قالت رويترز إن الخطة المصرية لمواجهة مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير سكان غزة وإقامة "ريفييرا الشرق الأوسط"، تهدف إلى "تهميش حركة حماس لتحل محلها هيئات مؤقتة تسيطر عليها دول عربية وإسلامية وغربية"، بحسب مسودة للخطة اطّلعت عليها الوكالة.
وحسب رويترز، التي حصلت على المسودة من مسؤول مشارك في مفاوضات غزة طلب عدم الكشف عن هويته، لا تحدد الرؤية المصرية لغزة، التي من المقرر تقديمها في القمة العربية اليوم الثلاثاء، ما إذا كان سيتم تنفيذ الاقتراح قبل أو بعد أي اتفاق سلام دائم لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة الذي استمر 15 شهرًا، وراح ضحيتها 48388 قتيلًا و111803 إصابات، حسب أحدث إحصائية صادرة من وزارة الصحة الفلسطينية.
وتمثل خطة ترامب التي تقوم على تصور إخلاء غزة من سكانها الفلسطينيين، تراجعًا على ما يبدو عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي ترتكز منذ فترة طويلة على حل الدولتين، كما تثير غضب الفلسطينيين والدول العربية.
ولا تزال مسألة من سيدير غزة بعد الحرب غير واضحة، ولم تتم الإجابة عنها في المفاوضات حول مستقبل القطاع. إلا أن حماس حتى الآن ترفض فرض أي اقتراح على الفلسطينيين من قبل دول أخرى.
وسبق أن قال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، في بيان، إن اشتراط الاحتلال الإسرائيلي إبعاد حماس عن قطاع غزة هو "حرب نفسية سخيفة"، واعتبر خروج المقاومة أو نزع سلاحها من غزة "أمر مرفوض".
ووفق رويترز، لا تعالج خطة القاهرة قضايا حاسمة، مثل من سيدفع فاتورة إعادة إعمار غزة، كما لم تحدد أي تفاصيل دقيقة حول كيفية حكم القطاع، ولا كيف سيتم إبعاد جماعة مسلحة قوية مثل حماس.
وبموجب الخطة المصرية، ستحل "بعثة مساعدة على الحكم" محل الحكومة التي تديرها حماس في غزة لفترة مؤقتة غير محددة، وستكون مسؤولة عن المساعدات الإنسانية وبدء إعادة إعمار القطاع.
والشهر الماضي، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي إلى تبني خطة إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين، وقتها كشف مصدر في السلطة الفلسطينية لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، أن القاهرة تعكف على تشكيل لجنة مستقلة تتولى إدارة عمليات الإغاثة وإعادة إعمار غزة، تضم عناصر لا ينتمون لأي من حركة حماس أو السلطة الفلسطينية، قائلًا إنها ستعمل تحت إدارة وإشراف مصري وأوروبي وبالتنسيق الكامل مع الاتحاد الأوروبي.
وفي المسودة التي اطلعت عليها رويترز، جاء في مقدمة تحدد أهداف الخطة المصرية "لن يكون هناك تمويل دولي كبير لإعادة تأهيل وإعادة إعمار غزة إذا ظلت حماس العنصر السياسي المهيمن والمسلح على الأرض مسيطرة على الحكم المحلي".
وتعمل مصر والأردن ودول الخليج العربية منذ نحو شهر على صياغة خطة دبلوماسية لمواجهة خطة ترامب. وهناك عدد من الأفكار المقترحة وتعد الفكرة المصرية في المقدمة. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كان القادة العرب سيؤيدون الخطة المصرية، لكن كشفت مصادر دبلوماسية عربية لسكاي نيوز أن مشروع بيان القمة العربية، المقرر انعقادها في القاهرة اليوم، "سيعتمد الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة باعتبارها خطة عربية جامعة".
ولا تحدد الخطة من سيدير ما اسمته رويترز بـ"بعثة الحكم". وتنص على أنها ستستعين بخبرة الفلسطينيين في غزة وأماكن أخرى لمساعدة القطاع على التعافي في أسرع وقت ممكن، وترفض الخطة بشدة الاقتراح الأمريكي بالتهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة، الذي تعتبره دول عربية مثل مصر والأردن "تهديدًا أمنيًا".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض براين هيوز حين سئل عن خطة مصر بشأن غزة ومدى دعم الولايات المتحدة لها "كان الرئيس ترامب واضحًا في أنه لا يتعين أن تستمر حماس في حكم غزة، يتمسك الرئيس برؤيته الجريئة لغزة بعد الحرب، لكنه يرحب بإسهامات شركائنا العرب في المنطقة. ومن الواضح أن مقترحاته دفعت المنطقة إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات بدلًا من السماح لهذه القضية بالانزلاق إلى أزمة أخرى"، وفق رويترز.
وحسب سكاي نيوز، سيأتي في مشروع بيان القمة العربية "اعتماد الخطة المقدمة من مصر، بالتنسيق الكامل مع فلسطين والدول العربية واستنادًا إلى الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة، بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم كل أنواع الدعم المالي والمادي والسياسي لتنفيذها، وكذلك حث المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة".
كما يرحب مشروع بيان القمة العربية بعقد مؤتمر دولي في القاهرة في أقرب وقت للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، وفقا للمصادر الدبلوماسية. ويحذر من أن أي محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني، أو محاولات ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسب سكاي نيوز.
وسبق أن قال ترامب، الشهر الماضي، إنه لم يرَ الاقتراح المصري الذي يناقشه الزعماء العرب بديلًا لخطته للسيطرة على غزة، مضيفًا "بمجرد أن أراه، سأخبركم".
ونهاية يناير/كانون الثاني الماضي، دعا الرئيس الأمريكي كلًا من مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة. لكن هذه الدعوة قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.
لكنه عاد وجدد الدعوة بإعلان نيته السيطرة على غزة وإعادة توطين الفلسطينيين في دول مجاورة أخرى وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وقُوبلت دعوته بانتقادات دولية واسعة النطاق، كما نددت جماعات لحقوق الإنسان باقتراحه نقل الفلسطينيين من القطاع بشكل دائم، ووصفت الأمر بأنه تطهير عرقي.
وكانت الوساطة المصرية القطرية الأمريكية نجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، بعد 15 شهرًا من بدء الحرب في أعقاب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.