أقر البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بالأغلبية الساحقة، مساء أمس، تشريعين لحظر عمل وكالة الأونروا في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، الخطوة التي اعتبرتها الوكالة سابقة خطيرة وعقابًا جماعيًا للفلسطينيين، وفق الشرق الأوسط.
كانت 7 دول، هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، حثت تل أبيب، أمس، على وقف إقرار التشريعين، محذرين من خطورة اتخاذ الخطوة على الفلسطينيين في الضفة وغزة.
ومن شأن هذا القرار أن يهدد عمل الوكالة الأممية في تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية مزرية مع شح المساعدات.
وتصاعدت حدة الانتقادات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة، بداية من اتهامها في يناير/كانون الثاني الماضي لموظفين فيها بالاشتراك في عملية طوفان الأقصى، وصولًا إلى استهداف العديد من المدارس التابعة للوكالة الأممية.
وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عبر إكس، بعد الموافقة على القرار، بمحاسبة موظفين بالأونروا قال إنهم نفذوا "أنشطة إرهابية ضد إسرائيل".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن "تطبيق الحظر قد يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول".
وأضاف في بيان "لا يوجد بديل للأونروا، إن تطبيق هذه القوانين سيكون مضرًا بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسلام والأمن في المنطقة ككل. وكما قلت من قبل، فإن الأونروا لا غنى عنها. وذكر أنه سيعرض الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوًا".
واعتبر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن القرار الإسرائيلي غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، مشيرًا إلى أنه يعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي.
وأضاف أن هذا التصويت يأتي أحدث خطوة في الحملة المستمرة لتشويه سمعة الأونروا ونزع الشرعية عن دورها في تقديم خدمات المساعدة والتنمية البشرية للنازحين في فلسطين.
وشدد لازاريني على أن هذه القوانين لن تؤدي إلا إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة في غزة، حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام في جحيم لا يوصف.
وأضاف أن هذه القوانين ستمنع أكثر من 650 ألف طفل وطفلة من حقهم في التعليم، مما يعرّض جيلًا كاملًا من الأطفال للخطر، كما تزيد من معاناة الفلسطينيين، وهي لا تقل عن كونها عقابًا جماعيًا.
وأثار قرار الكنيست قلق الأمم المتحدة وبعض حلفاء إسرائيل من القوى الغربية، التي قالت إنها تخشى من أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في غزة.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن مشاريع القوانين التي أقرها الكنيست الإسرائيلي والتي تقيد عمل الأونروا خاطئة تمامًا، مشيرًا إلى أن "المملكة المتحدة أكدت بوضوح إلى جانب الشركاء الدوليين أن إسرائيل يجب أن تضمن قدرة الأونروا على تقديم المساعدات بالسرعة والحجم اللازمين، لمعالجة حالة الطوارئ الإنسانية في غزة".
بدوره، اعتبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن هذا التشريع "يتناقض بشكل صارخ مع القانون الدولي، والمبدأ الأساسي للإنسانية"، مضيفًا أن "جميع وكالات الأمم المتحدة تجسد النظام الدولي القائم على القواعد، ويتعين على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بها".
وأفادت الرئاسة الفلسطينية، في بيان، بأن القرار يهدف إلى "تصفية قضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض، وهذا لن نسمح به"، معتبرة أن "قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية، وتمثل خطوطًا حمراء لأي حل"، حسب وفا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن هذا التصويت "يدل على تحوّل إسرائيل إلى دولة فاشية، وأن ذلك لم يعد مقتصرًا على عدد من الوزراء، وإنما ما يسمى دولة إسرائيل"، داعيًا دول العالم إلى "التعامل مع إسرائيل كدولة عنصرية، وأن يتم إخراجها من الشرعية الدولية".
وأدانت إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا القرار الإسرائيلي، وقالت الدول الأوروبية الأربع في بيان مشترك، مساء الاثنين، إن "عمل الوكالة ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، وخاصة في السياق الحالي في غزة، يشكّل التشريع الذي أقره الكنيست سابقة خطيرة للغاية لعمل الأمم المتحدة ولجميع منظمات النظام المتعدد الأطراف"، وفق وفا.
وأكدت الدول الأربع أنها ستواصل العمل مع الدول المانحة والمضيفة لضمان استمرارية عمل الأونروا ودورها الإنساني.
وتكبّدت الأونروا، التي تأسست عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين، خسائر فادحة منذ اندلاع الحرب، حيث قُتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها، وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة، حسب الشرق الأوسط.
ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أطلقت حماس عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر من العام الماضي، ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية قبلها بشهور، وتمكنت خلالها من احتجاز نحو 230 شخصًا، غالبيتهم إسرائيليون، وإثرها اجتاح جيش الاحتلال القطاع، ونفذ عملية متواصلة راح ضحيتها حتى أمس ما يزيد عن 43 ألف شخص، أغلبهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 101 ألف مصاب.