يُكمل الباحث والصحفي المصري إسماعيل الإسكندراني، الثلاثاء، عامًا كاملاً قيد الحبس الاحتياطي.
وألقت قوات الأمن القبض على الإسكندراني في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بمطار الغردقة الدولي. ووجهت النيابة اتهامًا له ببث أخبار كاذبة والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين.
وكان الإسكندراني قريبًا من مغادرة السجن حين قررت المحكمة إخلاء سبيله قبل أن تستأنف النيابة على القرار، ويتم قبول الاستئناف ويجدد حبسه 45 يومًا جديدًا.
"أنا أحب سيناء"
"سكندري النشأة والمسكن.. سيناوي الهوى.. لا أدرى هل تركت قلبي بين نخيل العريش.. أم لا يرويني سوى خليج وبحر شرقيّ القناة".. بتلك الكلمات عرّف الإسكندراني نفسه على مدونته "أنا أحب سيناء" التي أنشأها في مايو/أيار 2011.
فتح الإسكندراني، منذ ذلك التاريخ، نافذة جديدة على سيناء. تظهر منها الروايات غير الرسمية لأحداث مختلفة وقعت في شبه الجزيرة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني.
ودأب إسماعيل على رسم التفاصيل الكاملة للمجتمع السيناوي رافضًا ما وصفه أكثر من مرة بـ"النظرة السطحية من سكان القاهرة" للمحافظة الحدودية.
وقال في أول تدوينة له شارحًا أهداف المدونة "تهتم بشؤون سيناء العزيزة، التي أهملها نظام المخلوع مبارك، واحتلها زبانيته، فاحتقروا أهلها، واحتكروا خيرها.. سيناء الحقيقية، حيث الناس والزرع والمياه الجوفية، لا سيناء المنتجعات والسياح والعسكر. سيناء النخيل والفاكهة، لا سيناء الكافيار والملاهي الليلية.. سيناء الشمال والوسط، كما هي سيناء الجنوب. سيناء رفح والشيخ زويد وبني عبد، كما هي سيناء شرم الشيخ والطور وراس شيطان".
ستقرأ في مدونته تقريرًا مفصلاً عن التسليح في سيناء؛ خريطة انتشاره ومصادره وأهداف حيازته. سينقل أيضًا روايات موثقة من الأهالي عن العمليات التي أعلنت عنها القوات المسلحة "لتجفيف منابع الإرهاب" يخالف أغلبها الروايات الرسمية التي ذكرها الجيش المصري.
انتشار واهتمام رئاسي
على فيسبوك، جذب إسماعيل آلاف المتابعين لحسابه، الذي تم حذفه من موقع التواصل بعد القبض عليه بناءً على دعوة أطلقها مقربون من الإسكندراني "خوفًا من استخدام منشوراته دليلاً ضده خلال التحقيق معه" على حد قولهم.
وكان الصحفي المصري، حريصًا على نشر أخبار حصل عليها عبر مصادره الخاصة. إضافة إلى منشورات أخرى تحليلية مُطوّلة عن الوضع المتأزم في سيناء.
وبدا حساب الإسكندراني قِبلة للباحثين عن معلومات "موثّقة" عن سيناء استنادًا إلى معرفته التفصيلية بشبه الجزيرة ومصادره المتعددة هناك.
وكشف الإسكندراني عبر فيسبوك إنه خلال فترة حكم الإخوان المسلمين تواصل معه مقربون من الرئاسة؛ في محاولة للتعاون ووضع حلول يمكن تطبيقها على أرض الواقع.
ووفقًا للصحفي المُخلى سبيله فإن التعاون لم يتم لأن مسؤولين "أزعجهم الانتقاد الحاد والمتكرر " الذي يوجهه إسماعيل لجماعة الإخوان المسلمين.
ولم تُعلق جماعة الإخوان او الرئاسة على ما ذكره الإسكندراني وقتها.
وفي تلك الفترة، بدأ الباحث الشاب نشر مجموعة من المقالات والتقارير في صحف عربية ومواقع الكترونية مصرية بالإضافة إلى دراسات في مراكز بحثية مختلفة عن سيناء.
انتقادات حادة
دأب الإسكندراني بعد عزل مرسي على انتقاد السلطة الجديدة سواءً فيما يتعلق بإدارة ملف سيناء أو غيرها من الملفات.
ووثق إسماعيل "انتهاكات" قام بها الجنود المصريون على حد وصفه ضد أهالي شمال سيناء من المدنيين خلال الاشتباكات مع الجماعات المسلحة.
مع اتساع رقعة العمليات الإرهابية التي تمددت لتغادر سيناء وتنتقل إلى محافظات القناة ثم الدلتا وأخيرًا القاهرة، كان الباحث حريصًا على التحليل المستمر لحراك الجماعات وقدرتها على الانتشار والتأثير.
وأثار تقرير كتبه الإسكندراني في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عن اختراق تنظيم الدولة الإسلامية القوات البحرية المصرية وتجنيد بعض أفرادها جدلاً كبيرًا.
وجاء التقرير عقب خبر مقتضب عن اشتباكٍ قامت به قطع من البحرية المصرية أمام سواحل مدينة دمياط.
ووفقًا للتقرير، الذي نشره موقع "المدُن" دون ذكر لاسم المحرر، ونسبه الإسكندراني لنفسه على "فيسبوك" فإن تنظيم "الدولة الإسلامية" نجح في تجنيد أحد الضباط الكبار بالبحرية، وقام الضابط بتسهيل تسلل عناصر التنظيم لأحد القوارب لمهاجمة قطع تابعة للقوات البحرية.
وعضدت روايات مشابهة انتشرت لاحقًا على منتديات جهادية الرواية التي ذكرها الإسكندراني.
غادر الإسكندراني مصر. ونشر لاحقًا مقاطع من ندوات في عواصم أوروبية وفي الولايات المتحدة تحدث خلالها عن سيناء و"تهجير أبنائها" والوضع الأمني بها.
وعند عودته إلى مطار الغردقة كانت القيود في انتظاره. ونددت جماعات حقوقية داخل مصر وخارجها وصحف وموافع إلكترونية تعاون معها الإسكندراني بحبسه.