قال مصدر قانوني مساء أمس الخميس إن نيابة أمن الدولة العليا قررت حبس 12 شخصًا من أقارب وأنصار رئيس حزب الكرامة المستقيل والمرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة أحمد الطنطاوي، بينهم عمّه وخاله، بتهم تنوعت بين الانضمام لجماعة إرهابية وحيازة مفرقعات ومنشورات، فيما أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة إنها تدرس "جدوى استمرارها" في الحوار الوطني الذي انطلق أول أمس الأربعاء.
وذكر المصدر القانوني، الذي تحدث إلى المنصة مفضّلًا عدم ذكر اسمه، أن إجمالي المقبوض عليهم من أنصار الطنطاوي في كفر الشيخ، منذ يوم 3 مايو/أيار الجاري، بلغ "حوالي 12 واحد من أصدقائه وأقاربه".
وأكد المصدر الذي اطلع على سير التحقيقات أسماء ثمانية منهم، وهم، بالإضافة إلى عم الطنطاوي محمد نجيب وخاله سيد عطية: سعيد محمد أبو الجدايل، هاني حسين عبد العليم، أحمد جميل سعيد، تامر فتح الله حسن، علي محمد محمد الحداد، وحمدي حمدون.
إلى ذلك، وجه الطنطاوي في فيديو نشره على صفحته الموثقة على فيسبوك "رسالة للسلطة"، قال فيها "إذا كنتم اكتشفتم فجأة قبل 48 ساعة من عودتي إلى مصر، أن هناك ما استحق العقاب بشأنه، فأنا قادم إلى مصر، ولم يكن هناك أي داع لعدم الصبر يومين حتى أعود، واعتقد أن العقاب سيكون على شيء واحد هو التمسك بالأمل، ومقاومة اليأس والانفجار".
كان الطنطاوي، المنحدر من مركز قلين بمحافظة كفر الشيخ، أعلن في 20 أبريل/نيسان الماضي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية "للفوز بها" طالما كانت "جادة وحقيقية"، مشيرًا إلى أنه سيبدأ لدى عودته من بيروت والمقررة غدًا السبت على طائرة مصر للطيران، "جولة مشاورات مكثفة" مع الأحزاب والتيارات السياسية والقوى الاجتماعية.
وقضى الطنطاوي تسعة أشهر في بيروت منذ مغادرته إليها في أغسطس/آب الماضي. وخلال مقابلة أجرتها معه بي بي سي بعد شهر من سفره، أوضح أنه مُنع على نحو غير مباشر من الكتابة في مصر، بحجب موقع المنصة الذي كان ينشر فيه أسبوعيًا، وألمح إلى تعرضه لنوع من الضغوط تخص "أقرب الناس" في دائرته الاجتماعية.
وقال المرشح المحتمل في الفيديو الذي بثه أمس "اليوم تكرر هذا السلوك المنفلت المتحلل من الأخلاق، تجاه عمي وخالي ومجموعة من أصدقائي المقربين، ومجموعة أخرى قالوا إنهم من أنصاري. وعلى مدار الأربع سنوات الماضية أخبرني البعض أنهم قابلوا في السجون معتقلين كانوا يُسألون عن دعمهم أو مناصرتهم لي. ولا أعرف ما التهمة في أن مواطنًا مصريًا يدعم سياسيًا، نهجه المعلن والثابت هو الإصلاح".
وأعرب الطنطاوي عن أمله في أن يكون هناك "مجال للعقل، والناس دي ترجع ويبقى فيه إقرار إن السلوك دا غلط. على الأقل وهم بيتكلموا عن صفحة جديدة وعن وطن يتسع للجميع".
وأشار المرشح الرئاسي المحتمل إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يُستهدف فيها أنصاره ومؤيدوه قائلًا "النهارده أنا بتكلم لأن أنا اتعلمت من تجربة مريرة، وصفتها في نهاية أربع سنين بإنه أنا اتعلمت الدرس القاسي عبر الثمن الفادح".
وتابع "الكلام دا قلته يوم ما خرج آخر واحد من أصحابي بعد تلات سنين وشهرين بلا تهمة إلا المحبة، وأستأذن حضراتكم للي عايز التفاصيل كاملة حوالين هذا السلوك من ناحيتهم وهذا الالتزام من ناحيتي، بإنه يرجع لآخر مقال كتبته وعنوانه يعني ما بداخلي تمامًا" في إشارة إلى مقاله "سادتي الستة الأخيار.. وضريبة المحبة الغالية" الذي نشرته المنصة في 21 يوليو/تموز الماضي.
ويوم أمس، وجهت نيابة أمن الدولة العليا لسيد عطية، خال الطنطاوي، تهمًا بحيازة "40 شمروخ و70 مطبوع"، وفق المصدر الذي أضاف أن "النيابة قالت إن المطبوعات مكتوب فيها استعدوا لدخول طنطاوي. هيدخل البلد لو مش بالحُسنى هيبقى بالقوة".
ولفت المصدر إلى أن المتهمين "ماكنش فيه مطبوعات من الأساس معاهم".
أما المحامي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية نبيه الجنادي، وهو أحد المحامين الذين حضروا التحقيقات مع محمد نجيب، عم الطنطاوي، فقال للمنصة "حضرت مع عمه، وماكنش مفهوم بالنسبة لي ولا بالنسبة للمتهم سبب القبض"، لافتًا إلى أن الاتهام الموجه له كان "الانضمام لجماعة إرهابية".
