ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت، مجزرة جديدة بحق المدنيين الفلسطينيين خلال محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية من نقطة توزيع أمريكية في منطقة الطينة جنوب مدينة خانيونس، ما أسفر عن مقتل 35 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 100 آخرين، بحسب ما أفاد مصدر طبي في مجمع ناصر الطبي لـ المنصة.
وذكر المصدر أن معظم الإصابات تركزت في الجزء العلوي من الجسد نتيجة إصابات مباشرة بالرصاص الحي، مشيرًا إلى أن بعض الجرحى خضعوا لعمليات جراحية عاجلة بسبب خطورة حالتهم، وأضاف أن المجمع يعاني من نقص حاد في المستلزمات الطبية في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع دخول الإمدادات.
ووفقًا لشهادات جمعتها المنصة، أطلق جنود الاحتلال النار بشكل مباشر على آلاف المواطنين المتجمعين أمام بوابات مركز توزيع المساعدات، قبل أن تُفتح، ما أدى إلى وقوع مجزرة في صفوف الجوعى الذين كانوا ينتظرون الحصول على الغذاء لأطفالهم.
وقال أحد شهود العيان "إحنا جايين بدنا ناكل، ولادنا ماتوا من الجوع ومضطرين نخاطر ونيجي هنا نحاول ناخد أي شي ممكن يتاكل ويسد جوعهم، لا إحنا مسلحين ولا حاملين أي نوع من الأسلحة، وفجأة الجيش صار يطخ علينا بشكل مباشر".
وأوضح شاهد آخر، وهو رب أسرة مكونة من 7 أفراد، أنه لم يتبق أي نوع من الطعام داخل خيمتهم التي نزحوا لها في منطقة المواصي غرب المدينة، مضيفًا "طول الليل الأولاد بيعيطوا من الجوع، لا عندي طحين ولا رز ولا معلبات فول ولا حتى معكرونة، طيب ايش بدي أطعميهم ومن وين أجبلهم وأنا قاعد مش لاقي شغل ولا مصدر دخل".
وأشار إلى أنه يضطر للمشي عدة كيلومترات للوصول إلى مركز توزيع المساعدات، وتابع "مش دايمًا بلحق آخد شي، كتير أوقات بنمشي مسافات طويلة عشان نوصل هنا وما بناخد شي لأن الكميات المتوفرة بتكون محدودة، والحاجة وعدد الناس كتير كبير، صحيح عارفين في مخاطرة ومش أول مجزرة الجيش برتكبها، لكن ما في خيارات تانية".
ويتوافد آلاف النازحين يوميًا إلى نقاط توزيع المساعدات الأمريكية في رفح وخانيونس، إضافة إلى نقطة وسط القطاع في نتساريم، وسط إطلاق نار متكرر من قوات الاحتلال، التي ارتكبت عدة مجازر مماثلة خلال الأسابيع الماضية، ضمن سياسة ممنهجة للتجويع، وفق منظمات حقوقية.
وأكدت مصادر طبية بوزارة الصحة في غزة لـ المنصة وصول 62 جثة إلى مستشفيات القطاع عقب المجزرة، بالإضافة إلى انتشال خمس جثث من مناطق شرق خانيونس قُتلوا في وقت سابق ولم تتمكن طواقم الإنقاذ من الوصول إليها حينها بفعل استمرار القصف.
كانت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من أمريكا أعلنت أواخر مايو/أيار الماضي، بدء توزيع المساعدات الغذائية في القطاع، لكنها تشهد منذ ذلك الحين أعمال قتل واستهداف متكررة من قِبل جيش الاحتلال، حتى إن حركة حماس وصفتها بأنها "مصائد موت مدروسة"، واتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير هذه الآلية للقضاء على المدنيين ضمن سياسة ممنهجة للإبادة الجماعية ضد أبناء غزة.
في سياق متصل، واصلت طائرات الاحتلال غاراتها على مناطق متفرقة من غزة، إذ استهدفت منازل في شرق وغرب المدينة، ما أدى إلى مقتل 16 مدنيًا وصلوا إلى مستشفيي الشفاء والمعمداني، من بينهم والد ضابط الإسعاف يوسف ياسين الذي علم بمقتل والده خلال تواجده بالعمل.
وفي شمال القطاع، أسفر قصف استهدف منزلًا مكتظًا بالسكان عن مقتل أربعة مدنيين بينهم طفل، فيما دمّرت عشرات المباني السكنية في ضربات متفرقة، بحسب ما أفاد مصدر صحفي لـ المنصة.
وتأتي هذه الهجمات وسط تصعيد مستمر في العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تُتهم حكومة الاحتلال باستخدام سلاح التجويع كسلاح حرب، ما يفاقم المأساة الإنسانية لنحو 2.3 مليون فلسطيني يواجهون خطر المجاعة ونقص الدواء.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، رفضت إسرائيل استكمال المرحلة الثانية من هدنة أقرتها في يناير/كانون الثاني الماضي، كان من المقرر أن تمتد إلى نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة، واستأنفت حربها في القطاع، ولم يتمكن الوسطاء حتى الآن من إتمام هدنة أخرى أو اتفاق شامل يُجبر إسرائيل على إنهاء الحرب.