منشور
الأحد 15 يناير 2023
- آخر تحديث
الأحد 15 يناير 2023
بمجرد أن تنقر على شاشة موبايلك ستصلك وجبتك المفضلة أو حذاء بالمقاس الذي كنت تبحث عنه، وإذا كان لديك مشوار ستجد السائق ينتظرك أمام باب البيت، هذه الدعاية تلاحقنا ليل نهار وتعدنا بعالم أسهل وأكثر رفاهية. وبينما تتركز الأضواء على أسماء الشركات العالمية التي اقتحمت حياتنا خلال السنوات الأخيرة لتقديم تلك الخدمات لانعرف الكثير عن الملايين من "الشغيلة" الذين يعملون تحت إمرة هذه الشركات.
يستخدم 101 مليون مواطن في مصر نحو 96 مليون موبايل، و58% من هؤلاء المواطنين قادرون على الاتصال بشبكة الإنترنت، بينما يتفاعل 48% منهم على السوشيال ميديا. لفتت هذه المؤشرات نظر الشركات العالمية الفاعلة في اقتصاد البلاتفورم، التي أدركت أن لدينا قاعدة ضخمة من "الزبائن المحتملين" الموصولين بالإنترنت فقررت اقتحام الاقتصاد المصري وإغراقه بالدعاية لخدماتها.
اقتصاد البلاتفورم، واحد من المصطلحات التي تشير إلى الشركات التي تعتمد بشكل رئيسي على التواصل مع عملائها عبر تطبيقات الإنترنت، والتي تدخل في نطاق التجارة الإلكترونية.
تتفاوت التقديرات بشأن حجم تلك التجارة لكن لا خلاف على ضخامة قيمتها، حيث تشير دراسات إلى أن قيمة التجارة الإلكترونية في 2021 كانت 6.6 مليار دولار، بينما يقول مساعد وزير التموين إن حجم عمليات الشراء ببطاقات الائتمان وعمليات الدفع المسبق عبر المنصات بلغت 4.9 مليار دولار في العام نفسه، ويقدر الأستاذ في الاستراتيجيات الرقمية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، شريف مخلوف، حجم تلك التجارة في العام ذاته بنحو 80 مليار جنيه.
هذه المليارات جددت أمل الكثير من المصريين في الوصول لفرصة عمل في اقتصاد يعاني من ضعف معدلات التشغيل. لكن بينما ساهم البلاتفورم في تغيير عاداتنا الاستهلاكية فقد اتسمت علاقات العمل فيه بالكثير من الملامح المصرية، حيث ارتبطت وظائفه في كثير من الأحيان باللا رسمية وعدم الاستقرار أو تدني الأجور.
في هذا الملف نتناول نموذجين لاثنين من أشهر البلاتفورم في مصر، ولكن من منظور حياة الشغيلة العاملين لديها. الأولى هي عملاق التجارة الإلكترونية أمازون، التي تصنف حاليًا على أنها أكبر تاجر إلكتروني في البلاد يتعامل مع المستهلكين، ورغم الاسم الكبير والاستثمارات الضخمة، تبينا من حديثنا مع بعض العاملين أن أمازون لم توفر ظروف عمل أفضل من المستوى الشائع في السوق المصري، من حيث ضغوط العمل الكبيرة في بعض التخصصات أو الأجور التي لا تتماشى مع تكاليف المعيشة.
أما الشركة الثانية، أوبر، عملاق النقل التشاركي التي استطاعت جذب عشرات الآلاف ممن دبروا مدخرات متواضعة لشراء سيارة خاصة والتحول إلى "شريك" للشركة العالمية، جاءت تجارب السائقين التي استمعنا إليها لتكشف عن تعرض بعضهم لضغوط العمل لساعات طويلة من أجل الوصول إلى دخل كاف لمواجهة تكاليف المعيشة، أو افتقاد آخرين للحماية الاجتماعية والاستقرار الوظيفي.