أطلقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أمس، عريضة لدعم وتأييد مطالب عائلات جزيرة الوراق برفع الحصار الأمني المفروض على الجزيرة، وتملُك منازل بديلة عن بيوتهم بعد التطوير، ومطالب أخرى اتفقوا عليها خلال مؤتمر مجلس عائلات الجزيرة، يوم الجمعة الماضي.
كان مجلس عائلات الجزيرة عقد الجمعة الماضي مؤتمرًا انتهى إلى 5 مطالب لتقديمها إلى الجهات المعنية بالدولة؛ هي "تملُك الأهالي منازل بالجزيرة بعد تطويرها، وعودة الخدمات المتوقفة، وإنهاء التضييق على المعديات، وإدراج اسم سيد حسن الجيزاوي الذي قتل في اشتباكات بين الأمن والسكان خلال محاولة إخلاء الجزيرة عام 2017 من بين أسماء الشهداء وتعويض أسرته، واستكمال علاج المصابين في الاشتباكات، واختيار مجلس إدارة يمثل عائلات الجزيرة".
وقالت المفوضية، في بيان على فيسبوك، إن "الموقعين على العريضة يطالبون الحكومة برفع الحصار الأمني المفروض على أهالي جزيرة الوراق منذ عام 2017 حتى يومنا هذا، والذي نتج عنه استحواذ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على ما يقرب من 71% من أراضي الجزيرة بالإكراه".
وفي 2018 أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 20 لسنة 2018 بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق، صدرت عقبه قرارات نزع ملكية أراضي الجزيرة، ومنها قرار نزع ملكية الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروع إنشاء 68 برجًا بمدينة الوراق الجديدة لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والبالغ مساحتها 61013 فدانًا.
وفي يوليو/تموز الماضي، استعرضت وزارة الإسكان إجمالي الأراضي والمنازل التي تم إخلاؤها في الجزيرة، مشيرة إلى الحصول على نحو 993 فدانًا من أصل 1295 فدانًا، بما تخطى 76% من إجمالي مساحة المنطقة محل التطوير.
وحسب المفوضية، يواجه سكان جزيرة الوراق منذ السادس عشر من يوليو 2017 اقتحامات متكررة من قوات الشرطة لإخلاء منازلهم بالاكراه، الأمر الذي نتج عنه مقتل أحد السكان، وإصابة العشرات، ولا يزال حتى اليوم عدد من الأهالي رهن الحبس باتهامات "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، وفق البيان.
وتكررت الاشتباكات بين سكان الجزيرة والأمن خلال السنوات الماضية، كان آخرها ما حدث أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، عندما وقعت اشتباكات على خلفية تعدي أحد الضباط بالضرب على 3 من أبناء الجزيرة، ما دفع الأهالي إلى التجمع قرب الكمين الشرطي للاحتجاج على تصرف الضابط ومطالبته بالاعتذار للمُعتدى عليهم، حسب مكرم محروس، أحد أبرز أهالي الجزيرة المتمسكين بممتلكاتهم فيها.
واعتبرت المفوضية "ممارسات الحكومة من تجريف الأراضي الزراعية في الجزيرة يمثل تهديدًا لاستدامة البيئة الطبيعية، مما يقضي على المصادر الحيوية والموارد الطبيعية التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية".
وأشار بيان المفوضية إلى أن الحكومة تبرر موقفها بضرورة إخلاء الجزيرة لتنفيذ مشروع مدينة حورس، الذي يسعى إلى تحويل الجزيرة إلى مركز تجاري عالمي، يتضمن أبراجًا سكنية وتجارية وفنادق، وترى أن تحقيق الأرباح من هذا المشروع المالي والتجاري أفضل من الاحتفاظ بالطبيعة الزراعية المستدامة للجزيرة.
وفي 26 يوليو 2022، أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات تغيير اسم جزيرة الوراق إلى مدينة حورس، لافتةً إلى أن تكلفة المشروع تصل إلى 17.5 مليار جنيه، وأن دراسة الجدوى قدرت الإيرادات الكلية بنحو 122.54 مليار جنيه، فيما أوضحت أن الإيرادات السنوية تبلغ 20.422 مليار جنيه لمدة 25 سنة.
وأشارت إلى أن المشروع يضم 8 مناطق استثمارية ومنطقة تجارية ومنطقة إسكان متميز، كما سيتم إنشاء حديقة مركزية ومنطقة خضراء ومارينا 1 و2، وواجهة نهرية سياحية، كما سيشمل منطقة ثقافية وكورنيشًا سياحيًا.
وتابعت المفوضية "تنتهك السياسات الحكومية الدستور المصري، الذي يجرم عمليات التهجير القسري في مادته 63، كما تخالف الحكومة المعاهدات والمواثيق الدولية التي تؤكد ضرورة التفاوض مع الأهالي قبل الشروع في أي مشروع تنموي".
وأردفت "الحصار الأمني المفروض على الجزيرة ينتهك حقوق السكان الأساسية في الحياة والسلامة الشخصية، ويعيش سكان الوراق تحت حصار مستمر، ما دفعهم إلى تنظيم احتجاجات مستمرة".
وأكدت المفوضية ضرورة ألا تؤدي عمليات الإخلاء إلى تشريد الأفراد أو انتهاك حقوق الإنسان الأخرى، والتزام الدولة بتوفير سكن بديل حال عدم قدرة المتضررين على إعالة أنفسهم، وتنفيذ عملية الإخلاء وفق القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وضمان التشاور الحقيقي مع المتضررين ومنحهم مهلة كافية.
ونظم أهالي جزيرة الوراق وقفات احتجاجية للمطالبة بتخفيف القبضة الأمنية على السكان الرافضين التنازل عن منازلهم وممتلكاتهم، ولمطالبة قوات الأمن بالسماح لهم بإدخال المون ومواد البناء.
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي وجه، في يونيو/حزيران الماضي، بالتصدي بحسم لأي محاولات للبناء المخالف بالجزيرة، ومنع عودة المظاهر العشوائية بها، مع ضرورة الالتزام بالبرامج الزمنية المُقررة لتنفيذ أعمال الإخلاء للمنازل والأراضي، واستمرار صرف التعويضات للمستحقين، ومواصلة مشروعات التطوير المُستهدفة لإحداث نقلة نوعية بالخدمات في الجزيرة.