وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ليل أمس، إلى تل أبيب، بالتزامن مع إعلان حركة حماس الرد على مقترحات اجتماع باريس بشأن التهدئة وتبادل المحتجزين، في وقت رهنت السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، في الدوحة أمس، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أكد له أن المملكة العربية السعودية لا يزال لديها "اهتمام قوي" بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه أوضح أن الحرب في غزة يجب أن تنتهي ويجب أن يكون هناك "تسوية واضحة وذات مصداقية ومسار محدد زمنيًا لإقامة دولة فلسطينية"، حسب موقع سي إن إن.
وردًا على تصريحات أمريكية بشأن مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، جاءت عقب زيارة بلينكن للسعودية، أصدرت المملكة بيانًا توضح فيه موقفها من الأمر.
وقالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان عبر إكس في الساعات الأولى من صباح اليوم، "المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية بأنه لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتمّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة".
وأضاف البيان أنه "في ما يتعلق بالمناقشات الجارية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بخصوص مسار السلام العربي - الإسرائيلي وفي ضوء ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بهذا الشأن، فإن وزارة الخارجية تؤكد أن موقف المملكة العربية السعودية كان ولا يزال ثابتًا تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة".
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جو كيربي قال، خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء، ردًا على سؤال عن فرص تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل "كّنا، قبل 7 أكتوبر، وما زلنا، نجري مناقشات مع شركائنا في المنطقة، إسرائيل والمملكة العربية السعودية، الشريكين الرئيسيين، في محاولة للمضي قدمًا في اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. هذه المناقشات تسير على ما يرام. لقد تلقّينا ردود فعل إيجابية من الجانبين"، حسب فرانس 24.
ولفتت الخارجية السعودية في بيانها إلى أنّ "المملكة تؤكّد دعوتها للمجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص، الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الإسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقّق السلام الشامل والعادل للجميع".
وكانت الرياض علقت محادثات التطبيع عقب أيام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وذلك بعد شهور من محاولات أمريكية لدفع مسار التطبيع مع المملكة التي لم تعترف السعودية بإسرائيل ولم تنضم لاتفاقيات إبراهيم الموقعة في عام 2020 بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في حوار مع "فوكس نيوز"، إن التطبيع بين السعودية وإسرائيل "يقترب كلّ يوم أكثر فأكثر"، واصفًا نجاح المسار بأنه "أكبر صفقة تاريخية منذ نهاية الحرب الباردة"، مشيرًا إلى ضرورة أن تشمل المفاوضات اتفاقًا يُسهل حياة الفلسطينيين.
وفي غضون ذلك، من المنتظر أن يبحث بلينكن في إسرائيل اليوم ما تم التوصل إليه بشأن التهدئة وتبادل المحتجزين، عقب تسلم مصر وقطر رد حماس على مخرجات اجتماع باريس بهذا الشأن.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي في الدوحة أمس، "انخراط بلاده بشكل مستمر ودائم مع الحكومات المعنية بهدف إطلاق سراح الرهائن والوصول إلى هدنة ممتدة للتعامل مع الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة"، مضيفًا "رأينا جميعا نتائج الهدنة الإنسانية، والتي أسفرت عن إطلاق سراح 105 أشخاص من الرهائن، إلى جانب الزيادة المهمة في المساعدات الإنسانية التي دخلت القطاع، والتعامل مع الدمار الذي حدث هناك، وما هو أوسع من ذلك".
وأوضح بلينكن أن بلاده تعمل مع دولة قطر وجمهورية مصر العربية، حيث يوجد الآن مقترح "جاد"، وينبغي عدم إعادة الاتفاق السابق وإنما توسيعه، مشيرًا إلى أن حركة حماس ردت على هذا المقترح اليوم، وستتم مناقشة هذا الرد مع الجانب الإسرائيلي، حسب وكالة الأنباء القطرية قنا.
وأضاف بلينكن "لا يزال هناك الكثير من العمل في هذا الإطار، إلا أنه سنستمر للتوصل إلى اتفاق"، وتابع أنه تم عقد لقاءات في الدوحة والقاهرة والرياض، "ركزت في مجملها على ضمان استخدام أي هدنة لدعم خطة مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة من ناحية الأمن وإعادة الإعمار والبناء والحوكمة".
وأشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أنه على الرغم من أن ذلك يحمل في طياته تحديات مهمة، إلا أن بلاده عازمة على استخدام أي حالة هدنة للاستمرار في المسار الدبلوماسي، وصولًا إلى سلام واستقرار دائمين في المنطقة.