(...) رؤساء دول وحكومات السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي "الكوميسا"
السيدة تشيسلي كابيوبوي، أمين عام تجمع الكوميسا،
السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد معكم اليوم في العاصمة الزامبية لوساكا، للمشاركة في أعمال القمة الـ 22 لتجمع الكوميسا تحت شعار "تكامل الكوميسا الاقتصادي يرتكز على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة".
واسمحوا لي في مستهل حديثي أن أتوجه بخالص التقدير لأخي فخامة الرئيس هاكيندي رئيس جمهورية زامبيا على ما لمسناه من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وهو أمر ليس بالمستغرب على شعب زامبيا المضياف.
كما أتوجه بالشكر إلى فريق عمل الأمانة العامة للكوميسا على حسن الإعداد والترتيب لفعاليات اجتماعنا اليوم.
لقد كان شرفا كبيرًا أن تتولى مصر قيادة تجمع الكوميسا على مدار العامين الماضيين في فترة شديدة الدقة، شهدت تطورات مهمة على المستويين الدولي والإقليمي.
ولقد وضعت مصر أمام أعينها أهدافًا محددة خلال رئاستها للتجمع، ترتكز على دفع معدلات التكامل الاقتصادي، من أجل تعزيز مستوى رفاهية شعوبنا، بالإضافة إلى تعزيز مقدرات السلم والأمن بدولنا.
غير أنه، وبالرغم من النجاحات التي تم تحقيقها، فلا يزال أمامنا الكثير لتوظيف تكاملنا الإقليمي لمواجهة التحديات الراهنة.
واسمحوا لي في هذا الصدد أن أستعرض أبرز الإنجازات على مدار العامين الماضيين، وهي، وهي فيما يتعلق بمجال التنمية الاقتصادية..
أولت مصر اهتماما كبيرًا لتفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، وتحقيق التناغم بينها وبين اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية، بين تجمعات الكوميسا والساداك وشرق أفريقيا، عبر إجراءات محددة لحث الدول الأعضاء على تنفيذ الإعفاءات الجمركية، وتيسير حركة التبادل التجاري فيما بينها، حيث أسفرت تلك الجهود عن زيادة الصادرات البينية لدول الكوميسا لتصل إلى 13 مليار دولار عام 2022، وهي القيمة الأعلى منذ أنشاء منطقة التجارة الحرة في إطار التجمع عام 2000.
بجانب ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الكوميسا في ذات العام إلى أعلى قيمة لها منذ انضمام مصر للكوميسا ليصل إلى 4.3 مليار دولار.
وفي ذات السياق، قدمت مصر مبادرة التكامل الصناعي الإقليمي في إطار استراتيجية التصنيع بالكوميسا 2017-2026، والتي تهدف إلى تعميق الإنتاج الصناعي من خلال ربط سلاسل القيمة الإقليمية وفقا للميزة التنافسية للدول، وأود في هذا الصدد تثمين دور وكالة الاستثمار الإقليمية بالكوميسا، التي تستضيفها مصر لجذب الاستثمارات إلى دول التجمع، مع ضرورة الاستمرار في الجهود الجارية لتوجيه تلك الاستثمارات إلى القطاع الصناعي.
اتصالًا بما تقدم، ركزت مصر على قطاع البنية التحتية، من خلال تشجيع مشروعات الربط بين الدول الأعضاء، ومن أبرزها مشروع الربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط، حيث أدعو الأمانة العامة لتكثيف الجهود لحشد الموارد المائية اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات.
واسمحوا لي في هذا السياق أن ألقي الضوء على أحد المشروعات التي تمثل فخرًا لقارتنا، والذي أثبت وجود ثمار حقيقية للتعاون بين دولنا حال توفر الإرادة السياسية، وهو مشروع سد جوليوس نيريري العملاق في دولة تنزانيا الشقيقة.
هذا السد الذي يتم تنفيذه بأيادٍ مصرية وتنزانية، ويولد طاقة كهربائية تقدر بـ2.5 جيجا وات، حيث أثبتت الشركات المصرية المنفذة للمشروع امتلاكها خبرات وقدرات تمكنها من تنفيذ مشروعات بمقاييس عالمية، وهي الخبرات التي تتطلع مصر لمشاركتها مع دولنا الأفريقية الشقيقة.
أما في مجال التصنيع الدوائي، فقد كان من الضروري تسليط الضوء على القطاع الطبي والصحي بالكوميسا، لاسيما في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وبناء عليه قدمت مصر مقترحًا لإنشاء لجنة الصحة بسكرتارية الكوميسا، كما استضافت الدورة الأولى للمؤتمر الطبي الأفريقي الذي تنعقد نسخته الثانية حاليًا لبحث سبل الاستثمار في هذا المجال الحيوي.
فضلًا عن تزايد الاهتمام الذي وجهته مصر للاستثمار في توطين صناعة الدواء واللقاحات، وصولًا للإعلان عن تقديم مصر لـ30 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا، إلى الدول الأفريقية الشقيقة، وبما يؤكد دور مصر كمركز إقليمي لتصنيع اللقاحات الطبية.
