أظهرت بيانات البنك المركزي نمو قيمة سندات العائد الثابت التي باعتها وزارة المالية خلال سبتمبر/أيلول الماضي بأكثر من 600% مقارنة بأغسطس/آب، واستكملت الوزارة اتجاهًا ببيع كميات كبيرة من هذه السندات خلال أول إصدار في أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وقالت مصادر مصرفية لـ المنصة إن هذه المبيعات المكثفة من السندات تأتي مدفوعة بإقبال "قوي" من الأجانب على شراء أدوات الدين العام طويلة الأجل، مع توقعاتهم بانخفاض الفائدة في مصر في الأجل المتوسط، و"تعمل الحكومة على الاستفادة من هذا الإقبال عبر إطالة أمد الدين وتخفيف ضغوط الديون قصيرة الأجل".
وحسب بيانات المركزي، بلغت قيمة سندات العائد الثابت المباعة خلال الشهر الماضي 137 مليار جنيه، مقارنة بـ19 مليار جنيه في أغسطس، بمعدل نمو 607%، وفي أول إصدار في أكتوبر بلغت قيمة السندات المباعة نحو 50 مليار جنيه، ما يشير إلى استمرار تكثيف المبيعات هذا الشهر.
"نلاحظ في الشهر الأخير تنامي طلبات المستثمرين الأجانب للاكتتاب في عطاءات السندات المصرية، لا سيما طويلة الأجل، الأمر الذي يرتبط بتصاعد تكهنات بشأن خفض وشيك وتدريجي لأسعار الفائدة مطلع العام المقبل 2025 حتى تقترب من مستوى 18%"، كما يقول عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي محمد عبد العال لـ المنصة.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بـ6% في مارس/آذار الماضي، ليصل العائد على الإقراض إلى 28.25%، كإجراء استثنائي ضمن حزمة إجراءات استهدفت الحد من التضخم والقضاء على سوق الصرف الموازية.
ويشير عبد العال لـ المنصة إلى أن خفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة الشهر الماضي زاد من جاذبية العطاءات المصرية التي يرتفع سعر الفائدة عليها عن مستوى 24%.
وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سمح بخفض الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ 2020، بنسبة نصف في المائة، مع توقعات بانخفاضات أخرى بعد أن استطاعت الولايات المتحدة الحد من معدلات التضخم المتفاقمة منذ 2022.
"بعض المستثمرين يحاولون اقتناص السندات المصرية لضمان العائد الحالي لثلاث سنوات مقبلة، قبل أن يتجه البنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة" كما يقول مدير إدارة الخزانة في أحد البنوك الحكومية، طلب عدم نشر اسمه.
وتوقعت وكالة فيتش في تقرير الشهر الماضي اتجاه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 12% على مدار عام 2025 بشكل تراكمي، على أن تظل الفائدة عند مستوياتها حتى نهاية العام الحالي.
وتحد معدلات التضخم الحالية، التي لا تزال فوق مستوى 25%، من جاذبية الفائدة على الدين العام في أنظار المستثمرين، لكن المصدر بالبنك الحكومي يقول إن المستثمرين يتوقعون تحسن العائد الحقيقي على السندات مع اتجاه التضخم للانخفاض الفترة المقبلة "تضخم الأشهر الماضية يرتبط بإجراءات استثنائية، ومن المرشح أن يتجه للتراجع الفترة المقبلة".
وساهمت إصلاحات طالب بها صندوق النقد الدولي، مثل رفع أسعار الكهرباء والوقود، في استمرار معدلات التضخم في الارتفاع، بالرغم من نجاح البنك المركزي في القضاء على معاملات سوق الصرف الموازية منذ مارس الماضي.
"هناك جانب آخر يفسر الإقبال الاستثماري في السندات المصرية طويلة الأجل، يتمثل في الوضع الجيد التي تتمتع به إصدارات الدين المحلية بين الأسواق الناشئة الأخرى مثل تركيا والأرجنتين التي تسجل معدلات تضخم تتفوق على مصر بنسبة كبيرة، في المقابل نجحت مصر في التعامل مع أزمة النقد الأجنبي واكتسبت مزيدًا من الاستقرار الاقتصادي"، حسب عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي.
ويرى عبد العال أن الإقبال على شراء السندات الحكومية يصب في صالح وزارة المالية "تأمين سيولة نقدية بآجال طويلة يساهم في تقليل مخاطر الدين العام".