كثَّف جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، القصف على مختلف مناطق شمال وشمال شرق قطاع غزة، مستهدفًا منازل ومدارس تستخدم مراكز إيواء للنازحين دون سابق إنذار، إلى جانب تفجير ونسف عشرات المباني والمنازل السكنية في أحياء الشجاعية والتفاح.
وتصاعدت الهجمات الإسرائيلية بعد منتصف الليل، حيث هاجمت طائرات حربية عدة منازل مأهولة بالمدنيين، بالإضافة إلى استهداف مدرسة يافا بحي التفاح التي تأوي عشرات العائلات النازحة، حسب شاهد لـ المنصة.
وقال الشاهد إن طائرة حربية استهدفت جزءًا من مبنى المدرسة بصاروخين متتاليين، ما تسبب في تدمير جزء من المبنى واشتعال النيران وانتشارها في خيام النازحين، ما أدى إلى مقتل 5 مواطنين وإصابة أكثر من 25 وصلوا إلى مستشفى الشفاء غربًا لتلقي العلاج.
وأشار الشاهد إلى أن المواطنين اضطروا لنقل المصابين بسيارات مدنية بسبب كثافة عدد المصابين في الوقت الذي تزامن فيه قصف منازل في مناطق أخرى، حيث أوضح سائق إسعاف لـ المنصة أنهم لا يستطيعون تلبية كل المناشدات.
وقال مصدر في الدفاع المدني لـ المنصة إن القصف واشتعال النيران في عدد كبير من الخيام المتلاصقة، تسبب في امتداده حتى غرفة يتم فيها تخزين الوقود لتشغيل مولد الكهرباء، ما زاد من حجم اشتعال النيران وامتدادها، وأحال دون قدرتهم على إطفاء الحريق بشكل تام خلال وقت قصير.
بالتزامن، نسف الاحتلال عشرات المنازل والمباني السكنية في حي الشجاعية وحي التفاح شرق غزة، حيث يتوغل الاحتلال في المناطق الشرقية، وقال مصدر صحفي لـ المنصة إن الاحتلال وبعد تفخيخه لعشرات المنازل مساء الثلاثاء بدأ في عمليات التفجير الواسعة والمتتالية بهدف التدمير الشامل للأحياء، وما تبقى منها من منازل للمواطنين المدنيين.
وأشار المصدر إلى قصف ذات الأحياء خلال عمليات النسف التي سُمعت أصوات تفجيرها من مختلف مناطق المدينة وحتى من شمال ووسط القطاع، حيث أفاد ثلاثة مواطنين من تلك المناطق بسماعهم أصوات عمليات النسف التي يجري تنفيذها في شرق غزة.
وعقب استهداف مدرسة يافا، قصفت الطائرات الحربية منزلًا بجباليا شمال القطاع، ما تسبب في مقتل 3 مواطنين وإصابة آخرين وصلوا مستشفى الإندونيسي لتلقي العلاج، فيما لا يزال عدد من المدنيين مفقودين تحت الأنقاض. وناشد صحفيون ومواطنون سيارات الإسعاف والدفاع المدني بالتوجه إلى مكان المنزل المستهدف، إلا أن الدفاع المدني لم يتمكن من الوصول.
وقال مصدر ثانٍ في الدفاع المدني لـ المنصة إنهم لا يستطيعون تلبية كل استغاثات المواطنين نتيجة تزامن القصف في عدة منازل بمناطق متفرقة، وعدم توفر سوى سيارة إنقاذ واحدة، مضيفًا "حجم الاستهدافات أكبر من قدراتنا الحالية، تصلنا مناشدات ونداءات استغاثة لكن دون مجيب، لأننا نعمل على سيارة إنقاذ واحدة فقط".
وأشار إلى أن سيارة الإنقاذ تخدم جميع مناطق محافظة شمال قطاع غزة بالكامل، بسبب تدمير جيش الاحتلال لسيارات الدفاع المدني ومعداته منذ الأشهر الأولى لحرب الإبادة الإسرائيلية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مؤكدًا أنّ طواقمهم تتنقل من مكان لآخر حسب قدرتها المحدودة على تلبية نداءات المواطنين.
