تصوير سالم الريس، المنصة
نازحون يبدأون العودة إلى منازلهم بعد وقف النار في غزة، 19 يناير 2025

"الوسيط الأمريكي لم يكن وسيطًا".. الاعتداءات الإسرائيلية تعيد غزة لنقطة الصفر

محمد الخولي
منشور الثلاثاء 18 مارس 2025

مع عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي للعدوان على قطاع غزة بعد شهرين من الإعلان عن بدء تنفيذ اتفاق وقف النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، عاد الحديث عن دور الوسطاء ومستقبل الاتفاق.

ورغم وحشية الضربات، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، في حديث لـ المنصة، أن "الاتفاق لم ينهر بشكل كامل، إنما يمكن القول بأنه وصل إلى مرحلة صعبة"، فيما أوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن لـ المنصة أن استئناف العمليات العسكرية دليل جديد على رغبة الاحتلال التنصل من الاتفاق.

وقال حسن إن "الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تسعى لاستئناف القتال لأسباب داخلية لها علاقة بالأزمات التي تواجه مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".

وأمس قال مصدر قيادي بحركة حماس لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، إن المفاوضين في المقاومة والوسطاء "على دراية بمماطلة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي أرسل وفدًا إلى القاهرة على أمل كسب مزيد من الوقت لحين نهاية شهر مارس/آذار، موعد تمرير الموازنة المالية للحكومة في الكنيست، في ظل معرفته بتداعيات فشل عدم تمرير الموازنة التي قد تعصف بتحالفه الحكومي".

ومؤخرًا، أقال رئيس نتنياهو رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، ما أثار عاصفة من ردود الفعل الإسرائيلية التي وصفت القرار بـ"غير المسبوق"، حسب BBC.

وأضاف "إسرائيل جوعت أهل غزة خلال الأيام الماضية ولم تجد رد فعل حقيقي على ما قامت به رغم أنه يعد جريمة حرب، وعندما شاهدت هذا الصمت العربي والإقليمي والدولي قررت العودة للقتال".

وأكد حسن ضرورة اتخاذ موقف صارم تجاه العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة من قبل الوسطاء والدول العربية بشكل عام، مقترحًا أن تفرض الدول العربية حصارًا على إسرائيل "حتى توقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة". 

فيما توقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب تحرك الوسطاء لاحتواء الأمر ووقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات بشكل سريع، لافتًا إلى أن الاحتلال يريد التفاوض تحت النيران للضغط على حركة حماس والحصول على مكاسب أكبر.

وأدانت الخارجية المصرية في بيان لها الهجمات واعتبرتها "تشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصعيدًا خطيرًا ينذر بعواقل وخيمة على استقرار المنطقة". وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف العدوان "للحيلولة دون إعادة المنطقة لسلسة متجددة من العنف والعنف المضاد، وتطالب الأطراف بضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار".

وأشارت إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية ترمي إلى "إعادة التوتر للمنطقة والعمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار".

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في الساعات الأولى من صباح اليوم، شن "هجوم واسع على أهداف إرهابية تابعة لحركة حماس في مختلف مناطق قطاع غزة" حسب نص البيان، وأوضح أن الهجوم العسكري جاء بناءً على "توجيهات من المستوى السياسي الإسرائيلي وبالشراكة بين الجيش وجهاز الشاباك".

من جانبها، اعتبرت حركة حماس في بيان على تليجرام الحكومة الإسرائيلية اتخذت "قرارًا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول"، وطالبت الوسطاء بتحميل نتنياهو والاحتلال الصهيوني المسؤولية كاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه.

ودعت الحركة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد العاجل لأخذ قرار يُلزم الاحتلال بوقف عدوانه، وإلزامه بالقرار 2735 الداعي لوقف العدوان والانسحاب من كامل قطاع غزة.

وأكد الرقب أن تصعيد الأوضاع في المنطقة ليس من مصلحة أحد ويعيد الأزمة للمربع صفر "وبالتالي سيعمل الوسطاء في مصر وقطر تحديدًا على استيعاب الأمر والعودة للمفاوضات".

وذكرت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أن إسرائيل تشاورت مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غاراتها على غزة اليوم الثلاثاء، حسبما نقلت سكاي نيوز.

أما السفير رخا أحمد حسن فقال إن العمليات الإسرائيلية كشفت أن الوسيط الأمريكي لم يكن وسيطًا، وأن إدارة ترامب تريد إلغاء الاتفاق الذي سبق ورعته الإدارة السابقة، مشيرًا إلى أن الهدف الأمريكي حاليًا تأجيل تنفيذ إعادة الإعمار والعمل على تنفيذ مخططات ترامب لتهجير الفلسطينين من أراضيهم. 

من جهته، لفت الرقب إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية "برعاية أمريكية، تهدف لإلزام حماس لقبول مقترح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الذي لا ترى حماس أنه يضمن وقف الحرب".

وقدم ويتكوف مقترحًا بداية الشهر الجاري بعنوان "إطار عمل للتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار"، ويقترح فيه أن تمدد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار لمدة 50 يومًا إضافية مقابل إطلاق سراح 5 محتجزين إسرائيليين وعدد متفق عليه من المعتقلين الفلسطينيين.

ونص المقترح أنه سيكون على الوسطاء "ضمان استكمال المفاوضات خلال هذه الفترة، للتوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات اللازمة لوقف دائم لإطلاق النار ومفاتيح تبادل ما تبقى من المحتجزين الإسرائيليين".

ولفت إلى أن حماس ستقوم في اليوم الأول من الاتفاق بإطلاق سراح المحتجزين الخمسة، وبينهم محتجز إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية يدعى عيدان ألكسندر، وبعد ذلك يجري الدخول في المفاوضات بشأن الترتيبات اللازمة للوقف التام لإطلاق النار ومفاتيح تبادل باقي المحتجزين.

ومطلع الشهر الحالي، أعلنت إسرائيل أنها أوقفت إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "حتى إشعار آخر" بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، ما اعتبرته حماس "ابتزازًا رخيصًا، وجريمة حرب وانقلابًا سافرًا على الاتفاق".

وأضاف مكتب نتنياهو وقتها أنه "مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة المحتجزين، وفي ضوء رفض حماس قبول مخطط ويتكوف لمواصلة المحادثات الذي وافقت عليه إسرائيل قرر رئيس الوزراء أنه ابتداء من صباح اليوم سيتوقف دخول جميع البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".

وقال الرقب إن عودة الحرب بهذا العنف تؤكد الجرائم الإسرائيلية التي يدفع ثمنها الأبرياء.