رفض مجلس النواب خلال جلسته العامة، اليوم، جميع التعديلات التي اقترحتها المعارضة على مواد الإضراب في مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة، حيث رأت المعارضة أن الصياغة الحالية للقانون "تنسف الحق في الإضراب".
وتمسّك مجلس النواب والحكومة بالنصوص الواردة في مشروع القانون دون أي تعديل، ورفض تعديل المادة 232 التي تنص على "ضرورة إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة بالإضراب قبل موعده المحدد بعشرة أيام على الأقل، وذلك عبر كتاب مسجل بعلم الوصول، على أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب وتوقيته".
وخلال المناقشات اقترح النائبان عاطف مغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، والوفدي محمد عبد العليم داود، تعديل صياغة المادة باستبدال كلمة "مواعيده" بعبارة "موعد بدايته"، وأوضح مغاوري أن الإضراب له موعد بداية ونهاية، ولكن تحديد "مواعيده" قد يكون غير دقيق، حيث إن المضربين والمنظمين للإضراب قد لا يعلمون مسبقًا متى سينتهي التفاوض، نظرًا لأن إنهاء الإضراب يعتمد على حل الخلاف القائم بشأن القضية المطروحة.
وقال داود "منطقي تحديد البداية واتخاذ الإجراءات، ولما نصل من خلال التفاوض لتحقيق المطالب ينتهي الإضراب"، متسائلًا "لكن وضع موعد لنهاية الإضراب إزاي؟"، وتابع "روح أعمل مسرحية وشو وأقول بعمل إضراب؟ نهاية الإضراب لا تتحدد أبدًا إلا من خلال التفاوض والوصول للحق لأن غير ذلك ينسف حق الإضراب الذي وقعت عليه مصر في الاتفاقيات الدولية".
وعقب وزير العمل محمد جبران على طرح النائبين قائلًا إن المقصود من النص "تاريخ وموعد البداية وجزئي أم كلي وهل طول مدة العمل أم ساعات محددة وله صور وأنماط متعددة متقطع أم مفتوح"، مضيفًا "النص لم يحدد النهاية لكن الإخطار بالمواعيد لفحص مطالبهم والتفاوض وليس إجبار".
كما رفض المجلس أيضًا اقتراح النائبين بالنص على أكثر من مفوض عمالي يعلنون من خلاله الإضراب، فالمادة 231 ضمنت للعمال حق الإضراب عن العمل للمطالبة بما يرونه محققًا لمصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك بعد استنفاذ طرق التسوية الودية للمنازعات المنصوص عليها في هذا القانون، ويكون إعلان الإضراب وتنظيمه من خلال المنظمة النقابية العمالية، أو المفوض العمالي.
وطالب مغاوري بالسماح بوجود أكثر من مفوض عمالي، بالإضافة إلى تسجيل الإضراب في محضر رسمي يُحرَّر في مكتب العمل المختص، مشيرًا إلى أن "وجود مفوض واحد قد لا يكون معبرًا عن إرادة جميع العمال".
إلا أن وزير العمل قال إن المادة 22 من مشروع القانون تعرِّف المفوض العمالي بأنه أحد العاملين بالمنشأة يتم الاتفاق عليه وتفويضه من قِبَل العمال، وفي حالة عدم وجوده، تتولى المنظمة النقابية المهمة، معتبرًا أن التعديل المقترح يمثل "زيادة غير ضرورية" على النص الحالي.
ووافق المجلس على المادة 233 من مشروع القانون، التي تنص على أن "يحظر على العمال الدعوة إلى الإضراب، أو إعلانه بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها"، بعدما رفض المجلس تعديلًا طرحه مغاوري بإضافة تسمح بالإضراب خلال سريان الاتفاقية إذا حدث تغيير يستدعي تعديلها واستنفاذ محاولات التفاوض والاتفاق مع الطرف الآخر.
وقال مغاوري "بعض ظروف العمل وأوضاعه تتغير على النحو الذي يستحيل معه استمرار اتفاقية العمل الجماعية، ما يتطلب تعديل بعض البنود وهذا حق للطرفين ويحق للعمال الإضراب لتعديل الاتفاقية، ولتعديل بعض البنود نظرًا للمتغيرات التي حدثت"، وتابع "إذا كان لصاحب العمل حق الإغلاق فللعمال حق الإضراب".
الاقتراح نفسه، تبناه النائب محمد عبد العليم داود الذي قال "الإضراب حق أصيل نصت عليه المواثيق الدولية، ولا يمكن معاقبة العامل على هذا الأمر"، غير أن وزير العمل عقب قائلًا "إذا حدث تغيير يستدعي تعديل الاتفاقية فالقانون حدد طرق التعامل مع التغيير وليس من بينها الإضراب"، معتبرًا أن لجنةً من الخبراء من منظمة العمل الدولية أقرت "اتفاقًا حظر الإضراب خلال سريان اتفاقية العمل الجماعية مع المواثيق الدولية".
وحاول النواب مغاوري وداود وسميرة الجزار حصر المنشآت التي يُحظر فيها الإضراب على تلك التي يؤثر توقف العمل بها بشكل مباشر على الأمن القومي، مؤكدين أن مفهوم "المنشآت الحيوية" فضفاض ويحتاج إلى معايير واضحة لتحديده، وأوضح مغاوري أن المسألة تتطلب تعريفًا دقيقًا لتجنب التوسع غير المبرر في الحظر.
ومع ذلك، رفض المجلس التعديل وأبقى على نص المادة 234 كما هو، حيث "يحظر الإضراب أو الدعوة إليه أو إعلانه في المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمواطنين، والتي قد يؤدي توقف العمل بها إلى الإخلال بالأمن القومي، كما يحظر الإضراب في الظروف الاستثنائية، مع منح رئيس مجلس الوزراء صلاحية تحديد المنشآت الحيوية والخدمات الأساسية التي تقدمها بقرار رسمي".
وخلال جلسة 25 فبراير/شباط الماضي، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة، وسط إجماع نيابي باستثناء صوت رفض واحد، ومطالبات بتعديلات على المشروع من قبل رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
واتفق نواب ونقابيون تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق على ضرورة إدخال تعديلات على مواد مشروع القانون خاصة فيما يتعلق ببند الإضراب من بينها تقليل مدة الإخطار إلى 5 أيام، وتوضيح الظروف الاستثنائية والمنشآت الحيوية التي يحظر فيها الإضراب.
وفي وقت سابق من فبراير/شباط الماضي، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.