موقع مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
أحكام عسكرية بسجن 62 سيناويًا في قضية "حق العودة"، صورة تعبيرية

"مسرحية هزلية".. انتقاد حقوقي لمحاكمة "حق العودة"

يوسف عقيل
منشور الأحد 15 ديسمبر 2024

استنكر مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أحمد سالم الحكم الصادر من المحكمة العسكرية، أمس، بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و10 سنوات بحق 62 مواطنًا من سيناء، في القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023، المعروفة إعلاميًا بـ"قضية حق العودة".

وقال سالم لـ المنصة إن "الاستمرار في استخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين يمثل انتهاكًا واضحًا لحق المحاكمة العادلة"، موضحًا أن المتهمين لم يتمكنوا من التواصل مع محاميهم، ولم يُسمح لفريق الدفاع بالاطلاع على أوراق القضية إلا قبل يوم واحد من جلسة المحاكمة "مما يجعل الأمر أشبه بمسرحية هزلية".

وأكد أن هذه الأحكام تتجاهل نص المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن حق المحاكمة العادلة، قائلًا "المحاكمات العسكرية للمدنيين وانتهاك حقوق الدفاع يجعل الأمر أقرب إلى استخدام القضاء كأداة لترهيب السكان وتصفية حسابات سياسية".

وأوضح مدير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أن أوراق القضية لا تحتوي على أدلة تربط المتهمين بشكل مباشر بالاتهامات الموجهة إليهم، وهي "إتلاف 3 سيارات عسكرية، وإصابة جندي".

ويكمل "محضر التحريات مفيهوش أي أدلة أو قرائن لمتهم بعينه، حتى شهادة الجندي المصاب وهي الشهادة الوحيدة في أوراق القضية قال إن في ناس رمت عليه حجارة لكن مفيش أسماء أو أشخاص بعينها، فكان الحكم صادم وقاسي وجائر، وتجَاهل تمامًا مضمون القضية والحقائق الموجودة في الأوراق، ولم يلتزم بالمعايير القانونية"، حسب وصفه.

بينهم صحفيان اثنان

وقال سالم إن من بين المحكوم عليهم، عبد القادر مبارك عضو نقابة الصحفيين المصريين، وحسين القيم الصحفي بجريدة الوطن، وصدرت بحقهما أحكام غيابية بالسجن 10 سنوات.

"مبارك لم يكن متواجدًا في الأحداث، أما القيم فكان مكلفًا بتغطية صحفية لمعبر رفح يوم الواقعة لصالح قناة Extra News، وهو ما تؤكده شهادة سائق السيارة التي أقلته"، قالها سالم.

وفي أوراق القضية قال السائق "وإحنا راجعين من المعبر لقينا ناس متجمعة، وقفنا دقيقتين نعرف فيه إيه ومشينا، وبعد يومين لقيت رقم العربية متأخد وأسماءنا في القضية".

وقضت المحكمة العسكرية في الإسماعيلية، أمس، بالسجن 7 سنوات للشيخ صابر الصياح، أحد أبرز رموز سيناء وقبيلة الرميلات، إلى جانب 11 آخرين، لمشاركتهم في مظاهرات تُطالب بالعودة إلى قراهم بسيناء، حسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.

وشملت الأحكام أفرادًا من أسرة الشيخ صابر، حيث حُكم غيابيًا على نجله عبد الرحمن بالسجن 10 سنوات، بينما حُكم على نجله الآخر يوسف بالسجن 3 سنوات بعد اعتقاله من مكان عمل والده. ووفقًا لشهادات محلية لمؤسسة سيناء، لم يشارك الشيخ صابر وأبناؤه في المظاهرة موضوع القضية، بل دعا الناس للعودة إلى منازلهم التي هُجروا منها وهو مافعله.

وحسب المؤسسة، فإن قوة تابعة للجيش ألقت القبض على الشيخ صابر حماد الصياح، في 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد دعوته لعودة المهجرين قسريًا من أبناء سيناء لمناطق سكنهم التي غادروها مجبرين قبل سنوات.

وذكرت المؤسسة أن "اعتقال الشيخ صابر جاء بعد نحو شهر من اعتقال نجله الأكبر يوسف وحبسه احتياطيًا على ذمة القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023".

وكان الشيخ صابر الصياح تعرض لمحاولتي اعتقال، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما قامت السلطات بفصله من عمله بشكل تعسفي.

انتقادات لاستمرار نهج القمع

واختتم رئيس مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان حديثه "بدلًا من فتح قنوات اتصال مع سكان سيناء وتعويضهم عن خسائرهم بعد انتهاء العمليات العسكرية في 2022، تستمر السلطات في ارتكاب أخطاء أخرى بمحاكمات هزيلة وأحكام جائرة".

وأعرب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في وقت سابق، عن قلقهم العميق إزاء الانتهاكات المزعومة في القضية "التي تشمل محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية وحرمانهم من التمثيل القانوني".

وفي خطاب أُرسل إلى السلطات المصرية في 7 أكتوبر الماضي، طالب الخبراء الحكومة باتخاذ إجراءات لوقف هذه الانتهاكات وضمان المحاسبة في حال ثبوتها، بناءً على شكوى من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومجموعات حقوقية دولية أخرى.

الخطاب تناول قضايا عدة، منها الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، والنزوح القسري لآلاف البدو في شمال شرق سيناء، والاحتجاز التعسفي المطول، معتبرًا أن هذه الممارسات تنتهك التزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما طالب الخبراء الحكومة بتوضيحات حول أسس الاعتقالات والمحاكمات العسكرية، وسبل تعويض النازحين وإعادة توطينهم، وبدائل التهجير القسري. ورغم منح السلطات مهلة للرد على الخطاب خلال 60 يومًا، لم تُقدِّم الحكومة المصرية أي إجابة قبل نشره رسميًا، حسب مؤسسة سيناء.

وفي 9 أكتوبر الماضي، انتقدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، التهجير الذي تعرض له أهالي المحافظة خلال العقد الماضي، أثناء مواجهة الدولة للإرهاب، مشيرة إلى تأثيره الكبير والممتد على هذه الأسر حتى الآن، خصوصًا أنهم لم يحصلوا على "تعويضات عادلة".

وتضمن التقرير الصادر تحت اسم العدالة المفقودة توثيقًا وتحليلًا قانونيًا لوقائع حصول آلاف من السكان المحليين المهجرين على بعض التعويضات "من خلال عملية بطيئة وغير شفافة، بينما لم يحصل الآلاف الآخرون على أي شيء وليس لديهم معلومات حول ما إذا كانوا سيحصلون على تعويضات أو عن قيمة المبلغ الذي قد يحصلون عليه".

ووفق التقرير، فإن "حوالي 57% من إجمالي السكان الذين حصلوا على تعويضات مالية، حصلوا عليها بعد مرور 6 إلى 8 سنوات من قيام السلطات المصرية بتهجيرهم قسريًا".