واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثامن على التوالي، عمليته العسكرية في الضفة الغربية، وأعاق وصول بعثة أممية لتقييم الأوضاع في جنين، وفق المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في وقت أنهت حملة التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال المرحلة الأولى من عملها على نحو "فاق التوقعات"، على أن تبدأ غدًا الخميس المرحلة الثانية في جنوب القطاع.
وأوضح دوجاريك، في مؤتمر صحفي أمس، أن الخسائر في أرواح الفلسطينيين زادت نتيجة استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي "أساليب الحرب القاتلة"، حيث رصدت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 33 شخصًا في الضفة، منذ الأربعاء الماضي وحتى صباح أمس.
وأضاف المسؤول الأممي أن الحواجز التي تحول دون الوصول إلى الضفة الغربية أثرت في المساعدات الإنسانية، لافتًا إلى "تأجيل دخول سيارات الإسعاف والفرق الطبية منذ نحو أسبوع".
وأشار دوجاريك إلى أن الأمم المتحدة تتابع عن كثب التطورات في الضفة الغربية وقطاع غزة، معتبرًا أن "التطورات تسير في الاتجاه الخاطئ".
كانت وزارة الصحة الفلسطينية أوضحت أمس أن من بين قتلى الاحتلال في الضفة 7 أطفال ومسنين اثنين.
وتتضمن العملية الإسرائيلية حملة اعتقالات واسعة. ورصد نادي الأسير الفلسطيني اعتقال أكثر من 180 شخصًا حتى الآن.
وقال النادي في بيان عبر فيسبوك اليوم، "واصلت قوات الاحتلال الإسرائيليّ حملات الاعتقال في الضّفة بوتيرة غير مسبوقة وذلك في ضوء استمرار حرب الإبادة بحقّ شعبنا في غزة"، مشيرة إلى اعتقال 30 شخصًا على الأقل منذ مساء أمس وحتى صباح اليوم، "من بينهم أطفال، وأسرى سابقون، بالإضافة إلى مواطنين كرهائن".
في غضون ذلك، نقل موقع سكاي نيوز عن موقع "والا" الإسرائيلي، قوله إن جنديًا إسرائيليًا قتل وأصيب 5 آخرون خلال العملية العسكرية المستمرة في جنين.
وأضاف الموقع الإسرائيلي أنه "حتى الآن، قُتل نحو 30 إرهابيًا في المنطقة، وتم اعتقال نحو 30 فلسطينيًا آخرين مشتبه بهم في أنشطة إرهابية".
وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في 28 أغسطس/آب الماضي عملية عسكرية واسعة في الضفة، على غرار عمليته في غزة، وذلك بدعوى تفتيت البنى التحتية للمقاومة فيها. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن العملية إن "جيش الاحتلال يعمل بشكل مكثف في مخيمي اللاجئين جنين وطولكرم لإحباط البنى التحتية الإرهابية الإسلامية الإيرانية التي أقيمت هناك".
"المجازر" مستمرة.. وإنجاز في "شلل الأطفال"
وفي غزة، أعلن منسق الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، انتهاء حملة التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في وسط قطاع غزة، بعدما عملت المُنظمات الدولية على تطعيم قرابة 190 ألف طفل، دون سن العاشرة في مناطق دير البلح ومخيمات النصيرات والبريج والمغازي، وقال في بوست له على فيسبوك "العدد فاق التوقعات في تلك المنطقة".
وأضاف أنه "بعد تقييم الوضع مع شركائنا في منظمة الصحة العالمية واليونيسف، ستبدأ غدًا المرحلة التالية من الحملة في جنوب قطاع غزة".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، عبر إكس، إنّ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال "فاقت التوقعات" وهدفها الذي تحدد سابقًا بتطعيم 156 ألف طفل دون سن العاشرة، وأضاف "ستواصل أربعة مواقع ثابتة تقديم التطعيم ضد شلل الأطفال خلال الأيام الثلاثة المقبلة في وسط غزة لضمان عدم تفويت أي طفل".
وأكد على انطلاق حملة التطعيمات في جنوب قطاع غزة، الخميس، مُطالبًا جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية بـ"مواصلة احترام الهدن الإنسانية".
يأتي ذلك في وقت يواصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية في القطاع. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن الاحتلال ارتكب أمس "3 مجازر"، ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات "42 شهيدًا و107 إصابات خلال الـ24ساعة الماضية".