السيدات والسادة،
فيما يتعلق بمجال السلم والأمن، فليس خافيًا علينا حجم عمق التحديات التي تواجهها بلادنا لاستدامة السلم والأمن، وهو ما بات يفرض علينا الالتزام بعدد من المحددات والمبادئ الرئيسية، وأهمها ضرورة احترام حق جميع شعوب الدول الأفريقية في الحياة، وتسوية النزاعات والصراعات والقضايا التي تهدد هذا الحق، إلى جانب الحفاظ على مؤسساتنا الوطنية، باعتبارها العمود الفقري لاستقرار الدول، وأمن شعوبها وضمان مصالحها العليا.
ويدفعنا ما تقدم إلى الإشارة إلى التطورات الأخيرة بعدد من دولنا، وعلى رأسها السودان الشقيق، الذي يمر بتحديات تستوجب تكاتفنا لدعم شعبه. وأؤكد هنا أن مصر تضطلع بمسؤوليتها كـ، كدولة جوار مباشر، إذ تبذل كافة المساعي مع الأطراف الفاعلة والشركاء الدوليين، وعبر الانخراط في الآليات القائمة لضمان التنسيق بينها، وصولًا لتحقيق هدف السودان الآمن المستقر. واتصالًا بذلك تستمر مصر في استضافة أبناء دولة السودان الشقيق، وإنني أدعو كافة الدول لتوفير الدعم اللازم لأشقائنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة.
واسمحوا لي.. (تصفيق).. واسمحوا لي هنا إن أنا يعني أخرج قليلًا عن سياق الكلمة، وأؤكد تضامني الكامل مع كل ما ذكره فخامة الرئيس هاكندي هيشليما رئيس الجمهورية، أثناء خطابه، من على إن الاستقرار والأمن أمر غاية في الأهمية لدولنا الأفريقية ولقارتنا.
واسمحوا لي أقول لكم إن أنا يعني من الجيل اللي شاف كتير من الصراعات، سواء على المستوى الوطني داخل مصر، أو على مستوى الأحداث داخل قارتنا يعني، وعايز أقول لكم إن كل يوم، كل يوم واحد بيضيع على أي دولة، من غير ما تعمل من أجل التنمية والبناء والإعمار، بيكون ليه تأثير كبير جدًا جدًا على مستقبل واقتصاد وحياة شعب هذه الدول.
وعشان كدا يمكن ها تجدوا إن، اسمحوا لي بتواضع شديد، إن سياستنا في مصر بتعتمد دايمًا على آآ التهدئة ومحاولة إيجاد صيغة للحوار والتفاوض، والتعامل بصبر كبير جدًا مع أي مشكلة من المشاكل، لأن التجربة زي ما قلت لكم كدا، اللي إحنا شوفناها في مصر، بتقول إن دايمًا الحلول السلمية والأمن والاستقرار والبناء والتنمية والإعمار، أفضل كتير من الجانب الآخر، اللي هو الصراعات والاقتتال والحروب وإلى غيره. شكرًا. (تصفيق)
وإنني هنا أؤكد بصفتي رائد ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقي، أن مصر لن تألوا جهدًا في تسخير مركز إعادة الإعمار والتنمية بالقاهرة، لتوفير كافة صور الدعم لدولنا الشقيقة، في مسارها نحو تحقيق التنمية.
كما أود أن أعلن عن ترشح مصر بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي للفترة 2024–2026 إيمانًا من مصر بمسؤولياتها نحو دعم جهود السلم والأمن في قارتنا.
أصحاب الفخامة،
السيدات والسادة،
لقد عاهدتكم عند تسليم رئاسة التجمع عام 2021 بالعمل بكل جهد وإخلاص لتعميق التكامل الاقتصادي بين دول الإقليم، والآن، وبعد انتهاء فترة رئاسة مصر للكوميسا، فإنني أجدد عهدي لكم لاستمرار العمل بالتنسيق مع كافة أشقائنا نحو تنفيذ أهداف أجندة التنمية الأفريقية 2063، لاسيما مع تولي مصر رئاسة الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي "نيباد" على مدى العامين القادمين.
وفي الختام، اسمحوا لي أن أعلن انتهاء فترة رئاسة مصر للكوميسا، وإنه لمن دواعي سروري أن أقوم بتسليم مسؤولية رئاسة التجمع إلى أخي فخامة الرئيس هيشليما، رئيس جمهورية زامبيا.. (تصفيق) وإنني لعلى ثقة تامة أنه سيبذل كل ما في وسعه للبناء على منجزات الرئاسة المصرية، متمنيًا لفخامته ولحكومته السداد والتوفيق. (تصفيق)
كما أود الإعلان عن هيئة المكتب الجديدة لقمة الكوميسا والتي تتشكل من جمهورية زامبيا رئيسًا، وجمهورية بروندي كنائب للرئيس، وجمهورية مصر العربية كمقرر.
شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (تصفيق)
...
ألقيت الكلمة في مدينة لوساكا، عاصمة جمهورية زامبيا، حيث شارك السيد الرئيس في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي "كوميسا"، وذلك بحضور لفيف من رؤساء وممثلي الدول الأفريقية الأعضاء بتجمع الكوميسا.