حذر العديد من رؤساء الدول، خلال افتتاح أعمال الدورة الـ79 للأمم المتحدة، أمس، من اتساع رقعة الحرب، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي في جنوب لبنان، الذي أسفر عن مقتل مئات الضحايا.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على جنوب لبنان، وسط حالة من الترقب إذا كان الهجوم سيتطور إلى اجتياح بري، وسط حركة نزوح للأهالي من مناطق القتال.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن بلاده عازمة على منع نشوب حرب أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط "تبتلع المنطقة بأكملها"، على حد وصفه، معتبرًا أن الحل الدبلوماسي بين لبنان وإسرائيل يظل "السبيل الوحيد للأمن الدائم وللسماح لسكان البلدين بالعودة إلى ديارهم على الحدود بأمان".
وحمل بايدن حزب الله مسؤولية الهجمات الإسرائيلية، قائلًا إن "حزب الله أطلق صواريخ على إسرائيل دون أن يُستفز".
وبدأ حزب الله هجماته على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ردًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأضاف الرئيس الأمريكي أن "الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد. وحتى مع تصاعد الوضع، لا يزال الحل الدبلوماسي ممكنًا".
كما برر هجمات إسرائيل في غزة، مذكرًا بهجوم 7 أكتوبر، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى، قائلًا "أي دولة، لها الحق في ضمان عدم تكرار مثل هذه الهجمات مرة أخرى".
ودعا إلى إنجاح مفاوضات وقف النار، قائلًا "حان الوقت للأطراف لوضع اللمسات الأخيرة على شروطه، وإعادة المحتجزين إلى ديارهم، وتأمين إسرائيل وغزة خالية من حماس، وتخفيف المعاناة في غزة وإنهاء هذه الحرب".
وطالب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال كلمته، بأن يعمل المجتمع الدولي "فورًا" على إنهاء العنف والوقف الدائم لإطلاق النار في غزة ووضع حد لما وصفها "بالهمجية البائسة" من إسرائيل في لبنان قبل أن تمتد إلى كل المنطقة والعالم.
واعتبر بزشيكان أن "إسرائيل هُزمت في غزة، وأن أي قدر من العنف الهمجي لن يُعيد خرافة أنها لا تقهر". وأضاف أن "إرهاب الدولة الأعمى" من إسرائيل في لبنان خلال الأيام الماضية "لا يمكن أن يمر دون رد".
وسبق وتوعدت إيران بالرد على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها نهاية يوليو/تموز الماضي.
وأضاف بزشيكان أن المسؤولية عن جميع العواقب "سيتحملها كل من أفشلوا الجهود العالمية الرامية إلى إنهاء هذه الكارثة المروعة".
وتابع أن القادة الإسرائيليين "يصفون هذه الإبادة الجماعية من قتل الأطفال وجرائم الحرب وإرهاب الدولة، بالدفاع المشروع عن النفس. ويصفون المستشفيات ودور الحضانة والمدارس بأنها أهداف عسكرية مشروعة"، متهمًا إسرائيل "باغتيال علماء ودبلوماسيين إيرانيين وحتى ضيوف" داخل إيران.
واستعرض الرئيس القطري تميم بن حمد، في كلمة طويلة، جهود بلاده في الوساطة لوقف حرب غزة، وانتقاد العدوان على غزة "عدوان سافر هو الأشد همجية وبشاعة والأكثر انتهاكًا للقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية".
وقال بن حمد إن الحرب في غزة "ليست حربًا بمفهوم الحرب المعروف والمتداول في العلاقات الدولية، بل هي جريمة إبادة بأحدث الأسلحة لشعب محاصر في معسكر اعتقال لا مهرب فيه".
وأوضح أن الضحايا، بمن فيهم الأطفال والنساء، يعانون بشكل لا يمكن تجاهله، مشددًا "بعد مرور عام على الحرب ومع كل ما ارتكب فيها لم يعد ممكنًا الحديث عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها في هذا السياق من دون التورط في تبرير الجريمة".
وأعرب أمير قطر عن أسفه إزاء ما وصفه بـ"فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراره بوقف إطلاق النار في قطاع غزة أو امتناعه عن منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة على الرغم من اعتماد الجمعية العامة في مايو/آيار الماضي قرارًا يدعم طلب فلسطين لهذه العضوية".
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن موقف إسرائيل أظهر مرة أخرى أنه من الضروري للمجتمع الدولي أن يطور آلية لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وأضاف "كما أوقف تحالف الإنسانية هتلر قبل 70 عامًا، فلا بد أن يوقف تحالف الإنسانية نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وشبكة القتل التابعة له. ونعتقد أن سلطة الجمعية العامة في تقديم توصيات بشأن استخدام القوة"، معتبرًا أن ما يحدث في فلسطين هو مؤشر على انهيار أخلاقي هائل.
ولا تعد هذه أول مرة يشبه فيها إردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بهتلر.
وحذر العاهل الأردني عبد الله الثاني من أن الأمم المتحدة تواجه أزمة "تضرب في صميم شرعيتها، وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية"، مشيرًا إلى الأزمات المتزايدة التي تعصف بالأمن والسلام الدوليين.
وقال إن التصعيد "ليس من مصلحة أية دولة في المنطقة، ويتجلى ذلك بوضوح في التطورات الخطيرة في لبنان في الأيام القليلة الماضية. يجب أن يتوقف هذا التصعيد".
وأضاف إن العالم العربي، ولسنوات، مدّ يده لإسرائيل عبر مبادرة السلام العربية، مستعدًا للاعتراف التام بها وتطبيع العلاقات معها مقابل السلام، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، "اختارت المواجهة ورفضت السلام، نتيجة للحصانة التي اكتسبتها عبر سنوات في غياب أي رادع لها. وفي غياب الرادع، ازدادت هذه الحصانة شيئًا فشيئًا".
وطبعت العديد مع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل خلال السنوات الماضية، من بينها الإمارات والبحرين، فيما أعاق العدوان على قطاع غزة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، حيث ربطت الأولى ذلك بوقف العدوان وإقامة دولة فلسطين.
وفي سياق متصل، دعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية فيليمون يانج إلى العمل المشترك "من أجل السلام"، مشددًا على ضرورة عدم تحويل الموارد الأساسية إلى مخزونات عسكرية "مما يغذي سباق تسلح لم نشهده من قبل منذ عصر الحرب الباردة".
من جانبه، وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ما يمر به العالم بـ"دوامة"، قائلًا إننا في عصر من التحولات، نواجه تحديات لم نر مثلها من قبل. تحديات، تتطلب حلولًا دولية".
وأضاف جوتيريش "إن مستوى الإفلات من العقاب في العالم لا يمكن الدفاع عنه من الناحية السياسية أو قبوله من الناحية الأخلاقية".
وأوضح أن ما يحدث في غزة كابوس متواصل يهدد بأن يعم المنطقة بأكملها، مشيرًا إلى ما يحدث في لبنان الذي يشرف على "هاوية صراع آخر".
وقال "إن شعب لبنان وشعب إسرائيل وشعوب العالم، لا يمكنهم تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى".
وتستمر أعمال الأسبوع الأول من الدورة الحالية بين 24 إلى 30 سبتمبر/أيلول الجاري، كما يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ355، الذي راح ضحيته 41467 قتيلًا و95921 إصابة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفق أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.