وجهت الحركة المدنية الديمقراطية ما أسمته "النداء الأخير" إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، للتدخل وإنقاذ حياة الأكاديمية ليلى سويف، والدة الناشط السياسي المحبوس علاء عبد الفتاح، فيما قالت الأمينة العامة السابقة لنقابة الأطباء منى مينا إن "ليلى في خطر شديد، وصامدة بأعجوبة".
وكانت ليلى سويف البالغة من العمر 69 سنة تحولت إلى الإضراب الجزئي عن الطعام بداية مارس/آذار الماضي، بعد 156 يومًا من الإضراب الكلي للمطالبة بالإفراج عن نجلها أسفر عن تدهور حالتها الصحية واحتجازها بمستشفى سانت توماس في لندن في 25 فبراير/شباط الماضي، رغم ذلك أعلنت العودة إلى الإضراب الكامل في 20 مايو/أيار الجاري.
وعقدت الحركة المدنية مؤتمرًا صحفيًا، اليوم، لمناشدة الرئيس إصدار عفو رئاسي عن علاء عبد الفتاح، وجميع المحبوسين في قضايا رأي، حضره القيادي بالحركة حمدين صباحي، والأمين العام للحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي، ووكلاء مؤسسي حزب العيش والحرية سوزان ندا، وإلهام عيداروس، والناشطة الحقوقية عايدة سيف الدولة، والمحامية الحقوقية راجية عمران، والناشط السياسي هيثم محمدين.
وتلا المنسق العام للحركة طلعت خليل بيانًا جاء فيه أن هذا "النداء الذي نراه الفرصة الأخيرة والأداة الوحيدة التي نملكها في الوقت الراهن بعد أن فقدنا الأمل والإمكانية في استخدام كافة الأدوات الأخرى، وذلك للمطالبة بإصدار عفو عام عن المواطن علاء عبد الفتاح وجميع المحبوسين والمحرومين من حريتهم بسبب بمجرد إبداء للرأي المخالف لما تراه السلطة السياسية وما يعتقده المسؤولون عن إدارة شؤون البلاد".
وأهابت الحركة برئيس الجمهورية أن يستخدم صلاحياته الدستورية، بعيدًا عن اللغط القانوني، و"أن تتخذوا ذلك القرار بمناسبة قرب عيد الأضحى وإنقاذًا لحياة الأم المكلومة ليلى سويف وترضية لأمهات وزوجات وأهالي الكثير من الأسر الذين سيشملهم قراركم ذلك".
وتابع البيان أن "القرار سيكون تعبيرًا عن قوة وليس عن ضعف، تأكيدًا على انحيازكم في لحظة تاريخية هامة تمر بها البلاد للمواطن المصري وشعورًا بهمومه ومعاناته، وفي النهاية تأكيدًا على انحيازكم للحرية والديمقراطية، في وقت نحن جميعًا أحوج ما نكون لذلك الانحياز".
وخلال المؤتمر وزعت منى مينا، بصفتها صديقة ليلى سويف، صورة من تقرير الحالة الصحية صادر عن مستشفى سانت توماس المحجوزة فيه حاليًا، وأشار التقرير الصادر في 30 مايو/ آيار إلى أن ليلى فقدت نحو 35 كيلوجرامًا من وزنها بما يمثل أكثر من ثلث وزنها السابق.

مؤتمر الحركة المدنية الديمقراطية لإنقاذ ليلى سويف والإفراج عن علاء عبد الفتاح، 1 يونيو 2025وحذر التقرير المكتوب بناء على طلب ليلى من استمرار إضرابها عن الطعام، وجاء فيه أن "انخفاض مستوى السكر في دمك يمثل حالة طارئة لم يتم التعامل معها، وأنا قلق للغاية من أن مجرد انخفاض بسيط إضافي قد يؤدي إلى فقدان الوعي السريع بل وحتى الوفاة".
واختتم الطبيب تقريره بمناشدة ليلى سويف "أن تعيدي النظر في استعدادك لقبول العلاج بالجلوكوز سواء عن طريق الفم أو عن طريق الحقن بالإضافة إلى أشكال أخرى من الدعم الغذائي، لأن عدم القيام بذلك ينطوي على خطر واضح يتمثل في الوفاة المفاجئة وهو خطر مباشر قائم، أو تلف لا رجعة فيه للأعضاء بما ذلك القلب والدماغ والكلى، وزيادة احتمالية حدوث مضاعفات عند إعادة التغذية لاحقًا".
وخلال المؤتمر شرحت منى مينا الحالة الصحية لليلى وردًا على ما وصفتهم بـ"اللجان والذباب الإلكتروني" الذين يشككون في الإضراب قالت إن الدكتورة ليلى بتشرب في إضرابها السوائل الدافئة بدون سكر وتشرب محلولًا جفافًا للحفاظ على توازن الأملاح في الجسم، "لإن اللي كان بيضرب عن الطعام قبل موضوع محلول الجفاف الدنيا بتقف معاه بعد 60 أو 70 يوم بالكتير وبيسقط تمامًا لاختلال أملاح الجسم وبالتالي اختلال كل حاجة بما فيها ضربات القلب. لكن مع تظبيط الأملاح الجسم بيبتدي يبقى عنده نفَس أطول وبيحرق المخزون. بيستهلك المخزون. وده اللي إحنا شايفينه إن متابعة الدكتورة ليلى يراها بتزوي بالتدريج البسيط".
