تصوير محمد حميد لـ المنصة
تظاهرات في ميدان التحرير، 20 أكتوبر 2023

دعوات مكثفة للإفراج عن متظاهري "دعم فلسطين" بعد 6 شهور من الحبس

سارة الحارث
منشور الخميس 2 مايو 2024

طالبت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وحملة "أنقذوا حرية الرأي"، في بيان أمس الأربعاء، بالإفراج الفوري عن المقبوض عليهم على خلفية تظاهرات 20 أكتوبر/تشرين الأول 2023، المعروفة باسم جمعة دعم فلسطين بعد قضائهم أكثر من ستة أشهر في الحبس الاحتياطي، في وقت ناشدت والدة الطالب المقبوض عليه من منزله في 21 أكتوبر، علي أبو المجد، السلطات، بالإفراج عن نجلها "أسوة باللي خرجوا عشان عنده امتحانات يوم 19 مايو/أيار".

وأوقفت قوات الأمن داعمين لقطاع غزة، ثلاث مرات منذ العدوان؛ أولها في جمعة دعم فلسطين التي شهدت دخول المتظاهرين ميدان التحرير، ووصل المقبوض عليهم فيها وعلى خلفيتها 67 شخصًا، وهم من لا يزالون في الحبس حتى اﻵن، لحقها القبض على متظاهرين شاركوا في وقفة أمام نقابة الصحفيين في 3 أبريل/نيسان الماضي، أخلي سبيلهم بعدها بأيام، وهو نفس ما حدث مع محاميات وصحفيات تظاهرن أمام مقر الأمم المتحدة للمرأة، إذ قبض عليهن من الوقفة في 23 الشهر نفسه، وأخلى سبيلهم في اليوم التالي.

وتجدد الحديث عن المقبوض عليهم في المرة الأولى، مع إخلاء سبيل الموقوفين الجدد، إذ بخلاف بيان المفوضية تداول محامون رسالة من أهالي المحبوسين على خلفية مظاهرات "دعم فلسطين" ناشدوا فيها "النيابة العامة وكافة الجهات المعنية بمراجعة أمرهم، وإخلاء سبيلهم أسوة بمن أخلي سبيلهم"، متابعين "قررنا إننا نتكلم ونقول لكل المسؤولين بكل هدوء إننا تعبانين وبنتألم لحبسهم".

وفي سياق متصل، دعا رئيس حزب الدستور السابق علاء الخيام، للتدوين عن المحبوسين، قائلًا عبر حسابه على فيسبوك "نؤكد أن المعتقلين لم يرتكبوا أي أعمال عنف أو تخريب، بل كانت مشاركتهم تعبيرًا عن موقفهم المؤيد للقضية الفلسطينية".

المنطق نفسه انطلقت منه المفوضية المصرية، في بيانها، أمس، إذ استندت إلى "عدم وجود أي جريمة تستدعي القبض على المواطنين واحتجازهم لشهور، خاصة وأنهم مارسوا حقهم القانوني والدستوري في التعبير عن رأيهم بكل سلمية، مثلما فعلت بعض الأحزاب والكيانات الموالية للسلطة بالحشد الموجه للتظاهر لدعم نفس القضية في ذات اليوم ولرفع نفس المطالب".

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 18 أكتوبر الماضي، قبل يومين فقط من تظاهرة دعم فلسطين "إذا استدعى الأمر إن أنا أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض هذه الفكرة، فسترون ملايين من المصريين، ملايين من المصريين يخرجون للتعبير عن رفض الفكرة، ودعم الموقف المصري في هذا الأمر"، في إشارة إلى تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

من جانبه، قال المدير التنفيذي للمفوضية محمد لطفي إن الحكومة المصرية "لديها حساسية مفرطة تجاه أي شكل من أشكال الحشد، أيًا كان سبب التجمهر، وبغض النظر إن كان التظاهر ضد الحكومة أم لا"، وذلك في تفسيره لسبب القبض على هؤلاء، رغم أن التظاهرة لدعم فلسطين.

