118 يومًا قضاها الصحفي المصري عمرو بدر في السجن، قبل الإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه، اليوم الأحد، بقرار من محكمة الجنايات.
في الأول من مايو/آيار الماضي، قامت قوة من الشرطة المصرية باقتحام مبني نقابة الصحفيين، وسط العاصمة القاهرة، لتنفيذ حكمٍ بضبط وإحضار عمرو بدر، رئيس تحرير بوابة يناير الإلكترونية، ومحمود السقا أحد محرري البوابة، بعد اعتصامهما بالنقابة.
لائحة الاتهامات الموجهة لبدر تضمنت: محاولة قلب وتغيير دستور الدولة ونظامها الجمهورى وشكل الحكومة، والانضمام إلى إحدى الجمعيات والهيئات والمنظمات التى تبغى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها والأضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، والترويج بالقول والكتابة للأغراض محل الاتهام الأول، وذلك بإحدى الطرق المعدة للتوزيع والطباعة وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام.
وجاء القبض على بدر بعد احتجاجات شهدتها العاصمة المصرية، أُطلق عليها "جمعة الأرض" اعتراضًا على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية أو ما عُرف بقضية جزيرتي تيران وصنافير.
ودأب بدر، على انتقاد السلطة السياسية ونظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزادت حدة نقده بعد اتفاقية ترسيم الحدود، وكتب في مقال بعنوان: "السلطة في مواجهة المجتمع": أزمة تيران وصنافير هي التعبير الأكبر عن أمرين في غاية الأهمية.. أولهما أن المجتمع أصبح قويًا، وأن ثورة يناير قد خلقت تيارًا عفيًا في الأحزاب والنقابات والشارع، ورغم تفرقه إلا أن هزيمته صعبة للغاية إذا اختار الدخول في أي معركة موحدًا.. ثانيهما أن الحكم السلطوي الذي يمثله السيسي أضحى استمراره أمرًا مستحيلًا".
بعد القبض على بدر، ثارت نقابة الصحفيين بسبب اقتحام مبناها في واقعة وُصفت بـ"غير المسبوقة".
واعتصم صحفيون بمبنى النقابة، ووجهوا دعوة لعقد جمعية عمومية طارئة، كان من بين مطالبها إقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار وتقديم الحكومة اعتذارًا رسميًا عن واقعة "اقتحام النقابة" وقررت نشر صور "نيجاتيف" لوزير الداخلية.
في محبسه، مُنع بدر من التريّض، أحد الحقوق الأساسية للسجناء، ولم يُسمح به إلا بعد 70 يومًا ولمدة نصف ساعة فقط، كما اشتكى من سوء التهوية التي أثرت على حالته الصحية.
وبينما كانت النيابة تُقرر تجديد الحبس مرة تلو الأخرى، كانت القضية تأخذ حيزًا كبيرًا من الاهتمام المحلي والدولي.
ودشن صحفيون وحقوقيون وأحزاب سياسية حملات تضامن مع بدر والسقا، وعقد حزبُ الكرامة والتيار الشعبي فعالية تضامنية مع الصحفيين ضمن أسبوع "التضامن مع سجناء الأرض" في أواخر يوليو/ تموز الماضي.
كما عقدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مؤتمرًا، أوائل أغسطس/آب الجاري للتضامن مع بدر والسقا، وكافة الصحفيين المعتقلين.
وأعلن حمدين صباحي، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، تضامنه معهما وكتب عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، عقب رفض الاستئناف الذي تقدما به على حبسهما، "أنتم الحرية".
وأطلقت بوابة يناير حملة، الأسبوع الماضي، للتدوين عن بدر والسقا قبل جلسة التجديد لهما.
وتسبب القبض على بدر والسقا من داخل مبنى نقابة الصحفيين في ضغوط على النظام المصري؛ حاول وزير الخارجية سامح شكري تخفيف حدتها حين ادّعى في مؤتمر صحفي بنيويورك إن الصحفيين "حرضا على اغتيال رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي" وهو اتهام لم توجهه النيابة العامة لأي منهما.
وواجه بدر، قسوة السجن بالكتابة، حيثُ قرر كتابة رواية تحمل عنوان "أحلام فبراير" تتحدث عن ثورة يناير وأحلام شبابها.
وعقب تجديد الحبس للمرة التاسعة في جلسة الأربعاء الماضي، هلّت بعض البشائر، حيثُ وافقت محكمّة الجنايات على إخلاء سبيل المحامي مالك عدلي.
وكان عدلي قد تم حبسه بعد مظاهرات "جمعة الأرض" أيضًا وكان من أبرز المعارضين لاتفاقية ترسم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية.
واليوم، قررت محكمة الجنايات أيضًا إخلاء سبيل بدر بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه، ولم تستأنف النيابة على قرار الإفراج وفقًا لدعاء مصطفى المحامية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات.
وقام المحامون بسداد الكفالة المقررة، لتبدأ بعدها إجراءات الإفراج عن بدر.
بينما تحددت جلسة يوم 7 سبتمبر/أيلول المقبل للنظر في تجديد حبس محمود السقا.
ويأتي الإفراج عن بدر ومن قبله مالك عدلي، في وقت يتعرض فيه النظام المصري لانتقادات حادة بسبب الارتفاع الهائل في أسعار بعض السلع الأساسية، على رأسها السكر والأرز، إضافة إلى أزمة نقص الدواء من الأسواق.