أعلن رئيس فريق التفاوض الإثيوبي سيلشي بيكلي انتهاء 94% من مشروع سد النهضة، مشيرًا إلى أنه من المقرر انتهاء الأعمال الخرسانية بحلول سبتمبر/أيلول 2024.
واتهم بيكلي، مصر، في مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، بأنها "لا تراعي مبادئ الاستخدام العادل والاستفادة المشتركة من مياه النيل"، زاعمًا أن الخلافات المتعلقة بالسد لا يمكن حلها إلا من خلال التفاوض، فيما دعا القاهرة إلى وقف ما وصفه بـ"الحملات الدعائية والإعلامية التي لا أساس لها".
وأضاف أن عملية التفاوض برمتها "كانت تتقدم رغم بعض الاختلاف"، وتحدث عن نقاط الخلاف، قائلًا إن المادة السادسة من الاتفاقية التي تُشير إلى حصة المياه والمسائل المتعلقة بالمياه هي نقطة الاختلاف الحاسمة، على حد قوله.
وتعليقًا على تصريحات بيكلي، قال مصدر بمكتب وزير الموارد المائية والري هاني سويلم، طلب عدم نشر اسمه، "نراقب عن كثب تقدم أعمال البناء وكذلك مراحل الملء والتشغيل المختلفة"، مؤكدًا لـ المنصة أن مصر تحتفظ لنفسها بحق الدفاع عن أمنها المائي والقومي، إذا تعرض لضرر جراء الإجراءات الإثيوبية.
وأضاف أن سويلم عاد الأربعاء إلى القاهرة، وأفاد مجلس الوزراء بتفاصيل الجولة الرابعة والأخيرة من المفاوضات، وأنه سيقدم تقريرًا بما حدث في المسار التفاوضي بالكامل إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال أيام.
كانت وزارة الري المصرية قالت في بيان، مساء الثلاثاء، إن "مصر سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأن مصر تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر".
وأكد بيكلي، وهو أيضًا سفير إثيوبيا لدى الولايات المتحدة، في المؤتمر الصحفي أمس، أن المفاوضات تطرقت أيضًا إلى مسألة إدارة المياه وإطلاقها من سد النهضة في أثناء الجفاف، قائلًا "إذا كان هناك جفاف، سنطلق بعض المياه من خزان السد"، وأشار إلى أن أديس أبابا ترغب في إطلاق 31 مليار متر مكعب سنويًا من سد النهضة.
وتابع أن إثيوبيا "ترى الحاجة لتعديل الاتفاق في المستقبل، لأنه يسبب مشكلات ليس فقط للحاضر بل للأجيال القادمة أيضًا"، مضيفًا "هذه هي المشكلة الرئيسية ولا يمكن حلها بسهولة. موقفهم (مصر والسودان) هو أننا لن نجري أي تعديلات".
بدوره أوضح المصدر بمكتب وزير الري المصري أن "إثيوبيا تطلب توقيع اتفاق غير ملزم يمنحها الحق في تعديله متى ارتأت ذلك، وهو أمر غير موجود في العالم".
وانتهى، مساء الثلاثاء، الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا دون أن "يسفر عن أي نتيجة"، حسب بيان صادر عن وزارة الري المصرية، حمّلت فيه المسؤولية للجانب الإثيوبي، وأكد فيه وزير الري أن انتهاء مفاوضات سد النهضة يعبر عن "موقف الدولة المصرية".
وأكد البيان أن انتهاء المسارات التفاوضية جاء نتيجة المواقف الإثيوبية الرافضة، خلال السنوات الماضية، للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسطى التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاثة، مصر والسودان وإثيوبيا، فضلًا عن تمادي الجانب الإثيوبي في التراجع عما جرى التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المُعلنة.
لكن بيكلي زعم خلال المؤتمر الصحفي أن مصر اقترحت ضمنيًا اتفاقية تقاسم المياه وفقًا للحقبة الاستعمارية، في إشارة إلى اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، والمكملة لاتفاقية عام 1929، التي تنص على 55.5 مليار متر مكعب للأولى و18.5 مليار متر مكعب للأخيرة.
وأضاف رئيس فريق التفاوض الإثيوبي "مثل هذا النهج يسبب الضرر لبلدنا، خاصة الطريقة التي يدعون بها تقاسم حصة المياه ويتوقعون موافقة إثيوبيا على ذلك، وهذا خطأ تمامًا"، قائلًا "لا يوجد بلد يتخلى عن ثروته بالكامل، إثيوبيا ليست لديها أي نية لاستخدام مياه النيل وحدها كدولة منبع".
كان المتحدث باسم وزارة الري، المهندس محمد غانم، قال لـ المنصة أمس، إن "إثيوبيا ليست لديها رغبة حقيقية في التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة، وإنها تعمدت المماطلة والمراوغة طيلة 12 عامًا مضت؛ لذا ليس هناك مجال للتفاوض أكثر من ذلك".
وأضاف غانم أن مصر طرحت خلال المفاوضات حلولًا فنية عديدة تضمن لإثيوبيا توليد الكهرباء في الفترات الهيدروليكية المختلفة دون الإضرار بمصر والسودان، بينما عرضت أديس أبابا مقترحات "تراعي مصالحها فقط ولا تضع في الاعتبار مشاغل دولتي المصب".
واستؤنف مسار المفاوضات عقب اتفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال محادثات عقدت في القاهرة في شهر يوليو/تموز الماضي، على تسريع المحادثات لإيجاد حل للنزاع القائم بشأن سد النهضة خلال أربعة أشهر، حسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية آنذاك.
وخلافًا لزعم السفير الإثيوبي بأن عملية التفاوض كانت تتقدم رغم بعض الاختلاف، كان مصدر أكد لـ المنصة، قبل يومين، أن الاجتماعات الوزارية سبقتها اجتماعات على مستوى الخبراء الفنيين و"لم تحرز تقدمًا".