أدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أمس، صدور قرار من نيابة أمن الدولة العليا بإحالة المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، مؤسس رابطة "أسر المختفين قسريًا"، إلى المحاكمة الجنائية في قضيتين منفصلتين، بعد 7 سنوات من الحبس الاحتياطي على ذمة أكثر من قضية "جميعها عقابًا له على محاولته مقاومة جريمة الاختفاء القسري، والبحث عن مصير نجله المختفي منذ 2013"، حسب البيان.
ويواجه المحامي اتهامات في القضية الأولى رقم 900 لسنة 2017 بـ"تولي قيادة جماعة إرهابية بهدف استخدام العنف والإخلال بالنظام العام وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب"، كما اتُهم بـ"الانضمام إلى جماعه أسست على خلاف أحكام القانون، والتحريض والمساعدة في ارتكاب جناية تمويل الإرهاب" في القضية الثانية رقم 1470 لسنة 2019.
وطالبت المفوضية بالإفراج الفوري عن متولي وإسقاط كل الاتهامات الموجهة ضده وكشف مصير نجله ومحاسبة المسؤول عن إخفائه، مجددة مطالبها بالكشف الفوري عن مصير كل المختفين قسريًا في مصر، ومقاضاة المسؤولين عن جرائم الاختفاء القسري، والتأكيد على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات وفقًا للقانون.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، ألقت قوات الأمن بمطار القاهرة الدولي القبض على متولي، قبيل سفره إلى جنيف لتقديم شهادته عن اختفاء نجله وغيره بصفته رئيس رابطة أسر المختفين قسريًا خلال الدورة الـ113 لمجموعة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإخفاء القسري، وظهر بعد يومين من القبض عليه في نيابة أمن الدولة العليا التي حققت معه واتهمته بقيادة جماعة أسست على خلاف القانون.
واللافت، حسب المفوضية، أن متولي نفسه تعرض للإخفاء القسري، بعدما قررت نيابة أمن الدولة العليا، بعد عامين من الحبس الاحتياطي إخلاء سبيله في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2019 من دون أي ضمانات، حيث "تم احتجازه بمقر الأمن الوطني بكفر الشيخ، وتعرضه للتعذيب وتقييده من يديه وقدميه".
وبعد نحو شهر، فوجئ المحامون بحضور متولي إلى سرايا نيابة أمن الدولة العليا ومثوله أمامها للتحقيق في قضية أخرى رقم 1470 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا.
واعتبرت المفوضية أن إحالة متولي للمحاكمة "صفحة جديدة من صفحات قمع السلطة للمجتمع، بدلًا من الكشف عن مصير نجله والإفراج عنه هو وكل المختفين قسريًا"، مؤكدة أن السلطة "تسعى للانتقام من الأسر التي نادت بالكشف عن مصير ذويهم، ومحاسبتهم على المحاولة، فقط المحاولة للم شملهم وإنهاء جريمة مستمرة منذ سنوات دون محاسبة".
وأكدت أن استمرار هذه الممارسات "يشكل تهديدًا كبيرًا لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، وأنها لن تتوقف عن المطالبة بحرية إبراهيم متولي وكل المعتقلين، وكشف مصير كل المختفين قسريًا وإعادتهم للحياة من جديد ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم".
وحملت المفوضية السلطات المصرية كامل المسؤولية عن استمرار جريمة الإخفاء القسري التي تتعرض لها أعداد كبيرة من المواطنين المصريين "هذه الجريمة تقع ضمن إطار سياسة الترهيب ضد أي شخص يسعى للكشف عن الانتهاكات، وخرقًا فاضحًا للالتزامات الدولية التي تتعهد بها مصر، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر احتجاز أي شخص بمعزل عن القانون أو التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية".
وحظي ملف الحبس الاحتياطي باهتمام لافت الفترة الماضية، بداية من تخصيص جلسة له في الحوار الوطني بمشاركة حقوقيين، ورفع توصياتها إلى الرئيس الذي وجه الحكومة في 21 أغسطس/آب 2024 بتفعيلها، مؤكدًا أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي. وفي الفترة نفسها بدأ مجلس النواب مناقشة مشروع قانون للإجراءات الجنائية يتضمن تخفيف مدد الحبس الاحتياطي، لكنه لقي انتقادات عديدة.