تصوير سالم الريس، المنصة
فلسطينيون يحتفلون في دير البلح بالإعلان عن وقف إطلاق النار، 9 أكتوبر 2025

غزة تفرح بـ"خطة السلام".. والاحتلال يواصل قتل المدنيين

سالم الريس
منشور الخميس 9 تشرين الأول/أكتوبر 2025

احتفل فلسطينيون في مختلف مناطق قطاع غزة، اليوم الخميس، بالإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس إسرائيل، مطالبين بتمكينهم من العودة إلى منازلهم ومناطق سكنهم.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الساعات الأولى من صباح اليوم، عن توقيع إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من اتفاق غزة الذي اقترحته الولايات المتحدة.

ووفق بنود خطة ترامب للسلام، يُتوقع الإفراج عن 250 سجينًا ومعتقلًا فلسطينيًا، مقابل المحتجزين الإسرائيليين الـ47 الموجودين في غزة، ومن بينهم جثامين 25 إسرائيليًا، وكذلك فتح المعابر بالكامل وبدء دخول 400 شاحنة مساعدات يوميًا ترتفع إلى 600 فأكثر خلال الأيام التالية.

وقالت المواطنة أم حسان (39 عامًا) التي نزحت من شمال القطاع إلى وسطه قبل ثلاثة أسابيع، إنها تنتظر سماع خبر بدء انسحاب قوات جيش الاحتلال حتى تستطيع العودة مع أسرتها إلى منزلهم الذي تعرض إلى دمار جزئي خلال القصف الإسرائيلي الأخير على المدينة.

وأضافت لـ المنصة أنها لم تصدق أن الإعلان عن وقف إطلاق النار سيكون قريبًا بعد ما عايشته من قصف وتدمير ونزوح تحت النار مع زوجها وأطفالها، معبرّة عن أمنيتها بعدم العودة للحرب خلال المراحل المقبلة "احنا تعبنا وبتمنى تكون الحرب انتهت للأبد".

ونص الاتفاق بين إسرائيل وحماس على الإعلان الرسمي ظهر اليوم الخميس، على أن تصادق عليه حكومة الاحتلال عصر اليوم، ويتبع ذلك نشر قوائم الأسرى وخريطة الانسحاب للمرحلة الأولى، ومن المقرر فتح باب الاعتراضات الشكلية في محكمة الاحتلال على قوائم الأسرى غدًا الجمعة، ليتبع ذلك، بدء الانسحاب الميداني مساء السبت.

وعبّر الطفل محمود سمعان (12 عامًا) عن فرحته لـ المنصة، قائلًا "نفسي يكون القصف خلص وأقدر أرجع على المدرسة وأشوف صحابي ونلعب مع بعض".

وأضاف أن عددًا من أصدقائه قتلوا خلال الحرب، كان يتمنى لو أنهم على قيد الحياة يشاركوه سعادته بنهاية الحرب والعودة لمنازلهم واللعب سويًا كما كانوا يقضون أوقاتهم بلعب الكرة قبل عامين من الإبادة الجماعية.

ووفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الثلاثاء الماضي، بلغ إجمالي عدد الضحايا خلال عامين من العدوان 67173 قتيلًا، منهم 20179 طفلًا و10427 امرأة و4813 من كبار السن و31754 من الرجال، إضافة إلى 169780 جريحًا.

وأكدت دراسة أممية حديثة أن أكثر من 54600 طفل في غزة يعانون الآن من سوء التغذية الحاد ويواجهون مخاطر متزايدة للوفاة إذا لم يتلقوا العلاج.

وفي سياق آخر، حاول عدد من النازحين العودة من جنوب القطاع إلى شماله عبر شارع الرشيد ظهر الخميس، حيث أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلية صاروخًا واحدًا على الأقل بالقرب من جسر وادي غزة، الأمر الذي أدى إلى إصابة عدد من الشبان بالشظايا ونقلهم إلى مستشفى العودة بمخيم النصيرات وسط القطاع، كما أفاد مصدر صحفي لـ المنصة.

