أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خلال كلمة له مساء أمس، أن الحركة "منفتحة على استمرار المفاوضات"، محملًا مسؤولية عدم الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة حتى الآن لـ"الاحتلال وحكومة العدو الصهيوني لأنه لا يريد أن يلتزم بالمبادئ الأساسية للاتفاق"، في وقت تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن باستمرار الجهود من أجل الوصول إلى "هدنة".
وخلال الفترة الأخيرة عقد الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية عدة لقاءات في باريس والقاهرة والدوحة بهدف الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بحلول شهر رمضان، لكن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح حتى الآن.
واستعرض هنية، في خطاب قارب على النصف ساعة، تفاصيل المفاوضات وشروط حماس فيها، مشيرًا إلى أن الحركة وضعت ثلاثة ضوابط أساسية للاتفاق، "الأول، نريد اتفاقًا يفضي إلى إنهاء الحرب، ووقف إطلاق النار، والثاني أننا نريد أن نترجم هذا الوقوف الأسطوري لشعبنا (...) في إنجازات على صعيد المعركة ذاتها، وعلى الصعيدين الوطني والسياسي العام".
وأضاف "الضابط الثالث أننا نريد أن نقطع الطريق على كل المخططات المشبوهة التي تستهدف غزة في بعدها الوطني والإداري والسياسي، فيما يطلق عليه اليوم التالي للحرب على غزة".
وسبق وصرح أكثر من مسؤول إسرائيلي بأن جيش الاحتلال لن يغادر قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، مشيرين إلى وجود أمني إسرائيلي في القطاع.
وتابع هنية أن الحركة ثبتت 5 مبادئ من أجل تحقيق الاتفاق، وهي "وقف إطلاق النار الشامل وإنهاء الحرب على غزة، والانسحاب الكامل لجيش الاحتلال من كل أراضي القطاع، وعودة النازحين بشكل كامل ودون شروط إلى سكناتهم، وكل ما يتعلق بالبعد الإنساني من إغاثة، إضافة إلى الوصول إلى صفقة مشرفة يتم بها إطلاق سراح الأسرى".
وأشار إلى أن "الاحتلال يتحدث عن عودة بالتدريج، لكنها غير واضحة".
وسبق وقالت مصادر لرويترز في فبراير/شباط الماضي، إن حماس تسلمت مسودة للاتفاق عقب جولة مفاوضات في قطر، تضمنت هدنة 40 يومًا، و"عودة جميع المدنيين النازحين تدريجًيا إلى شمال قطاع غزة باستثناء الذكور في سن الخدمة العسكرية، على أن تعيد إسرائيل تمركز قواتها بعيدًا عن المناطق المكتظة بالسكان في القطاع بعد بداية المرحلة الأولى".
وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس على أن الحركة تحلت بمرونة واسعة، لكن "العدو حتى الآن يتهرب من إعطاء ضمانات والتزامات واضحة خصوصًا فيما يتعلق بوقف إطلاق النار"، مشددًا في الوقت ذاته على "انفتاحهم" على المفاوضات، وقال "قبل ساعات كنت على اتصال مع الوسطاء، الاحتلال يريد أسرى ويستأنف الحرب على شعبنا، ولم يعط التزامًا بالانسحاب الكامل من قطاع غزة، ويتحدث عن إعادة انتشار وتموضع".
وشاركت حماس في مفاوضات بالقاهرة استمرت 4 أيام خلال الفترة بين 3 إلى 6 مارس/آذار الحالي، لكنها لم تسفر عن اتفاق، فيما غابت إسرائيل عن تلك المفاوضات. وكان من المفترض أن تستأنف المفاوضات في القاهرة مطلع الأسبوع الحالي، لكن حتى الآن لا توجد أنباء عن ذلك.
ودافع هنية عن موقف الحركة، محذرًا من محاولات الوقيعة أو الدسائس، "لا نريد اتفاقًا لا ينهي الحرب أو يعيد الأخوة والأخوات النازحين إلى بيوتهم، ولا يضمن خروج الاحتلال، ولا يضمن الإغاثة".
وأضاف "لابد أن يكون (الاتفاق) شاملًا على 3 مراحل، وبضمانات دولية لإلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه".
وتابع "إذا تسلمنا من الإخوة الوسطاء موقفًا واضحًا من الاحتلال بالتزامه بالانسحاب ووقف العدوان وعودة النازحين، جاهزين لأن نصل إلى استكمال حلقات هذا الاتفاق، وأن نبدي مرونة في تبادل الأسرى".
ووجه هنية التحية إلى الفلسطينيين في غزة، مشيرًا إلى أن الحرب تدخل شهرها السادس دون أن تحقق أيًا من أهدافها المعلنة من جانب إسرائيل، لا القضاء على حماس، ولا العثور على المحتجزين، بالإضافة إلى "فشل في تهجير شعبنا رغم المجازر والتطهير العرقي".
في سياق متصل، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال بيان له أمس لتهنئة المسلمين بشهر رمضان، استمرار الولايات المتحدة "في العمل دون توقف للتوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع على الأقل كجزء من صفقة إطلاق سراح الرهائن"، وفق موقع الحرة.
وأضاف "سنواصل البناء نحو مستقبل طويل الأمد من الاستقرار والأمن والسلام، يتضمن ذلك حل الدولتين لضمان تقاسم الفلسطينيين والإسرائيليين لمعايير متساوية من الحرية والكرامة والأمن والازدهار. وهذا هو الطريق الوحيد نحو السلام الدائم".
كما تعهد بايدن بإرسال مزيد من المساعدات إلى القطاع في شهر رمضان "برًا وبحرًا وجوًا"، قائلًا "يأتي رمضان هذا العام في لحظة ألم هائل، لقد سببت الحرب في غزة معاناة رهيبة للشعب الفلسطيني، حيث قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، ومن بينهم آلاف الأطفال".
وأضاف "بينما يجتمع المسلمون في جميع أنحاء العالم خلال الأيام والأسابيع المقبلة لتناول طعام الإفطار، فإن معاناة الشعب الفلسطيني ستكون في مقدمة أذهان الكثيرين، إنه أمر في ذهني أيضًا".
وتابع "وجهت قواتنا العسكرية بقيادة مهمة طارئة لإنشاء رصيف مؤقت على ساحل غزة يمكنه استقبال شحنات كبيرة من المساعدات، ونحن نقوم بعمليات إسقاط جوي للمساعدات، بالتنسيق مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك الأردن، وسنواصل العمل مع إسرائيل لتوسيع عمليات التسليم عن طريق البر، مع الإصرار على تسهيل مزيد من الطرق وفتح مزيد من المعابر لتوصيل مزيد من المساعدات لعدد أكبر من الناس".
يأتي ذلك في وقت يواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، وجاوز عدد الضحايا الـ31 ألف قتيل.