تضغط الولايات المتحدة ومصر وقطر على إسرائيل وحماس لدفع خطة شاملة لإنهاء العدوان على غزة، وهي خطة متدرجة "مدتها 90 يومًا"، حسب تقرير وول ستريت جورنال، على أن تبدأ في القاهرة خلال الأيام المقبلة مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار.
فيما قال وزير المفاوضات الفلسطينى الأسبق حسن عصفور لـ المنصة إن أي اقتراح يتعلق بإنهاء الحرب يبقى "مجرد جهد مساند، طالما لم تكن هناك آلية محددة لتنفيذه مسنودة بشكل مباشر من أمريكا".
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم، مع نظرائهم الفلسطيني رياض المالكي والإسرائيلي يسرائيل كاتس بشكل منفصل، لبحث خطة السلام في المنطقة، بمشاركة وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية، والأمين العام لجامعة الدول العربية، في وقت يزور مبعوث أمريكي القاهرة والدوحة هذا الأسبوع لبحث صفقة جديدة في غزة، ويدخل العدوان يومه الـ108، وراح ضحيته أكثر من 25 ألف قتيل.
وحسب وول ستريت جورنال، يبدأ المقترح بوقف الأعمال العسكرية لفترة غير محددة، يجري خلالها إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، في المقابل تطلق إسرائيل سراح المئات من المحتجزين في سجونها، مع السماح بحرية حركة المواطنين في القطاع، ووقف تحليق الطائرات المسيرة، ومضاعفة المساعدات.
أما المرحلة الثانية، فتفرج فيها حماس عن المجندات الإسرائيليات وجثث المحتجزين الإسرائيليين، مقابل إطلاق سراح المزيد من الفلسطينيين، وفي المرحلة الثالثة تنسحب إسرائيل من غزة إلى حدود القطاع، وتحرر حماس باقي المحتجزين.
وتوقع مسؤولون مصريون، حسب الصحيفة الأمريكية، إجراء "محادثات مقبلة بشأن وقف إطلاق النار، وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بالإضافة إلى دول عربية أخرى، وعملية جديدة تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية"، وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "تعارض بشدة إقامة دولة فلسطين".
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين المصريين، الذين لم تسمهم، قولهم إن المفاوضين الإسرائيليين ضغطوا من أجل الدفع بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين فقط بدلًا من الخطة المقترحة، وتجنبوا الحديث عن وقف دائم.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، رفضه شروط حماس للإفراج عن المحتجزين، قائلًا إن "إسرائيل تواصل العمل على إطلاق سراح بقية الرهائن، وممارسة الضغوط العسكرية على حماس"، وفق سي إن إن.
وأضاف أن "حماس تطالب في مقابل إطلاق سراح الرهائن بإنهاء الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، والإفراج عن كل القتلة والمغتصبين من السجون الإسرائيلية"، على حد وصفه.
وقال دبلوماسيون مشاركون في المفاوضات، حسب الصحيفة الأمريكية، إن "إسرائيل وحماس رفضتا العديد من المقترحات التي لا تتوافق مع أهدافهم في الحرب"، فيما قالت مصادر مطلعة على المحادثات إن "إسرائيل وحماس على الأقل مستعدتان مرة أخرى للمشاركة".
وقال أحد المصادر المطلعة على المفاوضات إنه "رغم رفض الطرفين تقديم أي تنازلات، فإن الموافقة على مناقشة إطار إنهاء الحرب تعتبر خطوة إيجابية".
الأكاديمي الفلسطيني أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، يرى أن المقترح المطروح في الصحيفة الأمريكية تقريبًا هو نفس المبادرة المصرية التي سبق طرحها، ببنودها الثلاثة الأولى، فيما تم استبعاد المرحلة الرابعة التي كانت تتحدث فيها عن حكومة تكنوقراط باتفاق مع كل الفصائل بإشراف مصري قطري أمريكي.
وأضاف لـ المنصة أن ما جاء في الصحيفة الأمريكية من الواضح أنه "من باب تحريك الملف"، لأن المنشور نصًا هو نفس المبادرة المصرية التي طرحت في الإعلام قبل عدة أسابيع، "وارد أن تكون المبادرة جرى تطوريها والنقاش حولها، ووارد أن يكون الجانب الأمريكي أبدى ترحيبًا بها لكن المؤكد حتى الآن أن الإسرائيليين يرفضونها لأن المبادرة تتحدث عن وقف الحرب وانسحاب الاحتلال من غزة".
ويوضح الرقب أن المبادرة الحالية لم تتحدث عن مستقبل سياسي للأزمة "ونحن في النهاية نحتاج إلى مستقبل سياسي لذلك المبادرة المصرية كنا نرى أن يضاف لها بند خامس يتعلق بالمستقبل السياسي، عقب مؤتمر دولي للسلام على أساس حل الدولتين والبدء بإجراءات تنفيذ هذا الحل".
كان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان قال مؤخرًا إن مصر لم تستقبل ردًا على مقترحها بخصوص وقف إطلاق النار في غزة، وأشار إلى إرسال المقترح إلى الأطراف المباشرة والشركاء الدوليين بعد مناقشات عدة مع الأطراف الفلسطينية المعنية على مدى جلسات طويلة في القاهرة، وفق موقع الشروق.
من جانبه، أوضح عصفور أن الأزمة ليست في مقترحات جديدة، وإنما في آلية تنفيذ هذه الاقتراحات، "أو للدقة الطريقة التي تستطيع بها إلزام إسرائيل قبولها".
ويشير عصفور، الذي كان عضوًا بالوفد الفلسطيني في مفاوضات أوسلو الموقعة في 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسحاق رابين، إلى أن "إسرائيل غير معنية الآن بوقف الحرب على غزة، ولا توجد هناك آلية لإلزامها بالقبول بالمقترحات"، مضيفًا "مع استمرار ذلك تكون كل الأفكار المطروحة ليست لها أي قيمة على أرض الواقع".
وتابع عصفور أن الأمر في النهاية مرهون بتوافق أمريكي عالمي لإنهاء الحرب، و"أمريكا موقفها واضح للجميع فهي لا تريد أي ضغط على إسرائيل لأنها، حتى الآن، لم تضع البديل لما بعد الحرب".
ومنذ بدأت الحرب في قطاع غزة، بين إسرائيل وحركة حماس، يتعرض الموقف الأمريكي من هذه الحرب إلى انتقادات قوية وواسعة، من قبل الطرف الفلسطيني، وأطراف دولية أخرى، تتهمه بالتواطؤ لإطالة أمد هذه الحرب، كما تتهمه أيضًا بانتهاج سياسة ازدواجية متناقضة، تعارض في جانب منها وقف الحرب، بينما تبدي الأسى والحزن في الجانب الآخر، تجاه مقتل الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
ولفت الرقب إلى أن الفلسطينيين ليس لديهم مانع من إقامة دولة منزوعة السلاح "لكن أن تكون دولة مستقلة ومستقرة لها ظروف حياتية طبيعية لا يعتدى عليها من الاحتلال، في هذه الحالة نحن لسنا في حاجة إلى سلاح". واستطرد "لكن أن تكون كيانًا متقطع الأوصال بلا قيمة".
ويرى الرقب أنه حتى حال موافقة الجانب الإسرائيلي على هذه المبادرة فإنه "لن تفيد"، دون وجود آفاق سياسية حقيقية، مضيفًا أن "ما نتج من كراهية لن تزيلها أي تهدئة مستقبلية".