ولفتت منى إلى أن جسد ليلى استهلك كل المخزون وبالتالي في الـ10 أيام التالية لـ20 مايو لاحظنا أن الانحدار أصبح سريعًا جدًا، وسكرها نزل لـ 35، "مش بس السكر كل القياسات الحيوية ضغطها ابتدى ينزل 60 على 40، والضغط الطبيعي حوالي 120 على 80، فإحنا بنتكلم ثلثين الضغط الطبيعي، والحرارة، إحنا عارفين الحرارة الطبيعية 37، نزلت عندها لـ34".
وردت منى على مطالبات التغذية الإجبارية لليلى، مشيرة إلى أن القانون في بريطانيا يمنع ذلك، ويعرض الطبيب إلى الوقف المؤقت أو الدائم عن العمل إذا أقدم على ذلك حتى ولو هناك خطر الموت على المريض، لافتة إلى أن ليلى "سايبة القرار في حالة فقدان الوعي لبناتها وهم بيقولوا إنهم هيدوها جلوكوز لو ده حصل، وهي مش معترضة لأنها عارفة إنها محملاهم ضغط نفسي".
ولم تتمالك منى نفسها وبكت وهي تنهي كلمتها بالقول "وأنا طبيبة ببقى مرعوبة كل يوم وأنا بنام وأول حاجة بعملها لما بصحى إني أطمن إن ليلى ما زالت حية".
من جانبه وجه القيادي في الحركة المدنية حمدين صباحي، "مناشدة شخصية" إلى رئيس الجمهورية، وقال في كلمته "إعلامنا اللي بيعتز وبيفاخر بأكبر جامع وأكبر كنيسة وأعلى مئذنة وأفخم قبة، كمان نقدر نفاخر بما هو أهم لأنه قيمة ومعنى بأوسع عفو، بأكبر عفو. بأكرم عفو".
وأشار حمدين في كلمته إلى أننا على مقربة من "عيد الأضحى، وهو عيد الفداء، وهناك أم مصرية بتفتدي ضناها الآن بحياتها عشان حرية ابنها".
وتابع "لا أريد أن أخاطبك يا سيادة الرئيس بمنطق إعمال الدستور أو القانون رغم صحة هذا المنطق ولا شك أنك حريص مثلي عليه. بل أخاطبك بمنطق إنساني محض".
ويرى حمدين أن "مصر معرضة إن ليلى سويف فارقت الحياة وإحنا بنتفرج إن في شيء في مصر أكبر من القانون ومن الدستور هيهتز ويتزلزل روح هذا البلد".
وقال إن "ليلى الآن يعني بلغت الروح الحلقوم. وقد استنفذنا الوسع يا سيادة الرئيس مطالبة ومناشدة ورجاءً لأن إحنا نستنقذ أنفسنا، مش ننقذ ليلى سويف وعلاء عبد الفتاح. ننقذ قيم مصر ومعناها وروحها، عشان ما يتقالش إن المروءة ماتت في هذا البلد. والأمر ده بيدك يا سيادة الرئيس".
وأضاف موجهًا حديثه للسيسي "أرجوك أعطي لهذا البلد فرصة إنه يحترم قيمه ويعبر عن أصالته. وهذا بيدك، أنت صاحب القرار، أنت الذي وليت ولك ملك مصر وعندك القدرة والمقدرة، زكاة المقدرة هي العفو. اعف عن علاء وسجناء الرأي".
وفي تصريح سابق لـ المنصة أوضح خالد علي أن أزمة عبد الفتاح تتلخص في احتساب السلطات مدة تنفيذه للعقوبة ابتداءً من تاريخ تصديق الحاكم العسكري على الحكم، بوصفه صادرًا من محكمة أمن دولة طوارئ، في 3 يناير 2022، دون احتساب مدة الحبس الاحتياطي التي سبقت ذلك التاريخ بأكثر من سنتين، حيث ألقي القبض عليه يوم 28 سبتمبر 2019 من أمام قسم الدقي فور خروجه من ديوان القسم في السادسة صباحًا.
وتنص المادة 482 من قانون الإجراءات الجنائية على أن مدة العقوبة المقيدة للحرية تبدأ "من يوم القبض على المحكوم عليه بناءً على الحكم الواجب التنفيذ، مع مراعاة إنقاصها بمقدار مدد الحبس الاحتياطى ومدة القبض"، فيما تنص المادة 484 من القانون نفسه على أنه "يكون استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولًا".
ومؤخرًا ناشدت 21 منظمة حقوقية دولية ومصرية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، التحرك العاجل للإفراج عن علاء عبد الفتاح.