صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء أمس، على مشروع قرار عربي قدمته الأردن لدعم غزة، والسماح بهدنة إنسانية، وذلك بأغلبية 120 عضوًا، مقابل معارضة 14 عضوًا، بينما امتنع عن التصويت 45 عضوًا من بينهم العراق وتونس، في وقت أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفه لـ150 هدفًا تحت الأرض، في غزة ليل الجمعة- السبت.
ووسعت إسرائيل، ليلة أمس، عملياتها في غزة، حيث توغلت برًا، وكثفت القصف على نحو غير مسبوق منذ بدء العدوان على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبالتزامن مع القصف الإسرائيلي، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة تنظر مشروع قرار قدمته الأردن ويدعو إلى "هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة، تفضي إلى وقف الأعمال العدائية وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء غزة فورًا وبدون عوائق".
وقبل التصويت على مشروع القرار، تقدمت كندا بتعديل يطالب بإدانة حماس، غير أنه فشل في الحصول على موافقة ثلثي الأعضاء. وينص التعديل المقترح على "رفض وإدانة بشكل لا لبس فيه الهجمات الإرهابية التي شنتها حماس في إسرائيل اعتبارا من 7 أكتوبر، واحتجاز الرهائن". لينك
وشدد القرار العربي، الذي مُرر بالأمس من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو قرار غير ملزم، على رفض مشروع التهجير للفلسطينيين خارج أراضيهم، "يرفض بشدة أية محاولات للترحيل القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين". كما دعا القرار إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني، ويطالب بسلامتهم ورفاههم ومعاملتهم بشكل إنساني امتثالًا للقانون الدولي".
وتدفع كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ مخطط لنقل الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما شددت مصر على رفضه في أكثر من مناسبة.
ورفضت الولايات المتحدة مشروع القرار، وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، إنه لا يمكن تبرير "الأعمال الإرهابية الوحشية" التي ترتكبها حماس، ومع ذلك فإن القرار المقدم للجمعية العامة فشل في ذكر كلمتين رئيسيتين، وهما حماس والرهائن. وأضافت "من المشين أن هذا القرار فشل في تسمية مرتكبي الهجمات الإرهابية في 7 أكتوبر: حماس، حماس. هذا أمر مشين".
في غضون ذلك، حذرت مصر في إطار الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة تحت عنوان "الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة"، من حرب إقليمية أوسع.
وقال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أسامة عبد الخالق إن عدم وقف هذه الحرب قبل فوات الأوان "من شأنه جر المنطقة إلى حرب إقليمية مدمرة تتأثر بها مصالح الدول التي تتلكأ في المطالبة بوقفها".
وشدد عبد الخالق على أن "الصمت لم يعد خيارًا"، داعيًا الجمعية العامة إلى إرسال رسالة واضحة لا لبس فيها؛ وهي ضرورة وصول الاحتياجات الضرورية من ماء وغذاء ودواء إلى قطاع غزة دون قيد أو شرط "إذ أن الحرمان من المساعدات الإنسانية تحت هذه الظروف ما هو إلا حكم بالموت على أهل غزة".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قال، عبر إكس مساء أمس،"أكرر دعوتي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في الشرق الأوسط، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وتسليم الإمدادات المنقذة للحياة بالحجم المطلوب. وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم. هذه لحظة الحقيقة. التاريخ سيحكم علينا جميعًا".
وسبق وتعرض الأمين العام للأمم المتحدة لهجوم من وزير الخارجية الإسرائيلي أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الثلاثاء الماضي، في ظل طلب الأول هدنة إنسانية في غزة.
إسرائيل ترفض القرار
وعقب صدور القرار، أعلنت إسرائيل رفضها له والاستمرار في العدوان. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، عبر أكس، "نحن نرفض بشكل قاطع دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة المشينة لوقف إطلاق النار، إسرائيل تنوي القضاء على حماس تمامًا كما تعامل العالم مع النازيين وداعش"، بحسب ما نقله موقع سي إن إن.
وكان السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، قال في خطاب ألقاه بعد صدور القرار، "لقد شهدنا جميعًا أن الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرة واحدة من الشرعية أو الأهمية. لقد أظهرت غالبية المجتمع الدولي أنها تفضل دعم الدفاع عن الإرهابيين النازيين بدلا من دعم دولة إسرائيل الملتزمة بالقانون للدفاع عن المدنيين".
