المناوشات السياسية أحاطت بالاتفاق النووي الإيراني، وكان أبرزها قرار الكونجرس الأمريكي تمديد العقوبات المفروضة على إيران، لمدة 10 أعوام مقبلة.
يزور مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، غدًا الأحد، الجمهورية الإيرانية، لعقد اجتماعات حول تنفيذ طهران للاتفاق النووي مع القوى الكبرى، والذي دخل حيز التنفيذ، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
ويقضي الاتفاق الذي أبرمته إيران ودول مجموعة (5+1)، برفع العقوبات الدولية السياسية والاقتصادية المفروضة على "طهران"، والسماح لها بتصدير واستيراد أسلحة، مقابل منعها من تطوير صواريخ نووية، وخضوع مواقعها العسكرية والنووية للتفتيش.
وعلى الرغم من التفاؤل الذي أحاط بإعلان الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى، إلا أن الشهور الأخيرة شهدت قرارات وتصريحات، بين "طهران" والغرب- لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية- تثير تساؤلات حول مدى التزام الطرفين ببنود الاتفاق، بالتوازي مع "مخاوف" عبّرت عنها الوكالة الدولية المعنية بالشأن النووي.
مخاوف "أمانو"
ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، أن زيارة الغد من مدير وكالة الطاقة الذرية لإيران، تأتي بناءً على دعوة من رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، "بهدف تعزيز التعاون المشترك بين الوكالة وإيران".
لم تتحدث أي وسيلة إعلامية سوى "مهر"، عن أن زيارة "أمانو" تأتي بدعوة إيرانية، ما قد يفتح الباب أمام الظنون بأن الزيارة لا تقتصر على هدف وحيد ووديّ، مثل "تعزيز التعاون المشترك"، خاصة وأن قدميّ المسؤول الدولي لم تطئا طهران منذ يناير الماضي، في زيارة تمت بعد يومين فقط من دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، وأعلن وقتها أن هدفها هو "مراقبة التزامات وتعهدات إيران حيال الاتفاق".
وفيما يتعلق بهذا الدور تحديدًا، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو/ حزيران الماضي، أن عمليات تفتيش ومراقبة المنشآت النووية الإيرانية تتواصل، بل ولا تزال في المراحل الأولى، ووصفها بأنها "تقتضي عناية دائمة من كافة الأطراف المعنية".
وما يدفع إلى فتح الاحتمالات أمام أهداف كثيرة، هو ما أعلنته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من أن إيران "تجاوزت قليلًا" وللمرة الثانية منذ دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ، الحد المسموح به لمخزون الماء الثقيل، وهو ما دفع مديرها العام "أمانو" للإعراب عن مخاوفه حيال ذلك الأمر، وطالب "طهران" بالتحضير لنقل هذا الكم الزائد إلى خارج أراضيها.
مناوشات سياسية
بعد أسبوع واحد من تقرير الوكالة الدولية، عن المخزون الزائد عن الحد المسموح به من خامات المفاعلات النووية، أعلنت إيران في 22 نوفمبر الماضي، نقل 11 طنًا من الماء الثقيل إلى سلطنة عمان، وهو ما أبدت به الجمهورية الإسلامية حسن النوايا، وإن لم تعلن إلى اليوم عن بيعها إلى أي جهة.
لكن مناوشات جديدة أحاطت بالاتفاق النووي، بعيدًا عن المفاعلات وموادها، تمثل أبرزها في عدد من القرارت والتصريحات "الإيرانية- الأمريكية" المرتبطة به، وكان أبرزها قرار أصدره الكونجرس الأمريكي أوائل الشهر الجاري، بتمديد العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 أعوام مقبلة.
وقبل موافقة مجلس الشيوخ على مشروع قانون تمديد العقوبات، ومنذ كان لا يزال في يد مجلس النواب الأمريكي، نوفمبر الماضي، وكانت إيران تتوعد على لسان أعلى سلطة فيها، المرشد آية الله على خامنئي، بـ"رد انتقامي"، إذا أقرت الولايات المتحدة العقوبات، والتي اعتبرها "انتهاكًا للاتفاق النووي".
وبعد أقل من شهر، من موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على تمديد العقوبات، وجّه الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأسبوع الماضي، وكالة الطاقة الذرية المحلية، بتطوير البرنامج النووي "السلمي"، من خلال تصنيع محرك بالدفع النووي لاستخدامه في مجال النقل البحري، وقال صراحة إن قراره صدر "نظرًا للإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية حتى الآن في إهمال وخرق الاتفاق النووي، وإثر تمديد قانون العقوبات".
وأتت هذه التصريحات والقرارات، فيما بعد إعلان فوز الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو من وصف الاتفاق النووي بشأن البرنامج الإيراني بأنه "أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق".
ويمنح قرار تمديد العقوبات ضد إيران- التي كانت ستنتهي بنهاية 2016- "ترامب" فرصة للتعامل مع الملف الإيراني، خاصة وأن وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت في وقت سابق أن بإمكانه الانسحاب من هذا الاتفاق، والذي سبق وأن وصفه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسه، بأنه "لا يزال هشًا".
وأخيرًا، لن تأتي زيارة "أمانو" الحالية، محاطة بما سبق فقط من مخاوف ومناوشات، فالأحداث متجددة على الدوام، وكان آخرها اليوم، الذي شهد استدعاء طهران، السفير البريطاني في أراضيها، للاحتجاج على تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، خلال قمة مجلس التعاون الخليجي، الأسبوع الماضي، ووصفها طهران بأنها تقدم على "أعمال إقليمية عدوانية في دول عربية مثل لبنان، والعراق، واليمن، وسوريا، والخليج".