ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، "مجزرة جديدة" بحق النازحين الغزيين في منطقة المواصي جنوب غرب مدينة خانيونس بقطاع غزة، وفق وصف حركة حماس، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات، حسب جهاز الدفاع المدني لـ المنصة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، في اتصال هاتفي مع مراسل المنصة، إنّ الاحتلال استهدف بثلاثة صواريخ حربية خيام النازحين بجوار المستشفى البريطاني الميداني جنوب غرب خانيونس، وهي منطقة يصنفها الجيش ضمن المناطق الإنسانية الآمنة.
وأضاف "تواجه طواقمنا صعوبة في انتشال الضحايا بسبب الكثافة الرملية وفقدان عدد منهم تحت التراب وعدم توفر الأدوات والمعدات اللازمة، حيث انتشلت طواقمنا قرابة 65 ضحية ما بين شهيد ومصاب بشكل أولي ولا تزال تعمل في انتشال الضحايا".
وأحدث القصف لخيام النازحين ثلاث حُفر عميقة، دُفن فيها بعض من كانوا نيامًا في خيامهم مما أعاق عمل طواقم الدفاع المدني، التي أشارت إلى استمرار عملها حتى ساعات الصباح، حسب بصل.
وقال أحد شهود العيان لـ المنصة، وهو نازح من شمال قطاع غزة إلى منطقة المواصي بخانيونس "كنا نايمين في الخيم إحنا وولادنا، وفجأة لقينا الخيم بقطع علينا والرمل بغطينا، في اتنين من ولادي الأطفال مش لاقيهم لسه وهينا بندور عليهم"، مشيرًا إلى أنّ بعض العائلات التي كانت معهم في المُخيم فقدت آثار أفرادها بالكامل تحت التراب نتيجة القصف.
وأفاد مصدر طبي في قسم الطوارئ بمستشفى ناصر المنصة بوصول 10 قتلى وعشرات الجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن عددًا من الجرحى إصابتهم خطيرة.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان أولي تعقيبًا على القصف "قامت مقاتلات تابعة لسلاح الجو، بتوجيه من الشاباك، المخابرات العسكرية وقيادة الجنوب، بمهاجمة عدد من الإرهابيين البارزين في منظمة حماس الذين كانوا يعملون داخل مجمع للقيادة والسيطرة المموه في منطقة إنسانية في خانيونس".
وزعم جيش الاحتلال أن قيادات من المقاومة الفلسطينية كانت تعمل على التخطيط لتنفيذ عمليات عسكرية ضد قواته، موضحًا أنه "اتخذ العديد من الخطوات لتقليل احتمال إصابة المدنيين، بما في ذلك استخدام ذخائر دقيقة، مراقبة جوية ومعلومات استخباراتية إضافية".
من جانبها، وصفت حركة حماس هجوم المواصي بـ"المجزرة المروعة"، قائلة في بيان إن "هذا الاستهداف الوحشي للمدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ، في منطقة كان جيش الاحتلال أعلنها آمنة؛ هو تأكيدٌ على مُضِيِّ حكومة الاحتلال النازية في حرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، وتعمّدها ارتكاب المجازر البشعة بحقّه، غيرَ مكترثة بالقانون الدولي أو الإنساني، أو القرارات الداعية لوقف العدوان وذلك بغطاء كامل من الإدارة الأمريكية الشريكة في العدوان على شعبنا".
وأكدت حماس أن "ادعاءات جيش الاحتلال الفاشي وجود عناصر من المقاومة في مكان الاستهداف؛ هو كذبٌ مفضوح، يسعى من خلاله لتبرير هذه الجرائم البشعة، وقد أكّدت المقاومة مِراراً نَفْيَها وجود أيٍّ من عناصرها بين التجمعات المدنية، أو استخدام هذه الأماكن لأغراض عسكرية".
وفي شمال قطاع غزة، قُتل 16 غزيًا في شمال القطاع في استهدافات مختلفة نتيجة قصف إسرائيلي لثلاثة منازل دون سابق إنذار.
وقال جهاز الدفاع المدني إنه انتشل، مساء الاثنين، 6 ضحايا جراء استهداف منزل يعود لعائلة الحناوي بمخيم جباليا، مشيرًا في بيان له عبر واتساب "لا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض لم نتمكن من انتشالهم".
وانتشلت طواقم الدفاع المدني 5 ضحايا آخرين جراء استهداف منزل ثان يعود لعائلة أبو بكر بحي تل الهوا جنوب مدينة غزة، فيما انتشلت طواقمهم 5 ضحايا و12 إصابة، فجر الثلاثاء، من أسفل ركام منزل سكني يعود لعائلة لبّد في شارع اليرموك وسط القطاع.
عرقلة الأونروا
وأوقف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الاثنين، قافلة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" كانت في طريقها من جنوب قطاع غزة إلى شماله عن طريق حاجز نتساريم على شارع الرشيد/البحر، حيث حاصر الجيش بالدبابات والجرافات العسكرية القافلة الدولية ثماني ساعات متواصلة وأخضع فريقها للتحقيق.
وقال جيش الاحتلال في بيان له، عبر حسابه الرسمي على واتساب إنه "احتجز قافلة مركبات تابعة للأمم المتحدة في شمال قطاع غزة، في ضوء معلومات استخباراتية تفيد بوجود عدد من الفلسطينيين المشتبه بهم في القافلة"، موضحًا أنّ قواته أخضعت المشتبه بهم للاستجواب، وأنّ القافلة هدفها العمل على تبادل بين أفراد وموظفي الأمم المتحدة بين شمال القطاع وجنوبه.
وتعليقًا على الحادثة، قال مدير عمليات الأونروا، فيليب لازاريني، عبر إكس، "أوقف الجيش الإسرائيلي قافلة تابعة للأمم المتحدة كانت في طريقها إلى شمال قطاع غزة لأكثر من ثماني ساعات اليوم (الاثنين) رغم التنسيق التفصيلي المسبق".
وأوضح لازاريني أنّ القافلة كانت تضم موظفين محليين ودوليين، كانوا في طريقهم لإطلاق حملة تطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في شمال قطاع غزة والتي من المقرر أن تنطلق صباح الثلاثاء.
وأشار إلى أنّ القافلة توقفت تحت تهديد السلاح بعد نقطة تفتيش للجيش بالقرب من وادي غزة، وذلك تحت "تهديدات باحتجاز موظفي الأمم المتحدة"، مضيفًا أنّ الجيش ألحق أضرارًا بسيارات الأمم المتحدة قبل إطلاق سراح كافة الموظفين "وإعادتهم بأمان إلى قاعدة الأمم المتحدة" حسب قوله.
ونتيجة للحادث، نوه لازاريني إلى أنه ليس متأكدًا من إطلاق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في موعدها المحدد مُسبقًا، معتبرًا الحادث ضمن سلسلة الانتهاكات التي يمارسها جيش الاحتلال ضد موظفي الأمم المتحدة.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت في قطاع غزة في 20 يوليو/تموز 2024 العثور على فيروس شلل الأطفال في مياه الشرب بالقطاع، وعقب عدة أسابيع اكتشفت أول إصابة لطفل يبلغ 10 شهور وذلك في أغسطس/آب 2024. وانطلقت في سبتمبر/أيلول من نفس العام حملة واسعة لتطعيم الأطفال عبر متطوعين يتجولون بين المخيمات. وشهدت الحملة إقبالًا واسعًا.