أعربت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان المستقلين، الأربعاء، عن "قلقها العميق إزاء الافتقار إلى المعلومات بشأن مصير ومكان وجود وسلامة الشاعر والناشط عبد الرحمن يوسف القرضاوي، بعد تسليمه من لبنان إلى الإمارات العربية المتحدة في 8 يناير/كانون الثاني 2025"، مطالبين الإمارات بالكشف عن مصيره، واعتبروه مختفيًا قسريًا.
وقال الخبراء "يبدو أن أسوأ مخاوفنا من أن يواجه عبد الرحمن يوسف انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان إذا ما تم تسليمه إلى الإمارات العربية المتحدة كانت مبررة"، مذكرين ببيان سابق يحث لبنان على عدم تسليمه إلى الإمارات العربية المتحدة أو مصر.
وحسب الخبراء، يبدو أن التهم المتعلقة بالأمن القومي الموجهة إلى يوسف، التي أدت إلى تسليمه "تستند فقط إلى تعليقات في فيديو نشره على السوشيال ميديا أثناء زيارته لسوريا، معربًا عن أمله في ألا يتعطل مستقبل سوريا بسبب تدخل الدول الأجنبية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة".
ونشر يوسف فيديو عبر إكس من الجامع الأموي أثناء زيارته لدمشق قبل توقيفه في لبنان، قال فيه "ندعو الله أن يوفِّق الشعب السوري وقيادته الجديدة لمواجهة كل هذه التحديات الشريرة التي يخطط لها العالم أجمع، وعلى رأس المخططين والمتآمرين أنظمة الخزي العربي وصهاينة العرب في الإمارات والسعودية ومصر وغيرها، ونقول لهم لن تستطيعوا أن تفعلوا شيئًا أمام طوفان التغيير".
واحتجزت السلطات اللبنانية عبد الرحمن يوسف يوم 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثناء عودته من سوريا إلى تركيا عبر لبنان، بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية.
وفي 8 يناير/كانون الثاني الجاري، تسلمت أبوظبي عبد الرحمن يوسف من السلطات المختصة في لبنان بناءً على طلب التوقيف المؤقت الصادر بحقه من الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، والمقدم من الجهات المختصة بالإمارات "لارتكابه أعمالًا من شأنها إثارة وتكدير الأمن العام"، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، دون أن توضح طبيعة هذه الأعمال.
وقال خبراء حقوق الإنسان المستقلون، الأربعاء، إن "ممارسة الحق في حرية التعبير، بما في ذلك التعليق أو النقد السياسي، لا يشكل جريمة"، وأوضحوا أن "خلط الانتقادات السياسية بالتهديدات لأمن الدولة أو الإرهاب يشكل اعتداءً على حرية التعبير، مع عواقب مثيرة للقلق بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين".
ومنذ تسليمه إلى الإمارات، حُرم يوسف من الحصول على المشورة القانونية. ولا يزال مصيره ومكان وجوده غير معلومين، إلا أن أسرته تلقت اتصالًا هاتفيًا منه لمدة دقيقة واحدة الشهر الماضي، حسبما أعلنت وقتها في بيان اطلعت عليه المنصة.
وقال الخبراء إن "السلطات يجب أن تؤكد على الفور حالته الصحية والكشف عن مكان وظروف احتجازه وضمان حقه الأساسي في التواصل مع أسرته وممثليه القانونيين".
وأشار الخبراء إلى أنه "حتى الآن، لسنا على علم بأي اتهامات قانونية رسمية وجهتها إليه السلطات الإماراتية".
كما أعربوا عن قلقهم من اتفاقية تسليم المجرمين بين الإمارات ومصر، وقالوا "قد تؤدي إلى تسليم يوسف من الإمارات إلى مصر. وحكمت عليه محكمة مصرية غيابيًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات بناء على اتهامات بنشر أخبار ومعلومات كاذبة وإهانة القضاء".
وقالوا "يجب السماح له بالزيارات القنصلية من قبل السلطات التركية والسماح له بالعودة إلى تركيا، حيث هو مواطن هناك، وحيث يمكن ضمان سلامته والحماية القانونية له".
وأعرب الخبراء عن قلقهم إزاء الإجراء القانوني الذي أدى إلى اعتقاله وتسليمه إلى الإمارات بناء على مذكرة توقيف صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب التابع لجامعة الدول العربية. وقالوا "من الواضح أن هذه العملية وإدراج بعض الأفراد باعتبارهم إرهابيين بموجبها، تستند إلى معايير سياسية وليس معايير قانونية صارمة، ويتم إساءة استخدامها من قبل بعض الدول لإسكات الانتقادات، وإسكات المعارضة، وملاحقة الناشطين خارج حدودها".
ومن بين هؤلاء الخبراء المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير إيرين خان، والمقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان بن سول، والمقررة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة أليس جيل إدواردز.
وسبق أن ناشدت الأسرة السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري عنه مع السماح له بالتواصل مع محاميه ومع أفراد الأسرة، التزامًا بالقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وفي 2021، انتقدت هيومن رايتس ووتش ملف حقوق الإنسان في الإمارات، وقالت إن الإمارات "مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الداخل والخارج خلال 2020. سجنت الحكومة المنتقدين السلميين، وشجعت انتهاكات العمل ضد العمال الوافدين منخفضي الأجر، وساهمت في انتهاكات خارج حدودها في ليبيا واليمن".
وسبق وأدانت 24 منظمة حقوقية وأحزاب و109 أشخاص احتجاز السلطات اللبنانية لعبد الرحمن يوسف، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
واعتبروا في عريضة نشرتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات هذا الإجراء "مثالًا صارخًا على ممارسات القمع العابرة للحدود، التي تُستخدم بشكل منهجي لإسكات الأصوات المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان خارج حدود بلدانهم".
وذكرت العريضة أن احتجاز يوسف "يمثل استغلالًا غير مشروع للاتفاقيات الأمنية الدولية لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، ويُظهر توجهًا خطيرًا نحو توظيف التعاون الأمني الدولي كأداة لقمع الحريات الأساسية وتقييد حق الأفراد في التعبير عن آرائهم".