وكان أصيب 3 من رجال الدفاع المدني في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا بجباليا مساء الثلاثاء، حيث توجه الدفاع المدني تلبية لنداء استغاثة عقب استهداف منزل جراء استهدافه بصاروخ من طائرة حربية، وعقب وصولهم وخلال العمل على انتشال الضحايا والجرحى، قصف المنزل للمرة الثانية.
وقال المصدر في الدفاع المدني إن الاحتلال استهدف المكان خلال وجود سيارة الإنقاذ التي كانت واضحة من إضاءتها الحمراء، وارتداء العاملين الزي الرسمي الخاص والمميز بعمل طواقمهم، وأثناء انتشال الضحايا من تحت الركام، قصف المكان بصاروخ من طائرة استطلاع تسبب في إصابة ثلاثة منهم إصابات طفيفة.
وقُتل ثلاثة مواطنين وأصيب 5 من أفراد العائلة المستهدفة، فيما لا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض لم يتمكن الدفاع المدني من إكمال مهمة عمله وانتشالهم نتيجة القصف الثاني وخطورة المنطقة.
وأفاد شاهد عيان لـ المنصة باستهداف منازل أخرى ومسجد الرحمة في منطقة تل الزعتر بجباليا، دون التبليغ عن ضحايا وإصابات، وكذلك قصف آخر في شارع السكة قرب دوار حمودة على مدخل بلدة بيت حانون، لم تحدد الأهداف بدقة ولم يستطع أحد الدخول للمنطقة بسبب خطورتها خاصة في ساعات الليل.
وفي وسط القطاع، قصفت المدفعية الإسرائيلية المتمركزة شرق محور نتساريم عدة قذائف على منطقة الدعوة شمال شرق مخيم النصيرات، ومناطق شمال مخيم البريج، بالتزامن مع تحليق طائرة مروحية وإطلاقها الرصاص الكثيف اتحاه المناطق المستهدفة بالمدفعية دون التبليغ عن ضحايا وجرحى وصلت إلى المستشفيات.
ووصل إلى مُجمع ناصر الطبي في خانيونس جنوب القطاع، أكثر من 15 ضحية وعشرات الإصابات نتيجة عدة استهدافات طالت شرق ووسط المدينة، وكثف الاحتلال من القصف المدفعي على بلدة عبسان الكبيرة والزنّة وبني سهيلا والقرارة، فجر الأربعاء، وبالتزامن مع القصف على مدينة غزة، ما تسبب في جرح وإصابة أكثر من 20 من المدنيين بينهم نساء وأطفال، حسب مصدر طبي بناصر لـ المنصة.
كما استهدفت طائرة استطلاع منزلًا في بني سهيلا ما تسبب في مقتل شاب وإصابة آخرين، حسب شاهد لـ المنصة، مشيرًا إلى عدم تحذير الاحتلال لسكان المنزل قبل استهدافه.
وكانت الوساطة المصرية الأمريكية القطرية نجحت منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، في التوصل لاتفاق وقف النار في غزة، بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منه يوم 19 من الشهر نفسه، وكان من المفترض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا بنهايتها، بالتوازي مع المحادثات بشأن تنفيذ المرحلة الثانية.
لكن إسرائيل لم تنسحب من فيلادلفيا ولم تبدأ في محادثات المرحلة الثانية، وطالبت بتمديد المرحلة الأولى واعتمدت مقترح مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح، في وقت رفضت حركة حماس المقترح، مطالبة بتطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار.
ومطلع مارس/آذار الماضي، أعلنت إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "حتى إشعار آخر" بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، ما اعتبرته حماس "ابتزازًا رخيصًا، وجريمة حرب وانقلابًا سافرًا على الاتفاق"، وذلك قبل أن يشن جيش الاحتلال هجومًا جديدًا على غزة في 18 مارس.