أعلنت الإكوادور اليوم تقييد خدمة الإنترنت لمؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج: "منعًا للتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية".
وصدر قرار الإكوادور بحق "أسانج"، الذي يُقيم ويعمل في سفارتها بالعاصمة البريطانية لندن، بعد نشر "ويكيليكس" وثائق مُسربة لهيلاري كلينتون، مُرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية، ما تسبب في أزمة سياسية بعد أن اتهمت المُرشحة روسيا بتسريب تلك الوثائق، بمساعدة من ندها في الانتخابات دونالد ترامب.
وأشارت الوثائق المُسربة إلى تلقي كلينتون لمبالغ مالية لقاء خطابات ألقتها.
وعللّت وزارة الخارجية الإكوادورية، في بيان صادر عنها هذا القرار، بأنها "تحترم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولا تتدخل في عمليات انتخابية خارجية أو تفضل مرشحا بعينه".
وعلى الرغم من تأكيد الإكوادور، في بيان آخر نشره حساب وزارة خارجيتها على تويتر، أنها لم تحرّم "أسانج" من حمايتها له بموجب تمتعه بحق اللجوء السياسي إليها، وأن هذه الحماية ستبقى مبسوطة عليه طالما بقيت أسبابها؛ إلا أن هذا لا ينفي أن مؤسس "ويكيليكس" يواجه الآن أحدث الحلقات في سلسلة المتاعب التي يواجهها منذ انطلاق منصة التسريبات.
لعنة معاداة "واشنطن"
دشن الصحفي والمُبَرمج "أسانج" في عام 2006 موقعه "ويكيليكس"، للكشف عن وثائق وصور سرّية، وكان أبرزها ما نُشر عام 2010 عن جنود أمريكيين يطلقون رصاصهم على 18 عراقيًا.
وعاملت الولايات المتحدة الأمريكية جوليان أسانج باعتباره "جاسوسًا وخارج عن القانون"، وقرر مكتب التحقيقات الفيدرالية فيها إجراء تحقيقات جنائية بشأنه، وهو ما دفعه للجوء لسفارة الإكوادور في لندن عام 2012، خشية ترحيله إلى السويد أو الولايات المتحدة، حيث سيواجه أوامر اعتقال وقضايا وتحقيقات.
وكشفت وثيقة صادرة عن وزارة العدل الأمريكية، عام 2014، أن "أسانج" لايزال مستهدفًا من قبل "إف بي أي" في التحقيقات التي بدأت منذ عام 2010، بعد اعتقال السلطات الأمريكية أحد جنودها، ويدعى برادلي مانينج، وصدور قرار بتسريحه من الجيش ومحاكمته بتهمة "التجسس، والتزوير، وانتهاك قوانين الإنترنت، وسرقة حوالي 700 ألف وثيقة دبلوماسية وعسكرية سرية ونقلها إلى موقع ويكيليكس".
وتفاقمت أزمة "أسانج" عندما قررت عدة شركات أمريكية وقف التعاون مع "ويكيليكس"، وعلى رأسها "أمازون" و"باي بال" و"فيزا" و"ماستر كارد"، التي أوقفت جميعها خدمات التبرع لموقع ويكيليكس.
وتزامنت مقاطعة الشركات مع قرار اتخذه بنك "بوست فايننس" السويسري بتجميد أرصدة "أسانج"، بدعوى أنه "قدم معلومات مزيفة عن محل إقامته عند فتحه الحساب البنكي"، ما كبّده خسارة تقدر بـ31 ألف يورو.
"طريد العدالة" السويدية
واحدة من مشكلات "أسانج" إلى الآن، هي توجيه السويد اتهامات له أواخر عام 2010، بموجب 4 دعاوى قضائية في 4 قضايا تتعلق بارتكاب جرائم "اغتصاب، وسوء سلوك جنسي"، وُضِع بسببها على "النشرة الحمراء" لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول".
وأثّرت تلك الدعاوى على "أسانج" في نواحٍ عدة، إذ كان واحدًا من دوافعه للجوء لسفارة الإكوادور في لندن، خوفًا من أن ترحلّه السلطات في بريطانيا، التي كانت يتواجد على أراضيها إلى السويد ومنها للولايات المتحدة. ما دفع أمريكا لفرض طوق أمني حول مقر تواجده- السفارة- في محاولة للقبض عليه. واستمر الأمريكيون في مراقبة السفارة حتى العام الماضي.
وتسببت الملاحقة القانونية لـ"أسانج" في رفض فرنسا طلبًا تلقته منه باللجوء لها عام 2015، وهو العام نفسه الذي قررت فيه السلطات القضائية السويدية وقف التحقيقات في 3 من القضايا ضده، لانتهاء مهلتها القانونية، لتتبقى أمامه قضية واحدة فقط تتعلق بالاغتصاب، لن تسقط تحقيقاتها قبل عام 2020.
وحتى 4 أعوام مقبلة، سيبقى "أسانج"- القابع في سفارة الإكوادور بلندن الآن دون إنترنت- رهينة الملاحقة القانونية، بجانب ما يتردد عن مخاطر تعرضه للقتل بسبب التسريبات، والتي أكسبته عداوات دولية من جهات على رأسها الولايات المتحدة.