وعلى خلاف الموقف الرسمي الإسرائيلي، أظهر استطلاع للرأي في إسرائيل أن ما يقرب من نصف الإسرائيليين يريدون من حكومتهم تأجيل الغزو البري لغزة، بحسب ما أورده موقع ديلي ميل أون لاين الأمريكي.
وأشار المصدر نفسه إلى أنه قبل أسبوع، كان ثلثا الإسرائيليين يؤيدون "غزوًا واسع النطاق"، ولكن الآن 29% فقط يريدون دخول قوات الدفاع الإسرائيلية على الفور، بينما يفضل 49% الانتظار.
العدوان ليلًا
وبينما كان أعضاء الأمم المتحدة يصوتون لصالح هدنة إنسانية، كانت غزة تشهد تصعيدًا غير مسبوق منذ بدء العدوان، حيث كثف جيش الاحتلال قصفه، بالتزامن مع توغل بري، في وقت قالت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، إن "عشرات الفلسطينيين قتلوا وأصيب آخرون بجروح مختلفة، منذ الليلة الماضية وحتى صباح اليوم السبت، إثر قصف صاروخي من طائرات حربية إسرائيلية، على أحياء سكنية في عديد المناطق في قطاع غزة، يعد الأعنف والأكثر جنونا منذ بدء العدوان في السابع من الشهر الجاري".
وحسب المصادر الطبية في غزة، "استشهد أكثر من 25 مواطنا، وأصيب العشرات بجروح، في قصف إسرائيلي مكثف وسط قطاع غزة، وصلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى، ولا زال هناك العشرات من المفقودين تحت الأنقاض".
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس إنه "خلال الليل ضربت الطائرات المقاتلة 150 هدفًا تحت الأرض في شمال قطاع غزة من بينها أنفاق يستخدمها الإرهابيون ومواقع قتال تحت الأرض ومنشآت أخرى، وقد قتل عدة إرهابيين من حماس"، بحسب البيان الإسرائيلي الذي نشره موقع فرانس 24.
في وقت أعربت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس وغالبيتهم من الإسرائيليين عن "قلقها" وطالبت الحكومة بتفسيرات بعد عمليات القصف الكثيفة على قطاع غزة، بحسب فرانس 24.
والسبت قال جيش الاحتلال، في بيان آخر، إنه "دخل شمال غزة خلال الليل ووسع نطاق العمليات العسكرية بقوات المشاة والمدرعات في القطاع الفلسطيني المحاصر، في إطار تصعيد هجومه على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)"، بحسب فرانس 24.
وكانت كتائب القسام، الذراع العسكري لحماس، قالت في بيان مقتضب أمس، إن مقاتليها يتصدون لـ "توغل بري في بيت حانون وشرق البريج واشتباكات عنيفة تدور على الأرض".
تظاهرات لدعم غزة
وبالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي على الأرض، انطلقت مظاهرات ليلًا في مدن عدة لدعم غزة.
وفي نيويورك، تظاهر المئات من اليهود والداعمين لفلسطين، للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، وألقت قوات الأمن الأمريكية القبض على ما لا يقل عن 200 متظاهر، إثر اقتحام المتظاهرين جراند سنترال، بحسب ديلي ميل أون لاين.
كما تظاهر مئات الأتراك أمام السفارة الأمريكية في أنقرة، مساء أمس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بحسب القاهرة الإخبارية. وطالب المتظاهرون بطرد طاقم سفارة واشنطن.
وفي بروكسيل تجمع مئات الأشخاص وسط العاصمة البلجيكية، منددين بالهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة. وشهدت التظاهرة رفع أعلام فلسطين، والدعاء لمن استشهدوا في الهجمات الإسرائيلية.
وفي سياق متصل، أدانت منظمة هيومن رايتس واتش، اليوم السبت، قطع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة الذي يتعرض لقصف إسرائيلي مكثف،وقالت إن ذلك "قد يشكل غطاء لفظائع جماعية".
وقالت منظمة العفو الدولية إنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة، بحسب وكالة أنباء وفا. وأعربت عن أسفها لأن "انقطاع الاتصالات هذا يعني أنه سيصبح من الصعب أكثر الحصول على معلومات وأدلة ضرورية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، والاستماع مباشرة إلى أولئك الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات".
يأتي ذلك في وقت يتواصل العدوان الإسرائيلي على القطاع لليوم الـ21 على التوالي، والـذي تسبب في قتل أكثر من 7 آلاف فلسطيني.