أعربت الجامعة البهائية العالمية، في بيان الثلاثاء، عن قلقها إزاء ما وصفته بـ"تصعيد وتيرة سياسات اضطهاد المواطنين البهائيين في مصر"، وأكدت ممثلة الجامعة لدى الأمم المتحدة صبا حداد لـ المنصة أن هذه السياسات تسببت في "معاناة كبيرة للبهائيين"، مشيرة إلى أن كل محاولاتهم مع السلطات المصرية لحل مشاكل البهائيين تُقابل بـ"مماطلة ووعود لا تحقق".
وتمثل الجامعة البهائية العالمية المجتمع البهائي في أنحاء العالم، وهي منظّمة غير حكوميّة مسجلة لدى منظمة الأمم المتّحدة منذ عام 1948، وتتمتّع بالصفة الاستشاريّة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ECOSOC، ومنظّمة الأمم المتّحدة للطفولة UNICEF.
و"يواجه البهائيون في مصر العديد من المضايقات والحرمان من الحقوق المدنية، وتفريق العائلات والمراقبة المكثفة من قبل أجهزة الأمن"، حسب بيان الجامعة، الذي أشار إلى أن عدد البهائيين في مصر يقدر بـ"بضعة آلاف".
وأشارت الجامعة إلى أن البهائيين يتعرضون "للتمييز الممنهج والمتعمد بدوافع طائفية وبدعم من المؤسسات الرسمية منذ أكثر من قرن"، وتعتمد أبرز هذه الممارسات على مرسوم أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عام 1960 بحظر جميع الأنشطة البهائية، وحل المؤسسات البهائية ومصادر ممتلكاتها، بما في ذلك المقابر.
وقالت إن هذا المرسوم "رسخ التمييز المدعوم رسميًا ضد البهائيين، مما حرمهم من حقوقهم الأساسية والاعتراف بهويتهم".
وأضافت أن السياسات التمييزية ضد البهائيين "آخذة بالتفاقم، وترفض السُلطات المعنية بمصر وتتجاهل كافة المساعي الرامية للوصول إلى حلول عملية لهذه الأزمة"، مؤكدة أن "التغييرات المطلوبة لإزالة الآثار السلبية لمرسوم عام 1960 تقع بالكامل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، ولا تتطلب أي تعديلات تشريعية أو دستورية".
وقالت حداد إن من أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها البهائيون حرمانهم من "حق الدفن"، إذ ترفض السلطات المصرية منحهم تراخيص إنشاء مقبرة خاصة بهم، وأوضحت أنه كان للبهائيين ثلاث مقابر في مصر كلها يدفنون فيها موتاهم، تم الاستيلاء على اثنتين منها ولم يتبق سوى مقبرة واحدة فقط.
ولفتت إلى أن البهائيين طلبوا من الحكومة توفير الأرض فقط وإصدار التراخيص القانونية، وسيتكفلون هم بتجهيزها وكافة الخدمات المطلوبة لكنها لم توافق أيضًا.
وعام 1925 كانت مصر أول دولة في العالم تعلن قانونيًا استقلال الدين البهائي، وقام البهائيون بتصنيف ونشر الأحكام الخاصة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث والدفن وتقديم هذه الأحكام إلى مجلس الوزراء المصري، وتم الاعتراف بالجمعية البهائية وتسجيلها تسجيلًا رسميًا في سجلات الحكومة عام 1934، حسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات.
ولفتت حداد إلى أن هناك عدة صور تؤكد التمييز الممنهج ضد البهائيين في مصر، منها عدم الاعتراف بعقود زواجهم، رغم حصولهم في السابق على حكم قضائي يلزم السلطات بإثبات الزواج، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص كان مكتوبًا في هوياتهم صفة أنه متزوج، لكنه عندما ذهب لتجديدها ألغيت وكتب بدلًا منها صفة أعزب، مؤكدة أن "هناك حالات كثيرة من هذا النوع تم توثيقها في العام الماضي فقط".
وأوضحت حداد أن "هذا التعسف ترتبت عليه مشاكل كثيرة منها عدم حصول الأطفال على أوراق ثبوتية، بالتالي حرمانهم من كل الحقوق وعلى رأسها التعليم".
ومن بين صور التمييز أيضًا، وفقًا لحداد، ما يتعرض له البهائيون من "ترهيب ومراقبة واستجواب في المطارات ومصادرة كل ما بحوزتهم من أوراق أو كتب وتوقيف لساعات تصل في بعض الأحيان إلى 5 و12 ساعة دون مبرر حقيقي سوى أنه بهائي".
وأكدت حداد أن الجامعة البهائية العالمية حاولت عدة مرات التواصل مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، والتقت مسؤولين عن المجلس، وكذلك المسؤولين بالخارجية المصرية، في زيارتهم إلى جنيف، من بينهم السفير خالد البقلي رئيس الأمانة الفنية للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، وكل وعودهم بحل مشاكل البهائيين "لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع ولم نجد أي تطور ولو بنسبة 1%".
ويأتي بيان الجامعة البهائية العالمية قبل جلسة مراجعة أوضاع حقوق الإنسان بمصر، المقرر عقدها في يناير/كانون الثاني المقبل، ضمن الاستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
وفي هذا الصدد، ناشدت الجامعة، في بيانها، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان تقديم خمس توصيات محددة إلى الحكومة المصرية خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل، من شأنها أن تساعد في رفع المعاناة عن البهائيين المصريين، في مقدمتها تخصيص أراضٍ لدفن البهائيين في مناطق مختلفة من مصر.
ومن بين التوصيات تعيين ممثل حكومي للتواصل مع المجتمع البهائي المصري لمعالجة التحديات التي يواجهونها، وتأسيس هيئة رسمية للإشراف على مسائل الزواج والطلاق والميراث للأفراد الذين تحمل بطاقاتهم الشخصية علامة "الشرطة" في خانة الديانة، وضمان حق البهائيين في ممارسة معتقدهم بحرية، وإزالة أسماء الأفراد البهائيين من قوائم مراقبة الوصول في المطارات، سواء كانوا مصريين أو أجانب.
ويتعرض البهائيون للتمييز والاضطهاد في عدة دول، من بينها اليمن وإيران، وتشمل الانتهاكات حظر أنشطتهم وترهيبهم واعتقال بعضهم وإعدام آخرين.