اعتبر ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، محمد بن سلمان، في حديث أجراه مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، أمس الأربعاء، نجاح الولايات المتحدة في إبرام اتفاق تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل بأنه أكبر صفقة تاريخية منذ نهاية الحرب الباردة، مشيرًا إلى ضرورة أن تشمل المفاوضات اتفاقًا يُسهل حياة الفلسطينيين.
وتقود الولايات المتحدة مباحثات منذ أشهر بين السعودية وإسرائيل لتطبيع العلاقات بينهما، وتتطلع الولايات المتحدة لإنهاء الاتفاق بحلول مارس/آذار المقبل، قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.
يأتي هذا بعد اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة العربية، المعروفة باتفاقيات إبراهيم، إذ وقعت الإمارات العربية والبحرين والسودان والمغرب اتفاقيات منفردة مع تل أبيب بداية من عام 2020.
وتُطالب السعودية بضمانات أمريكية للحصول على أسلحة متقدمة وبرنامج نووي مدني يشمل تخصيب اليورانيوم، مقابل إقامة علاقات تجارية وسياسية مع إسرائيل.
ورغم تأكيد مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أيام، توقف المباحثات الإسرائيلية السعودية، على خلفية اعتراض بعض أقطاب اليمين الإسرائيلي المُتشدد، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على أي خطوة تجاه الفلسطينيين، نفى بن سلمان ما تردد عن توقف المحادثات، مؤكدًا أن الأمر لا يتعلق بإبرام صفقة مع نتنياهو، وأن المفاوضات مستمرة بغض النظر عمن يُدير إسرائيل.
ووفق صحيفة نيويورك تايمز، تبحث الولايات المتحدة مع السعودية شروط معاهدة دفاع مشترك شبيهة بالاتفاقيات العسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبية، إذ أوضحت الصحيفة في تقرير، الثلاثاء الماضي، أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تسعى من خلال هذه الاتفاقية لدفع السعودية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ووفقًا للصحيفة، فإن هذه الاتفاقية تقوم على التزام الولايات المتحدة بشكل عام؛ بتقديم الدعم العسكري إذا تعرضت السعودية لهجوم في المنطقة أو على أراضيها.
وحول وجود اتفاق دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية، على غرار المادة الخامسة من اتفاق حلف الناتو، أوضح ولي العهد أن السعودية أحد أكبر المشترين للأسلحة الأمريكية في العالم، مشيرًا إلى أهمية واردات السعودية من الأسلحة بالنسبة لصناعة السلاح في الولايات المتحدة.
وتنص المادة الخامسة من اتفاق حلف الناتو على أن أي هجوم أو عدوان مسلح ضد طرف من أطراف الناتو يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، وبناء عليه، فإنهم متفقون على حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، المعترف به في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بشكل فردي أو جماعي، وتقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم.
وبلغ حجم واردات السعودية من الأسلحة الأمريكية، خلال الفترة بين 2015 إلى 2017، أكثر من 43 مليار دولار، وشملت معدات وأسلحة عسكرية ومروحيات وسفن حربية ودبابات.
وعن تطبيع العلاقات مع إيران، قال بن سلمان "لدينا معركة طويلة مع إيران منذ عام 1979، ولا نريد أن تظل العلاقات على هذا النحو".
وأوضح بن سلمان أن اتفاق العراق وإيران كان مشجعًا، إذ أعلنتا توصلهما إلى اتفاق أمني في مارس الماضي، من شأنه أن يُسهم في تقليص واحتواء التحديات الأمنية الناجمة عن تحركات المعارضة التي تتخذ من إقليم كردستان العراق مأوى لها، وأشاد بمعاونة الصين في اتفاق بلاده مع إيران، مؤكدًا جدية إيران في تطبيع العلاقات مع السعودية.
وقال بن سلمان عن امتلاك إيران سلاحًا نوويًا "أي دولة تمتلك سلاحًا نوويًا لن تستعمله، فالعالم لايريد رؤية هيروشيما مرة أخرى".
ووصلت إيران إلى مراحل متقدمة في برنامجها النووي الذي بدأته منذ سنوات، إذ تضاعف مخزونها من اليورانيوم 23 مرة منذ 2015 وحتى الآن، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الذرية، وعن ذلك شدد ولي العهد السعودي "إذا حصلت إيران على قنبلة نووية سيكون على السعودية الحصول على واحدة أيضًا لأسباب أمنية".
ولفت ولي العهد إلى قرارات خفض إنتاج النفط، التي اتفقت عليها الرياض مع موسكو، مبررًا "هدفها استقرار السوق وليس مساعدة روسيا في حربها"، مشيرًا إلى موقف بلاده المتوازن في حفظ العلاقات مع روسيا وأوكرانيا وعدم دعم طرف على حساب آخر.
وخفضت السعودية إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميًا، اعتبارًا من يوليو/تموز الماضي، وحتى نهاية العام، كما خفضت روسيا من صادرتها النفطية بنحو 300 ألف طن يوميًا خلال نفس الفترة.
أما مشروع الممر الهندي المار من السعودية وإسرائيل إلى أوروبا، فقال عنه بن سلمان إنه يقلل مدة الوصول بين 3 إلى 6 أيام، مقارنة بالطرق البحرية العابرة لقناة السويس، إضافة لكونه أكثر أمانًا وأقل تكلفة، ويشمل كابلات البيانات وأنابيب الطاقة التي تعود بالنفع على أوروبا والشرق الأوسط والهند.
وقبل يومين وقعت 8 دول، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، مذكرة تفاهم لإنشاء ما يسمى بـ"الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا"، المعروف اختصارًا بـ IMEC، بحسب موقع البيت الأبيض الأمريكي.
والدول الموقعة على المذكرة هي "الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والهند وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسرائيل".
وفي نهاية الشهر الماضي، انضمت مصر والسعودية والإمارات والأرجنتين وإثيوبيا إلى مجموعة بريكس، التي قال عنها بن سلمان، في حديثه إنها ليست ضد أميركا "بدليل وجود حلفاء واشنطن داخلها، بريكس ليس تحالفًا سياسيًا"، مشيرًا إلى تواصله المستمر مع الرئيس الصيني.
ومجموعة بريكس بدأت كفكرة عام 2006، ثم تشكلت عام 2009، وضمت البرازيل والصين وروسيا والهند، وفي 2010 انضمت جنوب إفريقيا، واتفقت دول المجموعة على وضع أسس للنظام المالي والنقدي الدولي ومجموعة من الاتفاقيات التجارية بينهم.