وبذلك ارتفعت أعداد ضحايا العدوان إلى 40 ألفًا و861 قتيلًا، و94 ألفًا و398 مصابًا، وفق الإحصاء اليومي للوزارة.
وميدانيًا، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، مجموعة من عناصر تأمين المساعدات القادمة إلى شمال قطاع غزة، حيث قتل 6 شبان في سيارة بمدينة الشيخ زايد شمال القطاع، وأصاب 8 آخرين من المارة في الشارع.
وقال شاهد عيان لـ المنصة إنّ سيارة مدنية كانت تقل 6 من الشبان يعملون على تأمين دخول المساعدات الإنسانية وحمايتها من السرقة من قُطاع الطرق استهدفهم جيش الاحتلال بصاروخ واحد ما أدى إلى مقتلهم على الفور.
وقتل الاحتلال في مدينة غزة 14 فلسطينيًا في عدة استهدافات إسرائيلية، وقصف فجر الأربعاء منزلًا يعود لعائلة كحيل في عمارة سكنية وسط المدينة، ما أدى إلى مقتل 9 من أفراد العائلة بينهم أطفال ونساء وإصابة آخرين وصلوا إلى مستشفى المعمداني لتلقي العلاج.
كما قتل جيش الاحتلال ثلاثة مواطنين آخرين في قصف مدفعي على حي الزيتون جنوب شرق غزة، فيما قتل اثنان آخران في قصف إسرائيلي استهدف مبنى كلية نماء التعليمية في حي الصفطاوي شمال مدينة غزة.
ووصل جثمانا طفلتين من عائلة فرج الله وأبو عريبان إلى مستشفى شهداء الأقصى، الأربعاء، بعد استهداف إسرائيلي بقذيفة مدفعية منزلًا في مخيم النصيرات وسط القطاع ودون سابق إنذار، حسب ما قال أحد شهود العيان لـ المنصة، علمًا بأن الشاهد نفسه أصيب في الاستهداف بشظايا في القدم حيث يخضع لتلقي العلاج.
وقتل الاحتلال طفلًا وطفلة آخرين في استهدافين مختلفين لمنازل مواطنين بمخيم البريج ومدينة دير البلح وسط القطاع، فجر الأربعاء، فيما وصل أكثر من 13 إصابة، حسب ما قال مصدر طبي بشهداء الأقصى لـ المنصة.
وفي جنوب قطاع غزة، ركزت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي قذائفها على الأطراف الشمالية لمنطقة القرارة شمال شرق خانيونس، ومنطقة الفخاري شرق المدينة، حسب ما أفاد شاهدا عيان لـ المنصة، حيث عمل جيش الاحتلال على استمرار نسف المربعات السكنية شمال مدينة رفح دون أن يبلغ عن وصول ضحايا وإصابات.
شح مواد النظافة
من جهة أخرى، يشكو الغزيون من شُح مواد التنظيف في الأسواق، وارتفاع أسعارها.
وأشارت أم محمود، أربعينية نازحة من شمال القطاع إلى دير البلح في الوسط، إلى عدم قدرتها على شراء الشامبوهات والصابون، وقالت لـ المنصة "الأسعار ضعف سعرها الطبيعي 8 و 10 مرات وهادي مش أسعار طبيعية وقليل جدًا من الناس قادرة تشريها بهيك أسعار".
وأضافت أنها وعائلتها لا تستخدم مواد التنظيف الشخصية منذ عدة أشهر إلا إن توفرت في بعض المُساعدات "وياريتها بتوصلنا، بسرقوها وبتنزل في السوق للبيع بأسعار مش قدرتنا نشتريها".
وانتقدت أم محمود تركيز المنظمات الدولية على حملة التطعيمات ضد فيروس شلل الأطفال في الوقت الذي لا تتمكن فيه العائلات النازحة من توفير أبسط أنواع وأدوات التنظيف الشخصية، التي تقيهم من انتقال الأمراض والإصابة بالفيروسات.
واتفق عبد السلام جابر، 56 عامًا من سكان مخيم النصيرات، معها في انتقاد المنظمات الدولية لعدم توفير المنظفات في المساعدات الإنسانية بالشكل الكافي والمطلوب، موضحًا لـ المنصة أنّه لا يستطيع شراء ما هو متوفر من أنواع رديئة ومحلية الصنع في غزة لأنها "تُباع بأسعار تفوق قدرتهم على الشراء".