أفرجت قوات الأمن عن 9 من أهالي جزيرة الوراق، مساء أمس، سبق وألقت القبض عليهم في أعقاب اشتباكات وقعت بين الطرفين، على خلفية وضع الأمن سياجًا حديديًا أعاق عبور الأهالي إلى المعدية المؤدية للجزيرة من ناحية كمين الجزارين، ما أكدته صفحات الاشتراكيون الثوريون ومتصدقش وجزيرة الوراق مباشر على فيسبوك.
وحسب متصدقش، جاء قرار الإفراج عن التسعة المحتجزين بعد مفاوضات بين مسؤولي الأمن الوطني، وممثلي عائلات الجزيرة، مقابل تهدئة حدة المظاهرات وإنهاء الاشتباكات المتكررة مع قوات الأمن.
وكان مصدر قانوني من الأهالي، طلب عدم نشر اسمه، قال لـ المنصة أمس إنهم يخوضون مفاوضات ودية مع الأمن لإخلاء سبيل المحتجزين في الاشتباكات دون عرضهم على النيابة أو تحريك قضية جنائية ضدهم.
وسبق ونشر حساب الاشتراكيون الثوريون على إكس فيديو يُظهر احتجاجات نظمها الأهالي للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين على خلفية الأحداث.
ووثقت صفحة جزيرة الوراق مباشر على فيسبوك عبر فيديو، نشرته في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، الاشتباكات بين الأمن والأهالي، يظهر فيه استخدام الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
كما أظهرت مقاطع بث مباشر أخرى، نشرها مكرم محروس، وهو أحد أهالي الجزيرة، إصابات بأعيرة خرطوش في صفوف عدد من الأهالي، اطلعت عليها المنصة قبل أن يحذفها محروس "تنفيذًا لتعليمات الأمن لإتمام التسوية وإطلاق سراح المقبوض عليهم"، حسب المصدر القانوني.
وأدانت الحركة المدنية الديمقراطية، في بيان أمس، "التهجير القسري الذي يجبر عليه أهالي جزيرة الوراق"، مؤكدة "رفضها التعاملات الأمنية التي يتعرض لها المواطنون لإجبارهم على ترك منازلهم (...) ولا يزال حتى اليوم عدد من الأهالي رهن الحبس بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية".
وطالبت الحركة المدنية بـ"وقف التعامل الأمني العنيف مع الاحتجاجات السلمية المشروعة لأهالي جزيرة الوراق"، وقالت "أحلام التنمية والاستثمار يجب ألا تكون على حساب حق المواطن في العيش آمنًا في أرضه، ويجب ألا تلجأ الدولة للخروج من إغراقها في بحر الديون وتسليم الجزيرة لمستثمرين على حساب حقوق المواطن البسيطة".
كما طالبت بضرورة "إنهاء الحصار الأمني المفروض على الجزيرة، فهو ينتهك حقوق السكان الأساسية في الحياة والسلامة الشخصية، وتطالب بالالتزام الكامل بالمادة 63 من الدستور التي تعتبر التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، وكذلك الالتزام بمعاهدات مصر الدولية بشأن الحق في السكن الملائم والحماية من الإخلاء القسري".
وتعد الاشتباكات التي شهدتها الجزيرة، أول أمس، الثانية في غضون شهرين، إذ وقعت اشتباكات مماثلة في 26 سبتمبر/أيلول الماضي بين الأمن والأهالي، على خلفية تعدي أحد الضباط بالضرب على 3 من أبناء الجزيرة ما دفع الأهالي إلى التجمع قرب كمين الشرطة للاحتجاج على تصرف الضابط ومطالبته بالاعتذار للمُعتدى عليهم.
وبُث وقتها فيديو يظهر اشتباكات بين الأهالي المتجمعين قرب الكمين، الموجود أسفل محور روض الفرج المار بالجزيرة مع الأمن، استخدموا خلالها الطوب والحجارة في الرد على تعدي قوات الأمن عليهم بطلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وتمارس قوات الأمن المتمركزة بالجزيرة حملات تضييق على سكانها منذ يوليو/تموز الماضي، تمنع إثرها عبور مواد البناء للجزيرة، لإجبار الأهالي على القبول بالتعويضات التي أقرتها الحكومة لمنازلهم وإخلائها لاستكمال مشروع التطوير.
وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، منعت قوات الأمن المتمركزة عند كمين منطقة الجزارين، سيارة نصف نقل يمتلكها مكرم محروس من العبور إلى الجزيرة عبر المعدية، واعترضوا طريقها بسياج حديدي، حسب تصريحات أدلى بها محروس لـ المنصة، في وقت سابق.
وخلال سبتمبر/أيلول الماضي، نظم أهالي جزيرة الوراق وقفات احتجاجية شبه يومية، طالبوا خلالها بتخفيف القبضة الأمنية على السكان الرافضين التنازل عن منازلهم وممتلكاتهم، والسماح لهم بإدخال المون ومواد البناء.
وسبق ووثق محروس الاحتجاجات بفيديوهات، ندد في أحدها بقرار الأمن منع قدوم المون ومواد البناء للجزيرة.
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وجه، في يونيو/حزيران الماضي، بالتصدي بحسم لأي محاولات للبناء المخالف بالجزيرة، ومنع عودة المظاهر العشوائية بها، مع ضرورة الالتزام بالبرامج الزمنية المُقررة لتنفيذ أعمال الإخلاء للمنازل والأراضي، واستمرار صرف التعويضات للمستحقين، ومواصلة مشروعات التطوير المُستهدفة لإحداث نقلة نوعية بالخدمات في الجزيرة.
وفي 2018 أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 20 لسنة 2018 بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق، صدرت عقبه قرارات نزع ملكية أراضي الجزيرة ومنها قرار نزع ملكية الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروع إنشاء 68 برجًا بمدينة الوراق الجديدة لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والبالغ مساحتها 61013 فدانًا.
وفي يوليو الماضي، استعرضت وزارة الإسكان إجمالي الأراضي والمنازل التي تم إخلاؤها في الجزيرة، مشيرة إلى الحصول على نحو 993 فدانًا من أصل 1295 فدانًا، بما تخطى 76% من إجمالي مساحة المنطقة محل التطوير.
في 26 يوليو 2022، أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات تغيير اسم جزيرة الوراق إلى مدينة حورس، لافتةً إلى أن تكلفة المشروع تصل إلى 17.5 مليار جنيه، وأن دراسة الجدوى قدرت الإيرادات الكلية بنحو 122.54 مليار جنيه، فيما أوضحت أن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.
وأشارت إلى أن المشروع يضم 8 مناطق استثمارية ومنطقة تجارية ومنطقة إسكان متميز، كما سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيشًا سياحيًا.