وقدّر الجنادي عدد المقبوض عليهم بـ"مش أقل من عشرة"، موضحًا "بعضهم وُجهت له تهم حيازة مفرقعات". وتابع "حسب كلام المتهمين مش معاهم حاجة".
وخلال التحقيقات، واجه المتهمون أسئلة "عبارة عن تَعرُّف على قصة حياتهم" وفق المصدر نفسه، نافيًا أن يكون أيٌّ منهم أعلن عبر فيسبوك تأييده للطنطاوي، منذ إعلانه الشهر الماضي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2024.
وأكد المصدر ذاته أن كافة المتهمين صدر في حقهم قرار بالحبس 15 يومًا على ذمة القضية 2397 لسنة 2021، موضحًا "منتظر ترحيلهم مش عارفين لسة هيترحلوا فين".
يعيد استهداف أقارب وأنصار الطنطاوي بعد إعلان عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، ما حدث لمن أعلنوا ترشحهم لانتخابات 2018
الحركة المدنية تدرس الانسحاب
وفي سياق متصل، أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة بيانًا قالت فيه إنها تدرس جدوى استمرارها في المشاركة في الحوار الوطني، الذي انطلقت فعاليته أول أمس الأربعاء، في ظل "التطورات المعيقة" لنجاحه. فيما وصف المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي استهداف أقارب الطنطاوي "عدوان على القانون".
ونشر صباحي على فيسبوك أن "القبض على أقارب أحمد الطنطاوي عدوان على القانون والقيم الأخلاقية، وتغليب للعضلات الأمنية على العقل السياسي، وإزهاق لروح الحوار". وأضاف "أطلقوا سراح الأبرياء".
أما الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم عدة أحزاب سياسية معارضة من بينها حزب الكرامة الذي كان يترأسه الطنطاوي، فقالت في بيانها إنها "ستتحلى في هذا الصدد بأقصى درجات ضبط النفس"، ولكنها استدركت بالتأكيد على أن "الاستمرار في ظل هذه الأجواء أمر بالغ الصعوبة".
وأشارت الحركة إلى أنها قررت المشاركة في جلسات الحوار "بعد أن وصل لها تعهدات باستكمال الضمانات التي طالبت بها الحركة وتوافقت عليها مع الجهة الداعية". ومع الإشادة بالمشهد العامر "بتنوع الحضور وفتح المجال للرؤى المستقلة والمعارضة" خلال جلسة افتتاح الحوار الوطني "إلا أننا تفاجأنا بأخبار عن القبض على اثنين من أقارب وعدد من أنصار النائب السابق المعارض أحمد الطنطاوي الذي أعلن عودته إلى مصر في السادس من مايو وأنه ينظر في احتمال خوضه الانتخابات الرئاسية ربيع العام المقبل".
وأعادت الحركة التذكير بأن "نجاح الحوار من ناحية واستمرار الحركة في فاعلياته من ناحية أخرى مرهون بتوفير الأجواء المناسبة، وعلى رأسها مدى توفر الأمن والأمان للأطراف المتحاورة كافة. وتؤكد الحركة أن هذه الممارسات لايمكن فهمها سوى بأنها ممارسات تقف خلفها إرادة واعية لاستبعاد الحركة من الحوار، وهو ما يعني افشال الحوار نفسه".
وتساءل البيان عن إمكانية الاستمرار في الحوار "بينما تطاردنا أخبار الحبس يوميًا لأعضاء الأحزاب وأصحاب الرأي وأقارب السياسيين في ممارسات لا يمكن معها أن ينجح أي حوار جاد وحقيقي يحتاجه المواطنون والوطن؟!".
كان الطنطاوي استقال في يوليو/تموز الماضي، من رئاسة حزب الكرامة، المنخرط في الحركة المدنية الديمقراطية منذ إعلان تأسيسها عام 2017، وسافر إلى العاصمة اللبنانية بيروت. ولكن الحزب رفض استقالته، التي رجّحت تكهنات أن سببها كان الخلاف على مشاركة الحركة المدنية في الحوار الوطني.
ويأتي قرار القبض في لحظة ترقّب تنتظر فيها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تقديم السلطات بادرة للوثوق في جدوى الحوار الوطني. وبينما احتفت لجنة العفو أمس بالإفراج عن بعض المسجونين الاحتياطيين كنتيجة للحوار الوطني، مع تلميح محمد عبد العزيز عضو لجنة العفو عبر فيسبوك إلى إمكانية غلق القضية 173 المعروفة بـ"تمويل منظمات المجتمع المدني" لإعادة الثقة بين الدولة والمنظمات، جاء القبض على ذوي الطنطاوي وأنصاره كخطوة في الاتجاه المعاكس.
ويعيد استهداف أقارب وأنصار الطنطاوي بعد إعلان عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، ما حدث لمن أعلنوا ترشحهم لانتخابات 2018. إذ واجه رئيس الأركان الأسبق سامي عنان تهمة "الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له"، وألقت السلطات الإماراتية القبض على رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق وقررت ترحيله إلى مصر حيث أصدر لدى عودته بيانًا يفيد تراجعه عن هذه الخطوة.