قال رئيس التحالف العالمي لمناهضة الاحتلال في فلسطين سيف أبو كشك لـ المنصة إنهم لم يتلقوا حتى الآن ردًا رسميًا من السلطات المصرية، سواء بالموافقة أو الرفض، على مبادرتهم تنظيم مسيرة إلى معبر رفح تحت اسم "المسيرة العالمية إلى غزة 2025"، بهدف كسر الحصار على القطاع ووقف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
ووفقًا للدعوة المنشورة للمسيرة، من المقرر أن يلتقي المشاركون من مختلف دول العالم في القاهرة يوم 12 يونيو/حزيران الحالي، مؤكدين أن الحركة لا تنتمي إلى أي حزب سياسي أو أيديولوجية أو دين "بل تمثل الناس بكل تنوعهم، وأن المسيرة سلمية بالكامل، ولا تهدف إلى اقتحام أي حاجز أو حدود بالقوة".
صوت عالمي رافض
وقال سيف أبو كشك، وهو أحد المنظمين للمسيرة، إنها "تضم مشاركين من 54 دولة، وتسعى لإيصال صوت عالمي رافض لاستمرار الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع"، لافتًا إلى تقديم طلبات رسمية عبر السفارات المصرية في الخارج للجهات المعنية "ورغم اللقاءات الودية التي أبدت تفهمًا للاحتياج الإنساني لم تتلقَ المبادرة حتى الآن ردًا رسميًا بالموافقة أو الرفض".
ومن بين المشاركين بالمسيرة صانعة المحتوى والمدافعة عن حقوق الإنسان هانا كلير سميث، وقالت لـ المنصة إنها قررت الانضمام إلى المسيرة بعد حديث مع أحد منظميها، وعلمها بأن المسيرة استجابةٌ لنداء فلسطيني، وأضافت "كنتُ أنشر عن أزمة غزة منذ 19 شهرًا، لكن في مرحلة ما شعرتُ أن ذلك لم يعد كافيًا، وأن المشاركة الفعلية باتت واجبًا أخلاقيًا".
ولا تخفي سميث، التي تحمل الجنسية الأمريكية، غضبها من سياسة بلدها وتحمّل حكومتها مسؤولية مباشرة عمّا يحدث في القطاع، وتقول "الولايات المتحدة ليست فقط متواطئة، بل هي الراعي الرئيسي للإبادة الجارية، ضرائبنا تموّل القنابل والجرافات والرصاص والحصار، كل شحنة أسلحة، وكل فيتو في الأمم المتحدة، هو خيار لإطالة معاناة شعب بأكمله".
وتؤكد سميث أن المسيرة تمثّل لها موقفًا شخصيًا ضد "تواطؤ" بلادها، ووسيلة للتضامن الجسدي، لا الرمزي فقط، مع الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أنهم في المسيرة لن يحاولوا الدخول بأنفسهم إلى غزة "بل نقف تضامنًا مع تلك الجهود الإنسانية ونحاول جذب الانتباه الدولي للمطالبة بالتحرك".
وتعد الولايات المتحدة الداعم الأكبر لإسرائيل بالأسلحة، منذ بدء العدوان على غزة. وأعلنت في مارس/آذار الماضي موافقتها على بيع قنابل ومعدات هدم وأسلحة أخرى لإسرائيل بقيمة تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار.
وكانت هذه ثاني مرة خلال شهر واحد تعلن فيها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة الطوارئ للموافقة السريعة على بيع أسلحة لإسرائيل، وسبق أن استخدمت إدارة الرئيس السابق جو بايدن سلطات الطوارئ للموافقة على بيع أسلحة لإسرائيل من دون مراجعة الكونجرس.
وأشار أبو كشك إلى أن المشكلة الرئيسية ليست في توفر المساعدات بحد ذاتها، بل في "استمرار الإبادة الجماعية والتواطؤ الدولي الذي يسمح لإسرائيل بإغلاق المعابر واستخدام الجوع والدواء والمياه والكهرباء كأدوات حرب".
