رفض مجلس الأمن الأربعاء ما أعلنته قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو عن إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ورفض الأعضاء الـ15 في المجلس الإعلان عن إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، معبرين عن "قلقهم البالغ حيال تداعيات هذه الإجراءات التي تُمثل تهديدًا مباشرًا لسلامة أراضي السودان ووحدته، وتُنذر بتفاقم النزاع الدائر في السودان، وتفتيت البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلًا"، وأكدوا في بيان التزامهم الراسخ بسيادة السودان واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه.
وقالوا إن أي خطوات أحادية تُقوّض هذه المبادئ "لا تُهدد مستقبل السودان فحسب، بل تُهدد أيضًا السلام والاستقرار في المنطقة كلها".
وقبل نهاية الشهر الماضي، أعلن تحالف السودان التأسيسي المعروف اختصارًا بـ"تأسيس" تشكيل مجلس رئاسي لحكومة انتقالية برئاسة قائد قوات الدعم السريع، وقرر التحالف خلال اجتماع في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور اختيار محمد التعايشي رئيسًا للحكومة الانتقالية. كما تم تعيين عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية نائبًا لرئيس المجلس الرئاسي.
تشكل هذا التحالف في العاصمة الكينية نيروبي في فبراير/شباط الماضي، ويضم عناصر من قوات الدعم السريع، وحركات مسلحة، وأحزابا سياسية وقوى مدنية. ومن أبرز الحركات والأحزاب المنضوية تحت لواء تحالف السودان التأسيسي "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي تسيطر قواته على مناطق في جنوب كردفان وجبال النوبة، و"الجبهة الثورية" التي تضم عددًا من الحركات المسلحة في دارفور، وأجنحة من حزبي "الأمة" و"الاتحادي الديمقراطي"، بالإضافة إلى مستقلين.
وذكَّر أعضاء مجلس الأمن بالقرار 2736 الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر، ويدعو إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع في المدينة وما حولها "حيث يُخشى انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الشديد".
كذلك عبَّروا عن قلقهم البالغ من التقارير الواردة عن تجدد هجوم قوات الدعم السريع في الفاشر، مطالبين هذه القوات بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى الفاشر.
وحثّ أعضاء مجلس الأمن كل الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي "الذي يسعى إلى تأجيج النزاع وعدم الاستقرار، ودعم جهود تحقيق السلام الدائم، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وأرجأت خلافات حول البيان الختامي بين القاهرة وأبو ظبي انعقاد اجتماع وزاري رباعي بشأن الحرب في السودان، كان مقررًا أن يجمع مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة في واشنطن نهاية الشهر الماضي.
ولطالما أكدت مصر أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية السودانية، في إشارة خاصة إلى المؤسسة العسكرية هناك فيما يتهمها دقلو بدعم الجيش السوداني وتزويده بطائرات يقودها طيارون مصريون لقصف مناطق تسيطر عليها قواته.
فيما تواجه الإمارات اتهامات من السودان بدعم قوات الدعم السريع وارتكاب إبادة جماعية في منطقة دارفور، وهي القضية التي رفضت محكمة العدل الدولية الحكم فيها بداعي عدم الاختصاص.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن 17 منطقة في السودان تصنف الآن على أنها "معرضة لخطر المجاعة"، بما فيها أجزاء من دارفور وجبال النوبة والخرطوم والجزيرة.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي، أفاد دوجاريك أمس بأنه منذ عام عندما تأكدت المجاعة في مخيم زمزم للنازحين وانتشرت منذ ذاك الوقت إلى مناطق في دارفور وكردفان، "ازداد الوضع سوءًا وخصوصًا في مدينة الفاشر" عاصمة ولاية شمال دارفور.
من جهتها، رحبت حكومة السودان ببيان مجلس الأمن، وثمّنت الحيثيات التي وردت فيه، وجددت "التزامها الصارم بالمحافظة على سلامة وأمن واستقرار ووحدة البلاد وسيادتها على أراضيها، وتؤكد استعدادها للعمل مع المجتمع الدولي وفقًا للأسس والقوانين التي تخدم مصالح الشعب السوداني".
وفي مطلع مارس/آذار الماضي، أزاح تحالف تأسيس خلال اجتماع في العاصمة الكينية نيروبي الستار عن دستور جديد يتضمن مبادئ فوق دستورية، وينص على علمانية الدولة، بضغط من جانب "الحركة الشعبية- شمال"، التي انضمت للتحالف إلى جانب قوات الدعم السريع، إلى جانب حركتين مسلحتين يقودهما عضوا مجلس السيادة السابقين الهادي إدريس والطاهر حجر.
كما نصّ الدستور على فترة تأسيسية تمتد لـ10 أعوام، تسبقها مرحلة انتقالية، وتشمل تشكيل جيش وطني بمعايير جديدة، وتقسيم السودان لـ8 أقاليم، على أن تكون مستويات الحكم 3، على رأسها مجلس رئاسي.
وتستمر الحرب بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، نائب البرهان سابقًا، منذ أبريل/نيسان 2023، بعد تفجر صراع على السلطة بين الجانبين، ما أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح 12 مليون شخص، وفق تقديرات المنظمات الدولية.