تصميم: يوسف أيمن- المنصة

بعد التجسس على صحفيين وناشطين.. باراجون الإسرائيلية تنهي عقدها مع إيطاليا

قسم الأخبار
منشور الجمعة 7 فبراير 2025

أنهت شركة باراجون/Paragon Solutions الإسرائيلية المتخصصة في برامج التجسس، عقدها مع الحكومة الإيطالية بعد الكشف عن استخدام برنامجها لاستهداف صحفي إيطالي متخصص في التحقيقات الاستقصائية، وناشطَين كانا من بين المستهدفين.

وكانت ميتا، الشركة المالكة لواتسآب أعلنت الأسبوع الماضي عن استهداف قرابة 90 صحفيًا وناشطًا في المجتمع المدني، في أكثر من عشرين دولة عبر واتساب ببرمجيات التجسس التي تنتجها باراجون.

ويُعرف برنامج التجسس الذي تنتجه باراجون باسم Graphite، ويتمتع بقدرات تضاهي قدرات برنامج بيجاسوس، المملوك لـNSO Group.

جاء قرار باراجون بوقف التعاون مع إيطاليا عقب تقارير أفادت بأن صحفي التحقيقات الإيطالي فرانشيسكو كانسيلاتو وناشطَين آخرين كانوا من بين المستهدفين المحتملين.

كان كانسيلاتو أول من كَشف عن تعرضه للاستهداف، وهو صحفي معروف بتحقيقاته حول اليمين الإيطالي المتطرف. ففي العام الماضي، نشرت مؤسسته الإعلامية Fanpage تحقيقًا كشفت فيه عن وجود عناصر فاشية بين الشباب الوطني، الجناح الشبابي لحزب جورجا ميلوني Fratella d'Italia/أُخوية إيطاليا، حيث نشرت مقاطع فيديو لهم وهم يرددون شعارات نازية ويؤدون تحيات فاشية.

وبالإضافة إلى كانسيلاتو، استهدف البرنامج كلًا من الناشط الليبي المقيم في السويد حسام الجمّاتي، والناشط الإيطالي لوكا كازاريني، مؤسس منظمة Mediterranea Saving Humans، المعروفة بتصديها لانتهاكات حقوق المهاجرين.

وأفادت تقارير بأن عمليات التجسس استهدفت نشطاء في دول أوروبية متعددة، منها بلجيكا واليونان ولاتفيا وليتوانيا والنمسا وقبرص والتشيك والدنمارك وألمانيا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد.

وفي محاولة لاحتواء الفضيحة، نفت حكومة ميلوني ووكالة الاستخبارات الإيطالية أي تورط لها في عمليات التجسس على الصحفيين والناشطين. لكن المعارضة الإيطالية صعّدت من مطالبها، إذ دعت أحزابها، أمس الخميس، رئيسة الوزراء للمثول أمام البرلمان لتوضيح ملابسات القضية.

وبحسب المعلومات التي كشفها واتساب، فإن عدد الإيطاليين المستهدفين ببرنامج التجسس قد يصل إلى سبعة أشخاص، لكن هوية باقي الضحايا المحتملين لم تتضح بعد.

باراجون: من وحدة 8200 إلى سوق التجسس العالمي

تأسست باراجون عام 2019 في تل أبيب على يد إيهود شنورسن، القائد السابق في وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200، إلى جانب مجموعة من كبار المتخصصين في الهجمات السيبرانية، منهم إيدان نورك، إيجور بوجودلوف، ولياد أبراهام.

و تحظى الشركة بدعم مباشر من إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي يشغل منصبًا في مجلس إدارتها، ويمتلك حصة تقدر قيمتها بين 10 و15 مليون دولار قبل الضرائب، وفقًا لتقارير إسرائيلية.

منذ انطلاقتها، تدّعي باراجون نفسها كبديل "أخلاقي" لشركات التجسس الإسرائيلية التي واجهت إدانات دولية بسبب استخدام أدواتها في قمع الصحفيين والمعارضين السياسيين في دول غير ديمقراطية. حاولت الشركة النأي بنفسها عن الفضائح التي لاحقت شركة NSO Group، المصنعة لبرنامج التجسس بيجاسوس، والتي فرضت عليها واشنطن عقوبات بعد الكشف عن استخدامها لاستهداف نشطاء وصحفيين.

وتزامنت نشأة شركة باراجون مع أزمة تنظيمية في قطاع التجسس الإسرائيلي، حيث شهدت وحدة 8200 هجرة خبراتها إلى الشركات الخاصة أو الخارج، مما دفع الجيش الإسرائيلي لفرض قيود مؤقتة على عمل جنود الاحتياط في هذا القطاع، في محاولة للحد من استنزاف قدراته السيبرانية.

وفي تحول استراتيجي كبير، استحوذت شركة الاستثمار الأمريكية AE Industrial Partners على باراجون في ديسمبر 2024، بصفقة قد تصل قيمتها إلى 900 مليون دولار، تضمنت دفعة أولى بـ 500 مليون دولار، مع 400 مليون إضافية مرتبطة بتحقيق أهداف أداء محددة.

توسع  باراجون في السوق الأمريكي

عملت باراجون على ترسيخ وجودها في الولايات المتحدة. ففي 27 سبتمبر/أيلول الماضي، وقّعت الشركة عقدًا مع وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية/ICE بقيمة مليوني دولار، لتزويدها بـ حل متكامل يشمل ترخيص البرامج والأجهزة والصيانة والتدريب، وفقًا لوثائق راجعها موقع WIRED.

كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية/DEA استخدمت برنامج Graphite التابع لـ باراجون في عملياتها منذ عام 2022، ما يعكس عمق العلاقة بين الشركة والمؤسسات الأمنية الأمريكية.

في سياق محاولاتها لتعزيز نفوذها في واشنطن، استعانت باراجون في عام 2019 بشركة WestExec Advisors، وهي شركة استشارية أسسها مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، من بينهم أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي السابق. كما عيّنت لاحقًا أفريل هاينز، المديرة السابقة للاستخبارات الوطنية الأمريكية، في خطوة تعكس طموحها لاختراق السوق الأمريكية بقوة.

وفي فبراير/شباط 2023، لجأت الشركة إلى Holland & Knight، وهي مجموعة ضغط معروفة في واشنطن، حيث أنفقت 280 ألف دولار على حملات الضغط السياسي خلال عامي 2023 و2024، لضمان استمرار نفوذها وتأمين عقود حكومية جديدة، في وقت فرضت فيه واشنطن قيودًا على شركات التجسس التجارية مثل NSO Group.