كشف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة/يونيسف أن أطفالًا بعمر السنة تعرضوا للاغتصاب في خضم الصراع العنيف في السودان.
وقالت في بيان أمس "يقوم رجال مسلحون باغتصاب الأطفال والاعتداء عليهم جنسيًا، بما في ذلك الرضع الذين لا تتجاوز أعمارهم عامًا واحدًا، في خضم الصراع الذي يعمّ السودان". وتظهر بيانات جمعها مقدمو الخدمات للناجين من العنف الجندري في السودان صورة مؤلمة للأزمة التي يتعرض لها الأطفال؛ إذ تم تسجيل 221 حالة اغتصاب للأطفال منذ بداية عام 2024.
ووفق يونيسف، لا تمثل أرقام الحالات المسجلة إلا جزءًا صغيرًا فحسب من إجمالي الحالات "فغالبًا لا يرغب الناجون وأسرهم في الإبلاغ عمّا جرى أو لا يستطيعون ذلك، بسبب صعوبة الوصول إلى الخدمات والعاملين في الخطوط الأمامية، أو الخوف من الوصم، أو الخوف أن تلفظهم أسرهم أو مجتمعاتهم، أو الخوف من انتقام الجماعات المسلحة، أو الخوف من تسرب المعلومات".
وقالت المديرة التنفيذية ليونيسف كاثرين راسل إن تعرّض أطفال بعمر السنة للاغتصاب من قبل رجال مسلحين "أمر جلل يجب أن يهزّ أركان كل إنسان ويدفعه إلى اتخاذ إجراءات فورية. يواجه ملايين الأطفال في السودان خطر الاغتصاب وأشكالًا أخرى من العنف الجنسي، إذ يُستخدم كتكتيك في الحرب. وهذا انتهاك مروع للقانون الدولي وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب، ولا بدّ أن يتوقف".
وأضافت أن العنف الجنسي واسع النطاق في السودان "زرع الرعب في قلوب الناس، خاصةً بين الأطفال. يجب على أطراف النزاع، وكل من له تأثير عليهم، بذل كل جهد لوضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال. هذه الندوب الناتجة عن الحرب هائلة ويصعب تصورها وستدوم طويلًا".
وطالبت يونيسف حكومة السودان وجميع الأطراف باحترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في حماية المدنيين، وخاصة الأطفال "ويجب الآن وفورًا وقف استخدام العنف الجندري، بما في ذلك العنف الجنسي كتكتيك من تكتيكات الحرب، ويجب حماية البنى التحتية للخدمات الأساسية ومقدميها ليتمكنوا من مواصلة عملهم المنقذ للأرواح".
كما طالبت بالسماح للعاملين في المجال الإنساني بتقديم المساعدات والخدمات المنقذة للحياة بأمان "ويجب أن يتاح للأسر الوصول بأمان إلى الدعم الذي تحتاجه، ويجب أن تكون أنظمة البيانات الآمنة والأخلاقية أولوية، فهي تساهم في تعزيز جهود الاستجابة الإنسانية كما قد تكون جزءًا من جهود أوسع لمحاسبة الجناة".
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق مؤسسة أممية تحذيرًا مشابهًا، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر من "وباء عنف جنسي" تتعرض له النساء في السودان جراء الحرب، مشيرًا إلى أن نطاق هذه الاعتداءات "غير مقبول".
وتستمر الحرب بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نائب البرهان سابقًا، منذ أبريل/نيسان 2023، بعد تفجر صراع على السلطة بين قادة الجانبين، ما خلّف أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.
ويواجه ما يقرب من 26 مليون شخص، أي حوالي نصف السكان في السودان، خطر مجاعة جماعية، في الوقت الذي يتبادل فيه طرفا الصراع الاتهامات باستخدام الجوع سلاحًا في الحرب.
ونهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حمّلت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، قوات الدعم السريع، مسؤولية ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع و"بدرجة مهولة"، في أثناء تقدمها في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك "الاغتصاب الجماعي، والخطف والاحتجاز ضمن ظروف ترقى للاستعباد الجنسي".
وقالت البعثة في تقريرها إن معظم حالات الاغتصاب والعنف الجنسي ارتكبتها قوات الدعم السريع، بالتحديد في ولايات الخرطوم الكبرى ودارفور والجزيرة، كجزء من نمط يهدف إلى "إرهاب ومعاقبة مدنيين بسبب صلاتهم المفترضة مع الطرف الآخر"، وإلى قمع أي معارضة لتقدمها.