاعة ال، الألم والفرقة وال، الانحطاط والانهيار والكذب.. لا يمكن.. هه.. دي مش سنن ربنا والله.. هذا الأمر ليس من سنن الله أبدا.
كان بس مهم أقول لكم كدا لكل.. ليكم. وإنتم دعاة بتتحدثوا إلى الناس في المنابر، وأنا بكرر الكلام ده كتير ليكم، إحنا المنهج اللي إحنا ماشيين بيه، صدقوني يعني، منهج بيحاول إن هو يعني.. يبقى مستقيم وأمين و.. مخلص، لله، لله. وشريف كمان في هذا المسار.
ما عنديش شك، رغم كل الظروف الصعبة اللي بتمر بينا دي، إن ربنا سبحانه وتعالى ها يسدد الخطى (تصفيق) ها يسدد الخطى.. يعني.. لازم يكون عندنا ثقة في الله سبحانه وتعالى، وفي المسار اللي إحنا ماشيين بيه، مهما كانت الظروف صعبة.
لكن أنا بقول تاني، مش ها أقول لكو اطمئنوا بينا ولا بالحكومة، ها أقول لكو اطمئنوا بالله سبحانه وتعالى.. اطمئنوا بالله سبحانه وتعالى.
مش عايز أطيل عليكم، كل عام وإنتو طيبين، وإن شاء الله دايما مصر بخير وسلام وأمان، بفضل الله سبحانه وتعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (تصفيق)
ألقيت الكلمة في القاهرة، بمسرح الجلاء، حيث شهد الرئيس فعاليات احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوي، وذلك بحضور الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.