وأغلقت مصر معبر رفح منذ مايو/أيار 2024، إثر التوغل الإسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية والسيطرة على المعبر من الجانب الآخر. وأعلنت القاهرة آنذاك رفضها إجراء أي تنسيق مع جيش الاحتلال بخصوصه، مطالبة بانسحاب جيش الاحتلال منه.
وفيما يؤكد أبو كشك أن الحراك يهدف إلى الضغط لإنهاء هذه الممارسات وفتح المعابر بشكل كامل وإدخال المساعدات، تحدد سميث ثلاثة أهداف رئيسية لمشاركتها في المسيرة، وتقول إنها تهدف إلى إنهاء الحصار فورًا، والسماح بدخول الغذاء والدواء والموارد بشكل غير مقيّد، لأن "2.2 مليون شخص مهددون بالمجاعة".
وتشير سميث إلى أن من بين الأهداف أيضًا الاعتراف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ورفض استمرار الاحتلال ونظام الفصل العنصري، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، من خلال دعم التحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
وقال أبو كشك إن هناك تنسيقًا مع مبادرات أخرى مثل "أسطول الحرية" و"قافلة تونس/قافلة الصمود"، من منطلق أن هذه الحملات، وإن كانت قائمة بذاتها، تلتقي في هدف واحد هو كسر الحصار، مشيرًا إلى التنسيق المباشر مع "اللجان العمالية المستقلة في غزة" التي وجهت الدعوة الأولى لبدء الحراك.
والشهر الماضي، تعرضت سفينة تابعة لأسطول الحرية لكسر الحصار على غزة لهجوم إسرائيلي بمسيّرتين قرب مالطا، بينما أكد المنظمون والسلطات المالطية عدم وقوع إصابات بين الناشطين المشاركين في الرحلة.
تحديات
حسب أبو كشك، حجز المشاركون في المسيرة تذاكر سفرهم إلى مصر "نتمنى ألا يكون هناك أي تعثر وأن يتم تسهيل المهمة الإنسانية دون أي معوقات"، معربًا عن أمله في أن تسود الروح الودية لإنجاح المهمة.
واعتبر أن بعض الصعوبات التي تواجه المبادرة "إيجابية" نظرًا لحجم الإقبال الكبير من 54 دولة، مما يتطلب جهودًا تنسيقية كبيرة للاستجابة لجميع الاستفسارات وتجاوز التحديات التقنية واختلاف التوقيت، مؤكدًا أن أي صعوبات يواجهونها "لا تقدر بأي قيمة مقابل ما يعانيه الفلسطينيون في غزة".
من جانبه، قال الدكتور حسين دورماز، وهو طبيب مقيم في تركيا وعضو في المبادرة الصحية الدولية، لوكالة الأناضول، إن الحملة ستنطلق من مصر في 12 يونيو الحالي، ويصل المشاركون إلى القاهرة ويتجهون إلى مدينة العريش. ويعتزمون بدء المسيرة باتجاه معبر رفح في 13 يونيو، وإقامة مسيرات في 14 يونيو، ووقفة احتجاجية حاشدة في 15 يونيو، على أن يظلوا في الخيام قرب المعبر حتى 20 يونيو.
وأشار دورماز إلى أنهم من المقرر أن يقيموا خيامًا احتجاجية خلال هذه الأيام الثلاثة "سنُسمع صوتنا للعالم أجمع في رفح لمدة يومين"، مؤكدًا أن المجموعة تواصلت مع مسؤولين مصريين عبر القنوات الدبلوماسية، لكنها لم تحصل على موافقة رسمية حتى الآن.
من جانبها، ترى سميث أن التحدي الأكبر الذي يقلقها "حالة عدم اليقين بشأن التصاريح، فضلًا عن التحدي الجسدي للسير في حرّ الصحراء"، لكنها تعود وتؤكد أن كل ذلك "لا يُقارن بما يواجهه سكان غزة يوميًا تحت القصف والجوع".
ومطلع مارس/آذار الماضي، منعت إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "حتى إشعار آخر" بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقتها إن "تل أبيب لن تسمح بوقف إطلاق النار من دون الإفراج عن محتجزينا، وإذا استمرت حماس في رفضها فسوف تكون هناك عواقب أخرى"، ثم بدأت عدوانًا جديدًا خلال نفس الشهر على القطاع.