سيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على مساحات وأحياء عدّة في مدينة غزة من خلال توغل الدبابات والآليات العسكرية، وتحليق المُسيّرات مع إطلاقها الرصاص تجاه الغزيين، فيما حذرت حركة حماس في بيان رسمي الاحتلال من زيادة توسيع نطاق عملياته التي ستتسبب بالمزيد من الخطر على حياة المحتجزين الإسرائيليين.
وتوغلت الدبابات التي ترافقها جرافات عسكرية في حي تل الهوا، جنوب غرب غزة، حيث وصلت الآليات إلى مسافة أمتار من شارع الرشيد، وهو الطريق الوحيد المفتوح أمام حركة النازحين نحو وسط وجنوب القطاع.
وقال شاهد لـ المنصة إن الآليات تتحرك بشكل سريع ومفاجئ مما جعل تحرك المواطنين في الشوارع الفرعية محفوفًا بالمخاطر، مضيفًا "الدبابات في المحيط، ممكن الواحد وهو ماشي ما يشوفها لكن فجأة تطلع قريبة منه وهو ماشي بمناطق مكشوفة قبالها، والاحتلال مباشرة بطلع النار على الناس".
وأفاد شاهد ثانٍ لـ المنصة بسيطرة الاحتلال عبر التوغل البري وإطلاق النار على معظم المربعات السكنية في حي تل الهوا وشارع الصناعة، لكنه لا يزال يتجنب قطع شارع الرشيد مع إغلاق الطريق أمام النازحين، متابعًا "على حسب تحركات الجيش، ممكن بأي لحظة نلاقي الدبابة على شارع البحر وتستهدف النازحين، الوضع خطير وكل يوم بزداد خطورة".
وأكد شاهد ثالث لـ المنصة تمركُز الجيش الإسرائيلي في محيط المستشفى الأردني الميداني بشارع الصناعة، حيث تقوم الجرافات الإسرائيلية بأعمال حفر في محيط مبنى المستشفى، بعد إبلاغ الطواقم الطبية الأردنية بضرورة إخلاء المستشفى قبل يومين، مشيرًا إلى صعوبة وصول المواطنين إلى منطقة تمركز الاحتلال في شارع الصناعة وتل الهوا التي تحولت إلى منطقة عمليات عسكرية إسرائيلية.
من جانبها، حذرت حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسام في بيان مقتضب على تليجرام جيش الاحتلال من توسيع نطاق عملياته وسيطرته العسكرية، خاصة في تل الهوا، ملمحة إلى وجود محتجزين أحياء برفقة عناصر المقاومة الفلسطينية في الحي.
وقالت الحركة "كلما زاد توسيع نطاق عملياتكم الإجرامية في مدينة غزة، سيزداد الخطر على أسراكم"، مطالبة الاحتلال بالتراجع الفوري.
في السياق، ارتكب جيش الاحتلال عددًا من المجازر بحق المواطنين في قطاع غزة، الأربعاء وفجر الخميس، ما تسبب في مقتل أكثر من 110 ضحايا وصلت جثامينهم إلى المستشفيات حسب ما أفاد مصدر في وزارة الصحة لـ المنصة، مشيرًا إلى مقتل آخرين ما زالت جثامينهم تحت الأنقاض.
واستهدف الاحتلال بصاروخ حربي فجر الخميس منزلًا مكونًا من ثلاثة طوابق في بلدة الزوايدة وسط القطاع، ما تسبب في مقتل 11 شخصًا وصلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى، وقال مصدر طبي في قسم الطوارئ لـ المنصة إن بعض الضحايا وصلت جثامينهم أشلاء، فيما استقبل المستشفى أكثر من 12 إصابة.
وقال مصدر في الإسعاف لـ المنصة إن عددًا من الضحايا لا تزال جثامينهم تحت الأنقاض بسبب تدمير المنزل بشكل كامل فوق رؤوس سكانه، فيما أفاد أحد الجيران لـ المنصة بأن المنزل كان يؤوي أكثر من 30 مواطنًا من مختلف الأعمار والفئات.
وفي مجزرة ثانية، مساء الأربعاء، قتل 11 شخصًا وأصيب 17 آخرون في قصف استهدف مخيمًا للنازحين في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، حيث استهدف الاحتلال بصاروخ الخيام دون إنذار حسب ما أفاد شاهد عيان لـ المنصة.
وفي مدينة غزة، وصل المستشفيات 55 ضحية، من بينهم 22 ضحية قتلوا في مجزرة ارتكبها الاحتلال جراء استهداف مخيم للنازحين بصاروخ من طائرة حربية، في سوق فراس بالقرب من المستشفى المعمداني بالبلدة القديمة وسط المدينة.
وقال مصدر طبي لـ المنصة إن عددًا من الأطفال والنساء قتلوا في المجزرة، بالإضافة إلى إصابة 21 آخرين، فيما أوضح شاهد عيان لـ المنصة أن الصاروخ تسبب في تدمير عشرات الخيام التي كانت تؤوي نازحين بعدما اضطروا لإخلاء منازلهم بسبب توسع العمليات البرية الإسرائيلية.
وحلقت مسيرات على ارتفاعات منخفضة في أحياء الرمال الجنوبي وشارع جمال عبد الناصر جنوب مدينة غزة، مطلقة الرصاص باتجاه خيام النازحين في محيط جامعتي الإسلامية والأزهر، حيث أصيب ثلاثة مواطنين وصلوا إلى مستشفى الشفاء، فيما اضطرت عشرات العائلات لإخلاء المنطقة وحمل أمتعتهم والنزوح مشيًا إلى جنوب القطاع.
وأوضح ميسرة عبد الهادي، 42 عامًا، لـ المنصة أنّ غالبية المازحين في منطقة الجامعات اضطروا للنزوح خلال الأيام الأخيرة بعد تصاعد عمليات القصف وتدمير الأبراج والمباني والمنازل في المنطقة، إلا أنه بقي هو وعدد قليل في خيامهم بسبب عدم توفر مكان بديل وعدم قدرته على دفع إيجار النقل.
وأضاف "كل يوم الخطر بزيد والقصف بصير أقرب مع تقدم الدبابات، لكن بعد ما أطلقت الطيارات علينا النار اليوم، حسيت بدي أفقد حد من ولادي وقررت نطلع من الخيمة ونحمل أغراضنا ونمشي"، حيث ترك الكثير من الأمتعة والاحتياجات بسبب عدم قدرتهم على حملها، وسلك طريق شارع الرشيد باتجاه وسط القطاع.
وأشار عبد الهادي إلى أنه ليس الوحيد من قرر النزوح مشيًا، حيث غادر غالبية النازحين من منطقة نزوحه، ومشوا تباعًا على الطريق الساحلي، وذلك بسبب إطلاق النار المباشر على خيامهم وإصابة عدد من المواطنين بالرصاص.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ارتكب خلاله جيش الاحتلال مئات المجازر التي أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 164 ألفًا آخرين، وفق البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما مارس الاحتلال سياسة التجويع بفرض حصار شديد على إدخال المساعدات ما أسفر عن وفاة 435 شخصًا بينهم 147 طفلًا نتيجة المجاعة.
وفجر الثامن من أغسطس/آب الماضي، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية/الكابينت خطةً اقترحها نتنياهو "للسيطرة العسكرية الكاملة" على مدينة غزة، ووقتها أعلن جيش الاحتلال أنه سيزود الفلسطينيين في قطاع غزة بخيام ومعدات إيواء استعدادًا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع "حفاظًا على أمنهم".