أتوجه بالشكر لأخي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
كما أود أن أعرب عن خالص التقدير للجهود المخلصة التي بذلها أخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، في سبيل دعم العـ، العمل العربي المشترك، خلال ترؤس الجزائر للقمة العربية.
الأخوة الأعزاء،
لقد مرت منطقتنا خلال السنوات الأخيرة بظروفٍ استثنائية قاسية، هددت على نحو غير مسبوق أمن وسلامة شعوبنا العربية، وأثارت في نفوس ملايين العرب القلق الشديد على الحاضر والمستقبل.
لقد تأكد لكل ذي بصيرة أن الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، فرض عين وضرورة حياة لمستقبل الشعوب ومقدراتها، فلا يستقيم أبدًا أن تظل آمال شعوبنا رهينة للفوضى والتدخلات الخارجية التي تفاقم من الاضطرابات وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود.
إن الاعتماد على جهودنا المشتركة، وقدراتنا الذاتية والتكامل فيما بيننا، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا، أصبح واجبًا ومسؤولية. كما أن تطبيق مفهوم العمل العربي المشترك يتعين أن يمتد أيضًا للتعامل مع الأزمات العالمية، وتنسيق عملنا ل(كلمة غير واضحة) وفي القلب منها مؤسسات التمويل وبنوك التنمية الدولية التي ينبغي أن تكون أكثر استجابة لتحديات العالم النامي، أخذًا في الاعتبار أن حالة الاستقطاب الدولي أصبحت تهدد منظومة العولمة التي كان العالم يحتفي بها وتستدعي للواجهة صراعًا لفرض الإرادات وتكريس المعايير المزدوجة في تطبيق القانون الدولي.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
لقد تابعنا بالحزن والألم تصاعد حدة بعض الأزمات العربية خلال الفترة الماضية، لاسيما ما ينتج عن أعمال التصعيد غير المسؤولة من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وآخرها ما شهده قطاع غزة. وبينما تؤكد مصر استمرار جهودها لتثبيت التهدئة، إلا أننا نحذر من أن استمرار إدارة الصراع عسكريًا وأمنيًا، سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على حدٍ سواء.
ولعله من الملائم أن نعيد اليوم تأكيد تمسكنا بالخيار الاستراتيجي بتحقيق السلام الشامل والعادل، من خلال مبادرة السلام العربية، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولة ومطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
واشتعلت كذلك أزمة جديدة في السودان الشقيق، تنذر إذا لم نتعاون في احتوائها بصراع طويل وتبعات كارثية على السودان والمنطقة، كما تستمر الأزمات في ليبيا واليمن، بينما بما يفرض عـ، يفرض تفعيل التحرك العربي المشترك لتسوية تلك القضايا على نحو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وفي نفس السياق، فإن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تعد بمثابة التفعيل العملي للدور العربي، وبدء مسيرة عربية لتسوية الأزمة السورية، استنادًا إلى المرجعيات الدولية للحل، وقرار مجلس الأمن رقم 2254
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
مع إدراكنا أن الأمن القومي العربي هو كلٌ لا يتجزأ، فقد حان الوقت لأخذ زمام المبادرة للحفاظ عليه، بما في ذلك من خلال الخطوات المهمة ال، التي بادرت بها دولنا في الفترة الماضية، لضبط إيقاع العلاقات مع الأطراف الإقليمية غير العربية، التي نتطلع منها لخطوات مماثلة وصادقة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ختامًا، أؤكد أن مصر بما عهدتموه عنها على الدوام، ستدعم بكل صدق وإخلاص جميع الجهود الحقيقية لتفعيل الدور العربي، إيمانًا منها بأن المقاربات العربية المشتركة هي الوسيلة المثلى لمراعاة مصالحنا، وتوفير الحماية الجماعية لشعوبنا، ودفع مسيرة التنمية خطواتٍ كبيرة للأمام.
شكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (تصفيق)
...
ألقيت الكلمة في مدينة جدة، بالمملكة العربية السعودية، حيث شارك الرئيس في الدورة الـ٣٢ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.
...