وأشار المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إلى تقدم عدد من العائدين باتجاه مدينة غزة، حيث تقدمت آليات إسرائيلية إلى شارع الرشيد وأطلقت أكثر من 5 قذائف مدفعية بالتزامن مع إطلاق نار كثيف بهدف منعهم من العودة خلال الوقت الحالي.

وتنص الاتفاقية بين حماس والاحتلال، على انسحاب جيش الاحتلال المتوغل في مناطق وسط مدينة غزة وخانيونس إلى خط الانسحاب الأول في مناطق شرق وشمال القطاع، وذلك خلال 24 ساعة من بدء سريان الاتفاق.

يُسمح بعدها بعودة وتنقل المواطنين في مناطق الانسحاب، مع منعهم من العودة إلى مساحات واسعة سيتمركز الجيش ضمنها.

وقال مصدر صحفي ثانٍ لـ المنصة موجود في مدينة غزة، إن الاحتلال أطلق عشرات القذائف والرصاص الكثيف لمنع عودة الغزيين إلى مناطق تمركزه في أحياء تل الهوا والصبرة والرمال الجنوبي، جنوب مدينة غزة، وكذلك منعهم من العودة إلى منطقة الجلاء والنصر ومخيم الشاطئ شمالًا، حيث قتل ثلاثة مواطنين وأصاب آخرين.

وأشار المصدر إلى قصف إسرائيلي بصواريخ من طائرات حربية استهدف ثلاثة منازل مأهولة في شارع مسجد الشمعة، صباح الخميس، ولم تتمكن طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول للأماكن المستهدفة بسبب إطلاق مسيرات النار باتجاههم خلال محاولتهم الوصول لنقل ضحايا وجرحى.

وفي مدينة خانيونس جنوب القطاع، أطلقت الآليات الإسرائيلية الرصاص الكثيف على المواطنين في شارع خمسة وحي الأمل ومنطقة الكتيبة وجورة العقاد، وهي مناطق تقع وسط المدينة، وقال مصدر صحفي ثالث لـ المنصة، إن 5 جرحى وصلوا إلى مُجمع ناصر الطبي جراء إصابتهم بالرصاص خلال محاولتهم العودة إلى منازلهم.

وفي السياق، حذرت اللجنة الوطنية العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة المواطنين من العودة إلى منازلهم في مناطق تمركز آليات الاحتلال خلال الوقت الحالي، مؤكدة ضرورة الالتزام بتعليمات السلامة وتوجيهات الجهات المختصة حفاظًا على أرواحهم.

وأكدت اللجنة في بيان على واتساب ضرورة عدم الاستعجال والعودة حتى انسحاب الاحتلال وإعلان الجهات الرسمية الفلسطينية، مشيرة إلى نشرها لمركبات الإسعاف في الطرقات خلال مرحلة عودة النازحين لتقديم الخدمات والمساعدة الطبية للعائدين فور إعلان انسحاب الاحتلال.

وبدأت المحادثات غير المباشرة بين المفاوضين الإسرائيليين وحماس يوم الاثنين الماضي وأحرزت بعض التقدم، لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين قالوا إن المفاوضات لن تصل إلى موقف حاسم إلا بعد وصول ويتكوف وكوشنر.

ووصل مبعوثا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، أمس إلى شرم الشيخ للانضمام إلى المفاوضات، التي شار فيها أيضًا رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيسي جهازي المخابرات التركي إبراهيم قالن والمصري حسن رشاد، وكبير مستشاري نتنياهو، رون ديرمر.

ومساء الجمعة الماضي، أعلنت حماس موافقتها على خطة ترامب للسلام، التي تتضمن الإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين، أحياءً وجثامين، وفق صيغة تبادل محددة، وتسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على توافق وطني، دون التطرق إلى ملف نزع السلاح أو إعادة الإعمار.

بعدها مباشرة دعا الرئيس الأمريكي إسرائيل إلى وقف الحرب فورًا، لكن جيش الاحتلال لم يلتزم وواصل عملياته العسكرية في مدينة غزة موجهًا إنذارات جديدة إلى الفلسطينيين طالبهم فيها بالإخلاء الفوري نحو جنوب القطاع.