جددت المفوضية المصرية للحقوق والحريات مطالبة السلطات بالتصديق الفوري على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2006 ودخلت حيز التنفيذ عام 2010، ولم توقع عليها مصر التي اتسع فيها نطاق الاختفاء القسري خلال السنوات العشر الماضية.
وبينما تشير هيومن رايتس ووتش إلى أن مصر لم تصادق على الاتفاقية، فإنها توضح أيضًا أن قوانينها "لا تعرِّف (..) بشكل صحيح الاختفاء القسري أو تجرّمه كجريمة منفصلة".
ونوَّهت المفوضية في بيانها الذي نشرته على فيسبوك الخميس الماضي، إلى موافقة الحكومة المصرية خلال المراجعة الدورية الشاملة/UPR في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأربعاء الماضي، على توصية مقدمة من كوت ديفوار وكرواتيا وفرنسا وجامبيا وغانا والمكسيك ومقدونيا الشمالية وجنوب السودان وأوكرانيا، بالتصديق على الاتفاقية.
وأضافت المفوضية أن حملة أوقفوا الاختفاء القسري، التي أطلقتها عام 2015، لطالما طالبت بالتوقيع على الاتفاقية والانضمام الفعلي، مبينة أن الموافقة الشكلية للحكومة لا تكفي، بل يجب أن يتبعه تصديق ومواكبة ذلك بتغيير السياسات الأمنية القائمة بما يضمن التزام السلطات المصرية بوضع حد نهائي للجريمة وضمان عدم تكرارها مستقبلاً.
واستطردت المفوضية خلال بيانها، "كفى تجاهلًا للتوصيات وغياب الإرادة السياسية الحقيقية للانخراط الجاد في حماية المواطنين من جريمة الاختفاء القسري، والتي ما زالت تُمارس بشكل واسع ومنهجي في مصر".
وأشارت إلى أن الحملة "ترصد استمرار ممارسات الإخفاء القسري، واستخدامها كأداة لقمع المعارضين وإرهاب المجتمع، في ظل غياب المساءلة وجبر ضرر الضحايا وتقنين الظاهرة من خلال القوانين المحلية، وكذلك الامتناع الواضح عن التحقيق في الشكاوى المقدمة من الضحايا وذويهم، ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب".
وذكر البيان أن الحملة رصدت ووثقت خلال الفترة من أغسطس/آب 2023 وحتى أغسطس 2024 تعرض 438 شخصًا للاختفاء القسري، من بينهم 19 امرأة، ليصل إجمالي عدد الأشخاص الذين وثقت الحملة تعرضهم للاختفاء القسري إلى 4677 حالة منذ بدء عملها في أغسطس 2015.
وقالت إن التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري ليس مجرد إجراء رمزي، بل التزام قانوني يحصّن حياة الأفراد، ويضع أجهزة الدولة تحت المساءلة أمام الدستور والقانون الدولي، منوهة بأن التأخر في التصديق يُعد تقاعسًا عن حماية المواطنين، ويهدر حقوق المواطنين وحمايتهم من تلك الممارسات.
وفي ختام بيانها، طالبت المفوضية بالانضمام الفوري للاتفاقية كخطوة أولى نحو إنهاء سنوات من الانتهاكات، وتحقيق العدالة لآلاف الضحايا وعائلاتهم، وإحالة التوصية إلى السلطات المعنية لبدء إجراءات التوقيع الرسمي عليها وإلى مجلس النواب لمناقشتها علنًا واتخاذ قرار رسمي بالتصديق، وكذلك وقف العمل "بسياسات أمنية تعزز هذه الجريمة" ومحاسبة المتورطين فيها، وتعديل القوانين لتتوافق مع نصوص الاتفاقية، وإنشاء آلية لرصد وتوثيق حالات الاختفاء القسري وتلقي شكاوى الضحايا وذويهم، وإنشاء هيئة وطنية لجبر ضرر ضحايا الاختفاء القسري.
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، أصدر الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تقريره الخاص بمراجعة السجل المصري في حقوق الإنسان، متضمنًا 343 توصية حقوقية من 137 دولة، أبرزها مكافحة الإخفاء القسري وإنهاء تدوير المحتجزين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وضمان حرية الإعلام.
وفي وقت سابق طالبت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة الحكومة المصرية، أمس، بـ"إغلاق جميع أماكن الاحتجاز غير الرسمية"، و"تجريم الإخفاء القسري صراحة"، مع التحقيق في جميع حالاته.