تصوير سالم الريس، المنصة
قتلى ومصابون في مجزرة إسرائيلية قرب مركز توزيع مساعدات في منطقة زكيم، 20 يوليو 2025

إسرائيل تواصل قتل وحصار سكان غزة.. و"الصحة" تعلن وفاة 18 شخصًا بسبب الجوع

سالم الريس
منشور الاثنين 21 يوليو 2025

كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الإثنين، القصف الجوي والبري على مناطق جنوب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، مستهدفًا المنازل والمساجد ومخيمات النازحين، وسط استمرار فرض سياسة التجويع واستهداف الفلسطينيين قُرب نقاط توزيع المساعدات، فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة 18 شخصًا بسبب الجوع وسوء التغذية.

ودعا جيش الاحتلال، عبر بيان نشره المتحدث باسمه للإعلام العربي أفيخاي أدرعي على إكس، السكان إلى إخلاء مساكنهم والتوجه إلى منطقة المواصي غرب خانيونس، بزعم "استهداف البنية التحتية لفصائل المقاومة".

وأدى القصف إلى نزوح جماعي جديد، خاصة من العائلات التي لجأت سابقًا إلى دير البلح هربًا من العمليات العسكرية، وقال عبد الله أبو سنيمة، وهو نازح من شرق رفح، لـ المنصة، إنه اضطر لمغادرة خيمته مجددًا مع أسرته دون أن يعلم وجهته، مضيفًا "كل مرة بنحاول نستقر بجبرونا نرجع ننزح، والآن المواصي صارت مكتظة وما في مكان".

وشهدت دير البلح غارات عنيفة منتصف الليل استهدفت ما لا يقل عن 15 منزلًا ومسجدًا وأراضٍ زراعية، بحسب شاهد عيان لـ المنصة، رفض النزوح خلال ساعات النهار من منزله، مشيرًا إلى كثافة القصف الذي تتعرض له المنطقة الجنوبية لدير البلح بشكل متتالي، حيث أطلقت دبابات الاحتلال عشرات قذائف المدفعية من المناطق الشرقية للمدينة، فيما استهدفت الطائرات الحربية بالصواريخ عدّة أهداف أخرى.

وتقدمت آليات الاحتلال العسكرية من شرق دير البلح، عبر محور "ماجين عوز"، حتى وصلت إلى منطقة أبو العجين على شارع صلاح الدين جنوب شرق المدينة، وسط قصف مدفعي وجوي متواصل، حسب شاهد عيان آخر لـ المنصة.

وقال أحد السكان لـ المنصة إن ضابطًا إسرائيليًا هدده هاتفيًا باستهداف منزله إذا لم يغادر فورًا مع عائلته إلى المواصي، وأفاد مصدر صحفي بأن "هذه التهديدات تكررت مع عدد كبير من الأهالي الذين اضطروا للنزوح تحت وطأة القصف والتهديد".

وفي السياق ذاته، واصل جيش الاحتلال توغله في مخيم البريج لليوم الثالث على التوالي، حيث توغلت آلياته أكثر من كيلومتر واحد داخل المناطق الشرقية للمخيم، وسط عمليات تجريف وهدم للمنازل، وقال مصدر صحفي لـ المنصة إن 7 منازل مُخلاة من السكان تعرضت للقصف من الطائرات الحربية ودُمرت بالكامل، مع استمرار إطلاق القذائف باتجاه منازل خالية من السكان.

وبالتوازي مع الهجمات، تصاعدت سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال عبر تقليص إدخال المساعدات إلى الحد الأدنى، وأعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة 18 مواطنًا نتيجة الجوع وسوء التغذية، وقال مصدر طبي لـ المنصة إن مستشفيات القطاع استقبلت 145 قتيلًا خلال 24 ساعة، بينهم 102 قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.

وكان جيش الاحتلال ارتكب مجزرة أمس الأحد، بحق جموع المدنيين أثناء انتظارهم مساعدات عند معبر زيكيم شمال غرب القطاع، وارتفع عدد القتلى إلى 88 فلسطينيًا، فيما أُبلغ الدفاع المدني عن فقدان الاتصال مع أكثر من 20 شخصًا، حسب مصدر طبي بالوزارة لـ المنصة.

وأكد أحد الناجين لـ المنصة أنه شاهد نحو 20 جثمانًا قرب التلال الرملية، غير أنه تعذر الوصول إليهم نتيجة القصف المستمر، وأفاد الدفاع المدني بمحاولات تنسيق مع منظمات دولية لانتشال الجثث، لكنها لم تنجح حتى فجر الاثنين.

وفي بيان شديد اللهجة، عبّر برنامج الغذاء العالمي عن "صدمته العميقة" من الحادث، مشيرًا إلى تعرض حشود المدنيين لإطلاق نار مباشر من دبابات وقناصة جيش الاحتلال رغم حصول البرنامج على ضمانات بعدم تدخل القوات الإسرائيلية في طرق قوافل المساعدات.

وأوضح البرنامج أن الهجوم وقع خلال توزيع مساعدات من قافلة مؤلفة من 25 شاحنة، مضيفًا "أُصيب عدد كبير من المدنيين بجروح خطيرة قد تودي بحياتهم بسبب نقص الأدوية"، مشددًا على أن "قوافل المساعدات تمثل الأمل الأخير للسكان في ظل أزمة جوع غير مسبوقة".

وأكد البيان أن تأمين طرق المساعدات وضمان عدم وجود قوات مسلحة هو ضرورة إنسانية عاجلة، محذرًا من استمرار سقوط ضحايا مدنيين نتيجة الحصار والتجويع.

وأواخر مايو/أيار الماضي، بدأت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من أمريكا توزيع المساعدات الغذائية في القطاع، لكن منذ ذلك الحين يشهد توزيع المساعدات أعمال قتل واستهداف متكررة من قِبل جيش الاحتلال، حتى إن حركة حماس وصفتها بأنها "مصائد موت مدروسة"، واتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير هذه الآلية للقضاء على المدنيين ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية ضد أبناء غزة.

وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة، واستأنفت حربها في القطاع، ولم يتمكن الوسطاء حتى الآن من إتمام هدنة أخرى أو اتفاق شامل يُجبر إسرائيل على إنهاء الحرب.

ولا يزال الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، يتفاوضون على اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ تستضيف الدوحة والقاهرة بدعم من الولايات المتحدة، محادثات منذ أكثر من 11 يومًا لمناقشة مقترح أمريكي بإعلان هدنة مدتها 60 يومًا دون نتيجة إيجابية حتى الآن.