نظم المحامون، ظهر اليوم، وقفة احتجاجية محدودة أمام مقر نقابتهم العامة بوسط القاهرة، اعتراضًا على استمرار فرض ما يُعرف بـ"رسوم الميكنة"، فيما انخفضت مشاركة المحامين في الوقفات الاحتجاجية أمام المحاكم بالمحافظات للمرة الأولى منذ بداية أزمة فرض هذه الرسوم في مارس/آذار الماضي.
وفي كلمته أمام المحتجين، أقر نقيب المحامين عبد الحليم علام بضعف المشاركة، موجهًا اللوم إلى مجالس النقابات الفرعية بالقاهرة الكبرى التي كان يعوَّل عليها في الحشد، ووصفها بـ"الناس المتخاذلة اللي خذلونا في كثير من الأمور"، بينما وجه الشكر للمحامين الذين حضروا من محافظات أخرى لدعم الوقفة.
من جانبه، عزا المحامي الحقوقي وائل عبد الملاك، أحد الحاصلين على حكم ببطلان رسوم الميكنة، ضعف المشاركة إلى "وجود مشاكل داخل النقابة نفسها بين أتباع علام وأتباع سامح عاشور (النقيب الأسبق)، ممن يرون أن مجلس النقابة الحالي لم ينجح في الوصول إلى حل للأزمة عبر ما دعا إليه من قرارات واحتجاجات".
وأكد عبد الملاك لـ المنصة أن ذلك الخلاف "لا يخلو للأسف من المصالح الانتخابية، على أساس رغبة فريق عاشور في إثبات فشل علام ومجلسه في إدارة الأزمة"، مبررًا السبب وراء حالة الاستقطاب تلك بعدم حسم انتخابات النقابات الفرعية، التي سيكون لها دور بارز في دعم النقيب المقبل.
ورغم تجنب علام التطرق صراحة لهذا الصراع، فإن الوقفة حملت إشارات ضمنية له عبر هتافات باسم النقيب الحالي، وهو ما يعد تطورًا في سياق الاحتجاجات التي ارتبطت شعاراتها لأول مرة باسم علام مباشرة، مثل "يا علام قولها قوية.. الرسوم دي مش قانونية" و"يا علام قولها بجد.. العدالة مش ملك حد".
بدورها، نقلت الصفحة الرسمية لنقابة المحامين صورًا من وقفات احتجاجية للمحامين أمام محاكم سوهاج وشمال الدقهلية وشمال البحيرة ومطروح وجنوب البحيرة وبني سويف وأسيوط وبورسعيد وجنوب الدقهلية وطنطا وشمال سيناء وكفر الشيخ، وقالت إنها جاءت اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية.

مشاركة محدودة من المحامين في الوقفة الاحتجاجية أمام مجمع محاكم كفر الشيخ، 25 يونيو 2025لكن عبد الملاك أكد أن عدم المشاركة في الوقفات الاحتجاجية كان السمة الرئيسية في أغلب النقابات الفرعية بالمدن والمحافظات، من بينها نقابته بالمنصورة، لا سيما النقابات التي تترأسها مجالس إدارة محسوبة على النقيب الأسبق عاشور، لافتًا إلى عدم علم عدد كبير من المحامين بالدعوة إلى الوقفة من الأساس بسبب تعمد هذه المجالس عدم نشر الدعوة عبر حساباتها الرسمية في السوشيال ميديا أو نشرها في ساعات متأخرة من الليل.
وحاولت المنصة التواصل مع نقيب المحامين الأسبق سامح عاشور، للتعليق على الأزمة، إلا أنه لم يرد.
واتصالًا بأزمة رسوم الميكنة، عاد علام خلال كلمته للتأكيد على أن احتجاجاتهم على تلك الأزمة لا تعد من قبيل المطالب الفئوية لكنها تأتي لصالح المواطن ولحماية حقوق المحامين الدستورية والقانونية في الدفاع عن المواطنين وكفالة حق الدفاع وتكمين المواطن من الوصول إلى قاضيه الطبيعي.
كما دافع عن عمومية النقابة التي ألغاها القضاء الإداري، مؤكدًا أن النقابة تمسكت في هذه الدعوة بممارسة حقها القانوني والدستوري، لافتًا إلى أن الحكم بإلغائها لم يستند لعيب في إجراء شكلي أو موضوعي "لأ استوفينا كل الإجراءات".
وأشار إلى أن النقابة ستعلن قريبًا نتائج استطلاع رأي بشأن الدخول في إضراب عام عن العمل أمام المحاكم والاعتصام بمقار النقابات الفرعية اعتراضًا على الرسوم، وذلك بعد الانتهاء من جمع استمارات كافة النقابات الفرعية، موضحًا أن مجلس النقابة سيحدد الأربعاء المقبل موعد الإضراب الشامل بناءً على نتائج هذا الاستطلاع.
وبدأت أزمة الرسوم مطلع مارس/آذار الماضي بقرار أصدره رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار محمد نصر سيد استحدث بموجبه رسمًا جديدًا بمسمى "مراجعة الحوافظ" بواقع 33 جنيهًا عن كل ورقة، كما "يغالي في رسوم خدمات إصدار الشهادات لتصل إلى 60.5 جنيه للشهادة، وخدمة الحصول على صيغة تنفيذية من الأحكام التي وصلت إلى 242 جنيهًا"، حسب تصريحات سابقة لعضو مجلس نقابة المحامين ربيع الملواني.
وفي 8 مارس الماضي، أعلن مجلس النقابة العامة للمحامين رفضه لكل هذه القرارات "لتعارضها مع المشروعية الدستورية"، ملوحًا بوقف التعامل مع كل خزائن المحاكم بكل درجاتها في عموم الجمهورية كخطوة أولى في هذا الشأن.
وأكدت النقابة في بيان لها أن "فرض تلك الرسوم خلق مشكلات عديدة تمس حق التقاضي المكفول دستوريًا للجميع، وتنال من حقوق المواطنين والمحامين"، منتقدةً عدم إشراكها في حوار مجتمعي قبل إصدارها "باعتبار أن المحامي هو جزء من المجتمع وشريك للسلطة القضائية بنص الدستور والقانون ويؤدي رسالة سامية".