اعتبرت مؤسسة المرأة الجديدة أوضاع العاملات الزراعيات نموذجًا مركبًا لانعدام العدالة الاجتماعية والمناخية، مُسلطة الضوء على افتقارهن لمعدات الحماية، وعملهن دون ملابس واقية، فضلًا عن محدودية التدريب والوصول للمعلومات حول الاستخدام الآمن للمبيدات.
وأطلقت المؤسسة، أول أمس، تقريرًا بعنوان "أرواح في الهامش..ظروف عمل غير لائقة للعاملات في الزراعة"، بالتزامن مع الحديث حول إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية المزمع صدورها مع عيد العمال غدًا، والاحتفال باليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية الموافق 28 أبريل/نيسان من كل عام.
وأوصت في التقرير بإدماج العاملات الزراعيات ضمن الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية التي أعلنت وزارة العمل مؤخرًا عن قرب الانتهاء من إعدادها، بصفتهن فئة معرضة للمخاطر المناخية.
من جهتها، قالت الباحثة في برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بمؤسسة المرأة الجديدة أميمة عماد لـ المنصة إن العاملات الزراعيات يُمثلن 42% من قطاع الزراعة الذي يشكل نحو 20% من العاملين على مستوى الجمهورية "لكنهن يعملن دون حماية قانونية أو صحية، ويتعرضن لمخاطر بيئية ومهنية في ظل التغيّرات المناخية".
وأضافت أن التقرير ركز على أبرز أشكال معاناتهن؛ وسائل النقل، والمبيدات، والإجهاد الحراري.
والشهر الجاري، لقي 8 أشخاص مصرعهم وأصيب 25 آخرون، في اصطدام سيارتين نصف نقل تقل إحداهما ركابًا من العاملين في الزراعة أغلبهم من الأطفال على الطريق الصحراوي الغربي بمحافظة المنيا.
وخلال العامين الماضيين تعددت الحوادث المشابهة، ففي مارس/آذار الماضي لقي عاملان حتفهما وأُصيب 18 آخرون إثر اصطدام أوتوبيس تابع لمصنع سكر دشنا بجرار زراعي يجر مقطورة محملة بالقصب في قنا. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لقي شخصان حتفهما وأصيب 12 آخرون إثر حادث مروري بدمياط، إثر اصطدام سيارة نقل كانت تقل عمالًا زراعيين بأخرى.
وفي 21 مايو/أيار 2024، أدى حادث غرق ميكروباص على معدية أبو غالب بمنشأة القناطر، إلى وفاة 18 فتاة من بين 26 كن يستقلن الميكروباص الغارق، عائدات من عملهن بإحدى المزارع.
ووفق التقرير، شهدت الفترة من 1 يناير/كانون الثاني الماضي إلى 23 أبريل الجاري 25 حادثًا، نتج عنها 305 مصابين بينهم 81 قاصرًا، و44 حالة وفاة منهم 12 قاصرًا.
وترى أميمة عماد أن الإصابات المهنية من أكثر أشكال الانتهاكات التي تتعرض لها العاملات الزراعيات "يجب التشديد والرقابة على إجراء الكشف الدوري للعاملات لحمايتهن من آثار المبيدات الزراعية التي تؤثر على صحتهن بشكل مباشر".
وأكد التقرير أن تعرض العاملات الزراعيات المستمر للمبيدات يؤدي إلى إصابتهن بسرطان الثدي والإجهاض والولادت المبكرة، كما أشار التقرير إلى افتقارهن لمعدات الحماية بسبب التكلفة أو عدم الوعي.
"صحيح قانون العمل الجديد لم يستثنِ العاملات الزراعيات من الحماية كما كان في القانون القديم، خطوة جيدة لكنها غير كافية" تقول أميمة عماد.
تُفسر الباحثة "القانون لم يوضح إزاي العاملة الزراعية هتستفيد من أشكال الحماية المختلفة؛ كيف ستحصل على إجازة وضع وهل ستخصص لأبنائها دور حضانة"، مشيرة إلى أن "العاملات الزراعيات يندرجن تحت شكل العمالة الموسمية غير المنتظمة ولا يعملن بعقود".
وأكدت أن على رأس المطالب العاجلة التي يجب أن تتضمنها استراتيجية السلامة المهنية "توفير وسائل نقل آدمية ومناسبة للعاملات الزراعيات، وتطبيق عقوبة صارمة على أصحاب الأعمال المخالفين".
وأوضح التقرير "قانون العمل لا يلزم أصحاب الأراضي أو الجمعيات الزراعية بتوفير وسائل نقل آمنة للعاملات، ما يعكس إهمالًا ممنهجًا لكرامتهن".
"مصادقة مصر على اتفاقية 190 c لمواجهة العنف والتحرش في عالم العمل مطلب مهم، خاصة للعاملات الزراعيات وجميع العاملات في القطاع غير المنظم، لأن الاتفاقية تختلف عن القانون المحلي فهي أعم وأشمل وتضمن حماية للنساء من جميع أشكال العنف داخل عالم العمل"، حسب أميمة عماد.
وأوصت الباحثة بإطلاق الحريات النقابية وتعزيز مشاركة النساء في اتخاذ القرارات التي تتعلق بمصالحهن وحياتهن، وعدم التضييق على النقابات المستقلة "لأنها الضمانة لتطبيق كل القوانين وتفعيلها، وأن يكون في سلامة وصحة مهنية فعًلا، وحماية حقوق العاملات عمومًا وخاصة الزراعيات"، على حد قولها.