أكدت أربعة مصادر مطلعة بوزارة الزراعة والمجلس التصديري للحاصلات الزراعية واتحاد الصناعات لـ المنصة أن الحكومة لا تدرس في الوقت الراهن فتح باب تصدير الأرز بشكل رسمي، على الرغم من التوقعات بوجود فائض كبير في الإنتاج خلال الموسم المقبل، وذلك لاعتبارات تتعلق بالموقف المصري في ملف سد النهضة والحديث عن تأثر حصة مصر من المياه.
وتشير التصريحات الرسمية المصرية إلى تسبب بناء سد النهضة الإثيوبي في تقليل حصة مصر من المياه بشكل كبير، إذ تعتمد القاهرة على مياه النيل بنسبة 98%، وعلى الرغم من ذلك فإنها تحقق فائضًا في إنتاج الأرز، المحصول شديد الاستهلاك للمياه، وتقوم عدد من الشركات بتصديره رُغم قرار حكومي بحظر ذلك.
وجددت مصلحة الجمارك العام الماضي قرار حظر تصدير الأرز الساري منذ أكثر من ثماني سنوات، للحفاظ على الموارد المائية الشحيحة، غير أن هذا القرار لم يمنع بعض الشركات من الإعلان عن عمليات تصدير، فقد ذكرت شركة "أبناء سيناء" التابعة لمجموعة العرجاني، بعد ستة أيام فقط من إعلان الحظر، أنه تم تصدير الأرز إلى 18 دولة، حسب ما نشره مدى مصر.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت مصر انتهاء المسارات التفاوضية بشأن سد النهضة، مؤكدةً في بيان لوزارة الري أنها ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر.
وقال مصدر بارز بوزارة الزراعة مطلع على ملف المحاصيل إنه "من الصعب استئناف تصدير الأرز في الوقت الحالي بشكل رسمي بسبب الموقف المصري من سد النهضة"، فيما توقع رئيس المشروع القومي لتطوير إنتاج الأرز بالوزارة حمدي الموافي أن يبلغ إنتاج الأرز الشعير هذا الموسم نحو 6 ملايين طن، ما يعادل نحو 4 ملايين طن من الأرز الأبيض.
وأوضح الموافي لـ المنصة أن الاستهلاك المحلي يقدّر بحوالي 3.5 مليون طن ما يعني وجود فائض يصل إلى نصف مليون طن على الأقل.
ويبدأ موسم زراعة الأرز في مصر خلال مايو/أيار من كل عام، ويُحصد في الفترة ما بين أغسطس/آب ونهاية أكتوبر/تشرين الأول، بينما يُنتج ويُطرح في الأسواق عبر المضارب بداية من نوفمبر/تشرين الثاني.
ورغم وجود هذا الفائض، استبعد رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية مصطفى النجاري أن تسمح الحكومة بتصديره رسميًا في الوقت الراهن، في ظل استمرار التعنت الإثيوبي بشأن سد النهضة ومواصلة بناء السدود، وهو ما يزيد من حساسية الملف المائي.
بدوره، أشار عضو مجلس إدارة شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات مصطفى عبد الجواد إلى أن بعض الشركات مثل "أبناء سيناء" استطاعت التصدير استنادًا إلى ترتيبات خاصة، وليست عبر آلية تصدير رسمية مفتوحة لجميع الشركات.
وأوضح عبدالجواد أن الفائض المحقق خلال الموسم الماضي شجع شركات عديدة على تصدير الأرز إلى أسواق الخليج والمغرب وسوريا والأردن وليبيا، بالإضافة إلى دول أوروبية مثل إيطاليا واليونان وبلجيكا.
من جهته، قال عضو شعبة الأرز بغرفة الحبوب مصطفى السلطيسي إن تصدير الأرز يتم في بعض الحالات مقابل سداد رسم صادر بقيمة 150 دولارًا للطن، لكنه يتم دون صدور تصاريح رسمية.
وأشار السلطيسي إلى أن أسعار الأرز شهدت تراجعًا خلال الفترة الأخيرة بنحو 800 جنيه للطن، نتيجة وفرة المعروض وتراجع الطلب المحلي، بالتزامن مع اقتراب موسم الحصاد الجديد.
وبلغ سعر توريد الأرز الشعير للمضارب بين 17 و17.3 ألف جنيه لطن الأرز العريض، وبين 14.2 و14.5 ألف جنيه لطن الأرز الرفيع، بينما تراوح سعر توريد الأرز الأبيض للجملة بين 21 و26.5 ألف جنيه للطن، حسب السلطيسي.