شن جيش الاحتلال الإسرائيلي الاثنين غارات على مواقع في محافظة السويداء السورية، بعد أن تدخل الجيش السوري لاحتواء اشتباكات دامية بين مجموعات مسلحة محلية وأخرى عشائرية، في وقت أعلنت الرئاسة الروحية للدروز في سوريا رفض دخول أي جهات، ومنها الأمن العام، إلى السويداء، وطلبت الحماية الدولية.
وأعلن قائد الأمن الداخلي في السويداء أحمد الدالاتي اليوم فرض حظر تجول في المحافظة الواقعة في جنوب سوريا اعتبارًا من الثامنة صباحًا بالتوقيت المحلي وحتى إشعار آخر، وقال "نهيب بأهالي السويداء الالتزام بالبقاء في منازلهم، ونؤكد ضرورة منع العصابات الخارجة عن القانون من استخدام المباني السكنية مواضع لمواجهة قوات الدولة".
وكانت وزارة الداخلية السورية أعلنت عن "التدخل مباشرةً في المنطقة لفض النزاع وإيقاف الاشتباكات، وفرض الأمن وملاحقة المتسببين بالأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص، ضمانًا لعدم تكرار مثل هذه المآسي، واستعادة الاستقرار، وترسيخ سلطة القانون"، فيما أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ارتفاع عدد قتلى الاشتباكات لأكثر من 100 قتيل.
وقالت وكالة الأنباء السورية إن طيران الاحتلال الإسرائيلي استهدف بثلاث غارات بلدتي المزرعة وكناكر بريف السويداء التي تقع جنوب سوريا وتضم أغلبية من الدروز.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قال قبيل ذلك إنه استهدف "دبابات سورية" بين بلدتي سجين والسميع بريف السويداء، وأضاف أنه "لن يسمح بوجود تهديد عسكري في منطقة جنوب سوريا وسيتحرك ضده".
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن مسؤول عسكري قوله إن استهداف الدبابات السورية في السويداء يأتي على خلفية "هجمات على الدروز"، كما قال مصدر أمني للقناة 12 الإسرائيلية إن "الدبابات السورية تجاوزت ما وصفه بالخط الذي حددته إسرائيل داخل سوريا فهاجمتها الطائرات الإسرائيلية"، حسبما نقلت الجزيرة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن القصف "رسالة وتحذير واضح للنظام السوري"، وإسرائيل لن تسمح بالمساس بالدروز في سوريا ولن تقف مكتوفة الأيدي.
جاء ذلك بعدما قالت الرئاسة الروحية للدروز في سوريا "نرفض دخول أي جهات إلى المنطقة، ومنها الأمن العام السوري وهيئة تحرير الشام"، متهمة إياهما بـ"المشاركة في قصف القرى الحدودية ومساندة مجموعات تكفيرية باستخدام أسلحة ثقيلة ومسيرات".
وحملت الرئاسة "كامل المسؤولية لكل من يساهم في الاعتداء أو يسعى لإدخال قوى أمنية إلى المنطقة"، مطالبة بـ"الحماية الدولية الفورية كحق لحماية المدنيين وحقنا للدماء".
وحسب CNN، اندلعت الاشتباكات جراء قيام مجموعة مجهولة بسلب سائق سيارة خضار من السويداء ما بحوزته على طريق دمشق- السويداء، ضمن سلسلة من الانتهاكات التي شهدها هذا الطريق بحق المدنيين على مدار الشهرين الماضيين، رغم تعهد السلطات السورية بحمايته في اتفاق تم التوصل إليه مع فعاليات دينية واجتماعية في السويداء في مايو/أيار الماضي.
وكنتيجة لهذه الحادثة، أقدمت مجموعة محلية مسلحة على خطف عدد من المواطنين المنتمين لعشائر البدو لتقوم فصائل مسلحة تابعة للعشائر أيضًا بخطف عدد من المواطنين الدروز ما أدى لاشتعال صراع مسلح، وتم الإفراج عن المخطوفين من الجانبين بحلول فجر الاثنين وسط مساع للتهدئة.
وشهد الساحل السوري أحداث قتل طائفي في مارس/آذار الماضي كانت الأعنف منذ 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما أطاحت المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام بنظام بشار الأسد الذي فر إلى روسيا، بعد هجوم مباغت شنته ضد النظام السوري في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقتها أعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة عليا للحفاظ على "السلم الأهلي"، وأخرى للتحقيق في الأحداث التي راح ضحيتها أكثر من 1000 شخص وإحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، اقتحمت قوات إسرائيلية المنطقة منزوعة السلاح التي أقيمت داخل الأراضي السورية بعد حرب عام 1973، للمرة الأولى منذ توقيع اتفاق فض الاشتباك. وقتها، أعلنت إسرائيل انهيار الاتفاقية، وقالت إن مجلس الوزراء قرر احتلال منطقة جبل الشيخ الحدودية السورية المحاذية للجولان المحتل.
ورغم تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الشهر الماضي اهتمام بلاده بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا ولبنان، اشترط في الوقت نفسه أن "تبقى الجولان معنا، سيكون ذلك إيجابيًا لمستقبل إسرائيل"، وهو ما كرره في أكثر من مناسبة مؤكدًا أنه "لا تفاوض على مصير هضبة الجولان في أي اتفاق سلام".