الصفحة الرسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس السيسي خلال المؤتمر الخامس للشباب، مايو 2018

"الإيجار القديم".. تصريحات السيسي ومدبولي تحيي آمال الملاك وسط غموض متزايد حول مصير القانون

محمد نابليون
منشور الخميس 24 يوليو 2025

بعد ثلاثة أسابيع من الصمت الرسمي حول مصير تعديلات قانون الإيجار القديم، التي أقرها مجلس النواب مطلع يوليو/تموز الجاري، بعثت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أمس، رسالة أمل للملاك في إمكانية صدور القانون قريبًا، في وقت اعتبر عضو بلجنة الإصلاح التشريعي مصير القانون ما زال محاطًا بالغموض.

ومنتصف الشهر الحالي، دخل مشروع قانون الإيجار القديم نفقًا مظلمًا بعد صدور قرار رئيس الجمهورية، بفض دور انعقاد مجلس النواب، في 9 يوليو الحالي، قبل التصديق على تعديلاته، ما أعطى الملاك الأحقية، وفقًا لحكم الدستورية، في رفع دعاوى قضائية للمطالبة بزيادة القيمة الإيجارية لتتماشى مع سعر السوق الحالي، وفتح الباب أمام "فوضى قضائية" وصراع محتمل بين الملاك والمستأجرين، حسب محامية حقوقية وممثل لرابطة الملاك تحدثا لـ المنصة في وقت سابق.

وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قضى بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية في قانون الإيجار القديم، وحدد موعدًا لإعمال أثره المرتبط بوقف العمل بالمادة التي تقرر تثبيت الأجرة، ابتداءً من اليوم التالي لفض دور انعقاد مجلس النواب.

وفي كلمته بمناسبة ذكرى 23 يوليو، قال السيسي، أمس، إن "مصر التي أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات، لن تترك مستحقًا للسكن يقع في دوامة القلق على غده"، وهي الجملة التي اعتبرتها جوليا محمد، إحدى ممثلات ملاك العقارات في جلسات مناقشة مشروع القانون بالبرلمان دلالة على نية الرئيس التصديق على القانون، رغم أن السيسي لم يشر في كلمته صراحة لقانون الإيجار القديم وتعديلاته.

وقالت جوليا محمد لـ المنصة، "أول مرة أحس إني مالكة عقار، الرئيس السيسي رجعلنا حقوقنا".

ولعل ما زاد من ذلك الأمل، تصريحات رئيس الوزراء أمس، خلال الاجتماع الحكومي الأسبوعي، التي أكد فيها أن الحكومة بدأت إعداد اللائحة التنفيذية لتعديلات القانون، تمهيدًا لتطبيقه، على الرغم من عدم تصديق رئيس الجمهورية عليه.

لكن هذه المؤشرات لا تُقنع رئيس اتحاد مستأجري مصر شريف الجعار، الذي يرى في تصريحات الرئيس ما يشير إلى تحفظه على بعض مواد القانون، خاصة المهلة الزمنية المحددة لإخلاء الوحدات المؤجرة والتي حُددت بسبع سنوات.

وأشار الجعار لـ المنصة إلى أن الجريدة الرسمية نشرت أمس فقط عشرة قوانين جديدة صدّق عليها الرئيس تخص ربط موازنة هيئات اقتصادية وعامة، دون أن يكون من بينها قانون الإيجارات، معتبرًا ذلك دليلًا على وجود "تردد" في إصدار القانون، متسائلًا "لما الرئيس يصدر هذا العدد من القوانين وليس من بينها تلك التعديلات فده معناه إيه؟!".

وشدد الجعار على أن موقف السيسي على مدار هذه الأزمة كان واضحًا من البداية، معتبرًا أنه "لا يجادل في وجود حق لدى المستأجرين وورثتهم من الجيل الأول في المساكن التي يقيمون بها"، وهو ما تكرر، على حد وصفه، في تصريحات السيسي بالأمس والتي رأى فيها أنها تُعرف المستأجر بوصفه "مستحقًا للسكن".

وفسّر الجعار قول السيسي "لن نترك مستحقًا لسكن يقع في دوامة القلق على غده" بأن الرئيس يقصد "أنه لن يضع المستأجر في قلق على مدار المدة الانتقالية للإخلاء التي حددها القانون بسبع سنوات"، باعتبار أن المستأجر هو شخص مستقر وآمن ومستحق لسكنه لمدة جيل واحد من ورثة المستأجر الأصلي، وهو ما يتفق مع ما أقرته المحكمة الدستورية للمستأجرين من حقوق.

أما تصريحات مدبولي حول اللائحة التنفيذية، فاعتبرها الجعار امتدادًا لموقف معروف بانحيازه للملاك منذ توليه حقيبة الإسكان عام 2014، مشيرًا إلى أنه "لو أراد الرئيس إصدار القانون لأصدره، خاصة وأنه يمارس سلطته في التصديق على القوانين بشكل طبيعي".

على الصعيد الفني المرتبط بالإجراءات المتبعة بإصدار القوانين، رفض أستاذ القانون الدستوري وعضو لجنة الإصلاح التشريعي صلاح فوزي، اعتبار تصريحات مدبولي دليلًا على صدور القانون أو حتى قرب صدوره، معتبرًا أن عمل الحكومة على إعداد لائحته التنفيذية هو شيء يمكن اعتباره من الناحية الفنية "أمرًا معتادًا"، قائلًا "أي قانون يكون له لائحة تنفيذية، المفروض إن الجهة المسؤولة عن اللائحة تبدأ تشتغل فيها بالتوازي مع مناقشة القانون".

وأوضح أن مصير القانون لا يزال محاطًا بالغموض، وأن الجهة الوحيدة التي يمكنها حسم هذه الأسئلة هي مجلس النواب، الذي يحتسب من وقت إرساله القانون إلى رئاسة الجمهورية، المهلة الدستورية المحددة بـ30 يومًا للتصديق عليه أو الاعتراض.

ومطلع يوليو الماضي، وافق مجلس النواب بشكل نهائي على مشروع القانون الذي أثار جدلًا كبيرًا خلال الأيام الماضية، بعد أن أقر فترة انتقالية لسبع سنوات، تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية في الأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغرض السكن، وخمس سنوات لغرض غير السكن، مع إلزام المستأجر بإخلاء العين المؤجرة وردها إلى المالك بنهاية هذه الفترة.

ويلزم القانون الحكومة بتوفير بدائل سكنية للمستأجر الأصلي وزوجه/زوجته قبل عام على الأقل من تاريخ انتهاء الفترة الانتقالية المنصوص عليها في القانون.