أكد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، اليوم، إلغاء جولة المحادثات السادسة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج طهران النووي، التي كان مقررًا لها غدًا الأحد، نتيجة للضربات الإيرانية الإسرائيلية المستمرة منذ فجر أمس الجمعة، والتي هددت تل أبيب اليوم بتوسيع نطاقها حتى تحلق المقاتلات الإسرائيلية "في سماء طهران"، وسط مساعٍ دولية للتهدئة.
وقال البورسعيدي في تصريحات صحفية، إن المحادثات المقررة في مسقط غدًا لن تُعقد في موعدها المحدد، مشيرًا إلى أن الدبلوماسية والحوار هما السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن استمرار المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران "لم يعد مبررًا".
وأوضح عراقجي، في اتصال مع مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كلاس، أن "الأعمال العدائية لإسرائيل ناجمة عن دعم واشنطن المباشر".
وتتبادل إيران وإسرائيل الضربات منذ فجر أمس، بعدما شن جيش الاحتلال هجومًا استهدف منع طهران من امتلاك سلاح نووي، وأسفر عن مقتل عدد من القيادات العسكرية والعلماء النوويين البارزين، ردت عليه إيران بإطلاق ست موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل أسفرت عن مقتل ثلاثة وإصابة 172.
وتتهم إيران الولايات المتحدة بالتواطؤ في الهجوم الإسرائيلي المباغت، ونقلت وسائل إعلام رسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي قوله إن الولايات المتحدة "تصرفت بطريقة تجعل الحوار بلا معنى".
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 20 قائدًا عسكريًا كبيرًا في هجماته على إيران، فيما اعتبر أن هيكل قيادة البرنامج النووي في إيران "ينهار".
وفي وقت سابق اليوم، أعلن جيش الاحتلال أنه نجح في اغتيال تسعة من كبار العلماء والخبراء الإيرانيين في مجال العلوم النووية خلال الغارات أمس، وقال إن بينهم من يمثلون "مراكز المعرفة الرئيسية في المشروع النووي الإيراني، ولديهم عقود من الخبرة التراكمية في مجالات تطوير الأسلحة النووية".
تهديدات متبادلة بالتصعيد
في سياق متصل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كلمة اليوم، إن جيش الاحتلال "سيضرب كل موقع وهدف" للنظام الإيراني، متوعدًا بعمليات أكبر خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أن "طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي ستحلق قريبًا في سماء طهران".
وزعم نتنياهو أن "الضربات الإسرائيلية أعادت البرنامج النووي الإيراني إلى الوراء، ربما لسنوات، وسيتم توجيه ضربات أقوى"، وأضاف "لقد ضربنا أيضًا فريق كبار العلماء الذين يقودون المشاريع النووية".
وحذر نتنياهو من "قدرات إيران الصاروخية"، وأردف قائلاً إن "الجيش الإسرائيلي يدمر الآن قدرة إيران على تصنيع الصواريخ الباليستية".
وأضاف "تخيّلوا لو كان لدى إيران 20 ألف صاروخ مثل التي أُطلقت على إسرائيل؟ لهذا نحن نستهدف مصادر الإنتاج نفسها"، معتبرًا أن "الضربات التي نُفذت حتى الآن لا تُقارن بما سيشهدونه في الأيام المقبلة".
في المقابل، حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، من رد "أكثر شدة" إذا واصلت إسرائيل هجماتها، وقال إن "استمرار العدوان الصهيوني سيقابل برد أقسى وأكثر قوة من قبل القوات المسلحة الإيرانية".
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإيراني، أن الجولة المقبلة من الإطلاقات الصاروخية ستشمل نحو 2000 صاروخ، أي ما يعادل 20 ضعفًا من الهجمات التي نُفذت خلال الليلة الماضية وفجر اليوم ضد أهداف إسرائيلية.
ونقلت CNN عن مسؤول إيراني رفيع لم تسمه، قوله إن إيران تعتزم تصعيد هجماتها ضد إسرائيل، وستستهدف القواعد الإقليمية لأي دولة تقدم لها الدعم، مضيفًا أن "أي دولة تحاول الدفاع عن النظام ضد العمليات الإيرانية ستُعتبر قواعدها ومواقعها الإقليمية أهدافًا مشروعة للهجمات".
تحركات للتهدئة
وفي اتصال امتد لـ 75 دقيقة، ناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الملف النووي الإيراني والتصعيد العسكري في أوكرانيا.
وقال ترامب إن المحادثة مع بوتين كانت "جيدة"، لكنها "ليست من النوع الذي سيقود إلى سلام فوري"، مشيرًا إلى أنه شدد على أن الوقت "ينفد" فيما يتعلق باتخاذ طهران قرارها النهائي بشأن امتلاك سلاح نووي.
وأوضح أنه أبلغ بوتين بوضوح أن "إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا"، مؤكدًا أن بوتين وافقه الرأي معربًا عن استعداده للمشاركة في المحادثات مع إيران، وربما لعب دور في تسريع التوصل إلى حل.
فيما تناول الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي، اليوم، الأوضاع الإقليمية والتصعيد الإسرائيلي الجاري في المنطقة، حيث شدد الرئيسان على أن هذا النهج التصعيدي يمكن أن تترتب عليه تداعيات كارثية على المنطقة وعلى الأمن والاستقرار الإقليميين.
وشدد الرئيسان بحسب بيان للرئاسة، على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العسكرية والعودة إلى المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة عمانية باعتبارها السبيل الوحيد للوصول إلى حل سلمي للأزمة الجارية.
كما أكدا أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو1967 وعاصمتها القدس الشرقية يعد الضمان الوحيد للتوصل إلى السلام الدائم واستقرار المنطقة.
وفي اتصال هاتفي، أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، نظيره الإيراني عباس عراقجي، أن موسكو مستعدة للمساعدة في تهدئة الوضع في الشرق الأوسط، منددًا باستخدام إسرائيل القوة ضد إيران.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إن موسكو مستعدة لمواصلة العمل على حل القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.