وأضاف، في حديث لـ المنصة، أن السلطات لديها "نظرة ريبة تجاه التظاهرات، وبتفكر بمنطق التظاهر النهاردة ضد إسرائيل بكره ضدي"، مشددًا على حرص السلطات على عدم إكساب الناس "جرأة تنظيم المظاهرات".

ويحظر القانون رقم 107 لسنة 2013 التظاهر إلا بالحصول على ترخيص.

 وحول خصوصية المقبوض عليهم بعد 20 أكتوبر لدرجة تجعلهم قيد الاحتجاز، مقابل الإفراج عن متظاهري نقابة الصحفيين ومقر الأمم المتحدة للمرأة، قال "ربما العدد الكبير للتظاهرات يوم 20 أكتوبر سبب، وهتاف المتظاهرين في ميدان التحرير بما له من رمزية".

 وتطرق لطفي أيضًا إلى توقيت التظاهرات، إذ كانت تظاهرات "جمعة دعم فلسطين" في بداية الحرب على غزة، "كان الغضب الشعبي كبيرًا وفيه خوف إن الحشد يكبر"، مشيرًا إلى أن السلطات رغبت في توصيل "رسالة أولية أنا مش هسمح بأي تظاهر".

وأضاف أن شهرة بعض المقبوض عليهم من أمام نقابة الصحفيين ومقر الأمم المتحدة في الأوساط العامة "كانت حماية إضافية لهم"، في مقابل أن المقبوض عليهم في 20 أكتوبر كانوا "أقل شهرة"، ومن ثم "أقل إزعاجًا وأقل قدرة في الدفاع عن نفسهم".

وكانت قوات الأمن ألقت القبض على المحامية ماهينور المصري، وعدد من الصحفيات وأخريات من أمام مقر الأمم المتحدة في المعادي، الشهر الماضي.

رغم ذلك يعتقد لطفي أن شهرة محتجي نقابة الصحفيين أو مقر الأمم المتحدة للمرة، لم تمنع السلطات من اعتقالهم، مفسرًا بأنها رغبت في "توصيل رسالة جديدة هي حتى لو أنتوا بروفايلات ومعروفين أنتوا مش بعيد عن البطش"، متابعًا "كلها إنذارات لردع أفعال الناس".

ولفت إلى أن "الردع بيتحقق فعلًا، حجم الغضب تجاه غزة أكبر بكتير من الوقفات اللي بتتعمل".

بدورها، أكدت والدة علي أبو المجد، الطالب بالسنة الرابعة بكلية شريعة وقانون جامعة الأزهر لـ المنصة استياء الأهالي من عدم الإفراج عن أبنائهم رغم إطلاق سراح آخرين، قائلة "الأهالي متخيلين إن الناس التانيين اللي أفرجوا عنهم ليهم ضهر وإحنا مالناش"، متابعة "طالما أفرجتم عن دول أفرجوا عن دول".

وحسب رصد المفوضية المصرية للحقوق والحريات، تم القبض على 122 شخصًا منذ بداية الاحتجاجات الداعمة لفلسطين وحتى الآن، في محافظات القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، القليوبية، الدقهلية، والبحر الأحمر، جرى إخلاء سبيل 30 شخصًا، وإطلاق سراح 17 آخرين دون تحقيق، فيما لا يزال 67 شخصًا رهن الحبس الاحتياطي، بالإضافة إلى 6 آخرين رهن الاختفاء القسري.

ويوزع المحبوسون من جمعة دعم فلسطين على ثلاث قضايا هي "2468 لسنة 2023، 2469 لسنة 2023، 2635 لسنة 2023"، ويعرض جميعهم على محكمة الجنايات لنظر أمر تجديد حبسهم بعد قضائهم أكثر من 150 يومًا في الحبس الاحتياطي، وهي مدة الحد الأقصى التي تنظر فيه النيابة أمر تجديد الحبس، ثم يعرض على الجنايات.