بدأ المحامون بنقاباتهم العامة والفرعية، اليوم، أولى خطواتهم التصعيدية ضد قرار مجلس محاكم الاستئناف زيادة وإقرار رسوم جديدة لخدمات الميكنة، ونظموا وقفات احتجاجية أمام مقار النقابات لمدة نصف ساعة، للتنديد بالرسوم والمطالبة بإلغائها.
وكانت نقابة المحامين دعت أعضاءها بمختلف محافظات الجمهورية إلى تنظيم وقفات احتجاجية لمدة نصف ساعة، كخطوة أولى ضمن عدة خطوات لرفض الرسوم الجديدة.
وتتضمن الخطوة الثانية من التصعيد، والتي تبدأ الثلاثاء وتمتد لثلاثة أيام، الامتناع التام عن توريد أي مبالغ مالية بجميع خزائن محاكم الاستئناف ومأمورياتها، حسب القرارات التي انتهى إليها الاجتماع الثاني لنقيب المحامين بأعضاء مجلس النقابة العامة ونقباء الفرعيات بشأن الرسوم القضائية، الأربعاء الماضي (*).
وبدأت الأزمة مطلع مارس/آذار الماضي، بقرار أصدره رئيس محكمة استئناف القاهرة المستشار محمد نصر سيد استحدث بموجبه رسمًا جديدًا بمسمى "مراجعة الحوافظ" بواقع 33 جنيهًا عن كل ورقة، كما "يغالي في رسوم خدمات إصدار الشهادات لتصل إلى 60.5 جنيه للشهادة، وخدمة الحصول على صيغة تنفيذية من الأحكام التي وصلت إلى 242 جنيهًا"، حسب تصريحات سابقة لعضو مجلس نقابة المحامين ربيع الملواني.
وتنفيذًا لقرارات النقابة، احتشد عشرات المحامين، ظهر اليوم، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، رافعين لافتات دونوا عليها "المحامين تريد تطبيق القانون وليست التعليمات"، و"يا رئيس المحكمة ديّه.. تعليماتك دي مش ليّه".
وتكرر المشهد بنقابتي شمال وجنوب الجيزة، إذ رفع أعضاؤهما لافتات تأييد لقرار نقيب المحامين ومجلس النقابة العامة برفض زيادة الرسوم القضائية.
وفي الإسكندرية، أعلن عشرات المحامين ممن احتشدوا أمام نقابتهم رفضهم للرسوم، مرددين هتافات من بينها "المحكمة مش تكية.. العدالة مجانية"، "القانون زي السيف.. لا رسوم ولا تكاليف"، و"يا عدالة فينك فينك.. الرسوم بيننا وبينك".

الوقفة الاحتجاجية لمحامي الإسكندرية ضد رسوم الميكنة، 13 أبريل 2025ونقلت عدد من صفحات المحامين على فيسبوك، صورًا ومقاطع فيديو لوقفات مماثلة في نقابات حلوان، وبور سعيد، والأقصر، والقليوبية، وأسيوط، و سوهاج، وكفر الشيخ.
وتعليقًا على تلك الوقفات، قال عضو مجلس إدارة النقابة العامة للمحامين عمرو الخشاب إن تصعيدهم ضد الرسوم جاء دفاعًا عن حق المواطنين في عدالة بلا مغالاة في التكاليف، وفي مواجهة جباية تفرض بلا دستور ولا قانون.
وأضاف الخشاب لـ المنصة أن انتفاضة المحامين على مستوى الجمهورية جاءت خطوة أولى تصعيدية ضمن قرارات أخرى تدريجية، حتى تصل شكواهم لرئيس الجمهورية من تعسف رؤساء المحاكم.
وتابع "رسوم ما أنزل الله بها من سلطان تضر المجتمع القانوني ومنظومة التقاضي، التي من المفترض أن تكون منظومة خدمية للمواطن الفقير، تسعى لتحقيق العدالة له، لا أن تصبح قطاعاً استثمارياً يستنزف المواطن والمحامي"، مطالبًا الرئيس السيسي بالتدخل والفصل في هذه الأزمة، احترامًا لدولة الدستور والقانون.
وفي ذات السياق، قال عضو مجلس النقابة العامة للمحامين ربيع الملواني إن حجم مشاركة المحامين في الوقفات الاحتجاجية اليوم، على مستوى الجمهورية، "يعكس مدى إيمانهم والتزامهم بقرارات مجلس نقاباتهم وما هو منتظر تطبيقه منها ابتداءً من الغد، بخصوص الامتناع عن التعامل مع خزائن المحاكم لمدة ثلاثة أيام، وهو القرار الذي سيكون له بالغ الأثر على إيرادات المحاكم"، على حد وصفه.
وأضاف الملواني لـ المنصة، أن موقف نقابة المحامين ورفضها الرسوم، يأتي في المقام الأول دفاعًا عن المواطنين "أنا لما أروح أودع دعوى أو أعمل أي إجراء في المحكمة وأدفع عليه ألف أو ألفين جنيه، ما هو في الآخر عبء على دماغ المواطن الذي يئن من الغلاء".
وشدد الملواني على مضي المحامين قدمًا في تنفيذ كافة القرارات التصعيدية التي انتهى إليها مجلس إدارتهم، لافتًا إلى "عدم تهاون النقابة مع غير الملتزمين بها"، وما سيطالهم من عقوبات تأديبية تصل إلى وقف العضوية.
وفي 8 مارس الماضي، أعلن مجلس النقابة العامة للمحامين رفضه لكل هذه القرارات "لتعارضها مع المشروعية الدستورية"، ملوحًا بوقف التعامل مع كل خزائن المحاكم بكل درجاتها في عموم الجمهورية كخطوة أولى في هذا الشأن، مؤكدًا أنه سيتم الإعلان لاحقًا عن توقيت البدء في ذلك الإجراء.
وأكدت النقابة، في أحدث بياناتها الأسبوع الماضي، أن "فرض تلك الرسوم خلق مشكلات عديدة تمس حق التقاضي المكفول دستوريًا للجميع وتنال من حقوق المواطنين والمحامين"، منتقدة عدم إشراكها في حوار مجتمعي قبل إصدارها "باعتبار أن المحامي هو جزء من المجتمع وشريك للسلطة القضائية بنص الدستور والقانون ويؤدي رسالة سامية".
وشكلت النقابة لجنة بداخلها لإدارة الأزمة التي وصفتها بـ"الأمر الجلل والأزمة التي فرضت على المجتمع المصري وعلى المحاماة، وتنال من حق التقاضي ودون مبرر مقبول، والتي انتهى الحاضرون إلى ضرورة مواجهتها وبكل الطرق القانونية المتاحة".