اسمحوا لي في البداية أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم، اليوم، ضيوفًا أعزاء، خلال زيارتكم الرسمية الأولى إلى مصر، والتي تأتي في إطار حرصنا المستمر على التشاور والتبادل، وتبادل الرؤى والتباحث حول سبل تعميق الشراكة وأوجه التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات.
فضلا عن تعزيز التنسيق المثمر والبناء حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما يتسق مع سعينا لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، سواء على المستوى الدولي أو في جوارنا الإقليمي المشترك.
السيدة رئيسية المفوضية،
إن زيارتكم للقاهرة اليوم تأتي وسط زخم مكثف تشهده العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الأخيرة. وهو زخم نسعى من خلاله تواصلنا المباشر المستمر، وعملنا المشترك على كافة المستويات إلى تعزيزه وتكثيفه، بهدف تحقيق نقلة نوعية في شراكاتنا، لا سيما في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم حاليًا.
ولقد كان لقاؤنا اليوم فرصة للتأكيد مجددًا على أن مصر تعتز بالاتحاد الأوروبي شريكا أساسيًا في مختلف المجالات، خاصة وأن مصر تمضي بخطى ثابتة على طريق البناء والتنمية، من خلال رؤية مستقبلية طموحة، وذلك انطلاقًا من إدراكنا وتقديرنا لثقل وأهمية الاتحاد الأوروبي، كقوة اقتصادية وسياسية أساسية على الساحة الدولية، ترتبط مصر مع دوله الأعضاء بعلاقات صداقة تاريخية، وبروابط سياسية واقتصادية وثقافية متعددة، تأسست تقليديًا ثم تراكمت وتطورت باستمرار على مدار عقود، على أساس الاحترام المتبادل، والتواصل الحضاري والثقافي، والمصالح المشتركة.
وفي هذا السياق، فقد شهدت مباحثاتنا اليوم تناول سبل تحقيق النقلة النوعية المأمولة في الشراكة المصرية الأوروبية خلال الفترة المقبلة، من خلال تعزيز التعاون في عدد من القطاعات ذات الأولوية في إطار الرؤية التنموية المصرية، وعلى رأسها الطاقة، والطاقة النظيفة، وأمن الغذاء، والتحول الرقمي والنقل الكهربائي، والزراعة والري الحديثان، وتصنيع اللقاحات، فضلا عن آليات تشجيع الشركات الأوروبية على ضخ المزيد من الاستثمارات في مصر، والتعاون الثلاثي بين مصر والاتحاد الأوروبي مع شركائنا في القارة الأفريقية.
واسمحوا لي معالي رئيسية المفوضية، بأن أرحب في هذه المناسبة بقرب اعتماد وثيقة أولويات المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي حتى عام 2027، والتي تعتبر إطارًا طموحًا توافقنا عليه معًا لتعزيز وتعميق علاقات الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال السنوات القادمة، لنضع الأساس لنقلة هائلة في التنسيق المؤسسي بين الجانبين على كافة مسارات التعاون وفي مختلف القطاعات، وبما يحقق الفائدة المشتركة للجانبين.
لقد شهدت مباحثاتنا اليوم تركيزًا خاصًا على سبل تعزيز ودعم التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة سواء فيما يتعلق بمجال الغاز الطبيعي أو الربط الكهربائي، حيث اتفقنا على أهمية إرساء دعائم شراكة استراتيجية بين الجانبين في هذا المجال الحيوي لمستقبل التنمية، وعلى التعاون في مجال الدعم الفني والتمويلي والاستثمارات لتطوير البنية التحتية لإنتاج الهيدروجين الاخضر كمصدر للطاقة النظيفة.
كما تطرق لقاؤنا اليوم كذلك إلي تنسيقنا المشترك اتصالا بالجهود الدولية لمواجهة تحدي ظاهرة تغير المناخ، حيث أطلعت السيدة رئيسة المفوضية على آخر استعدادات مصر التنظيمية والموضوعية لاستضافة قمة المناخ العالمية cop 27 في شرم الشيخ في نوفمبر القادم، والتي تلاقت رؤانا في أنها تمثل فرصة، فرصة ثمينة على المجتمع الدولي.. العمل بجدية لاغتنامها، من أجل التوافق على خطوات تنفيذية ملموسة على كافة محاور عمل المناخ الدولي، وبما يعطي دفعة قوية ومطلوبة بشدة حاليًا للجهود الدولية لمواجهة ظاهرة تغير المناخ باعتبارها تحديًا مشتركًا يواجهنا جميعا كأسرة إنسانية واحدة.
السيدة رئيسة المفوضية،
لعلكم تتفقون معي على أن المجتمع الدولي يمر بظرف دقيق يتطلب من كافة الأطراف إعمال الحكمة وتغليب لغة الحوار البناء لحل الخلافات والتغلب على التحديات المشتركة، وفي هذا الإطار، فقد حرصت على أن تتناول مباحثاتنا البناءة اليوم معكم عددًا من القضايا الحيوية ذات الاهتمام المشترك على المستويين الدولي والإقليمي، حيث تبادلنا وجهات النظر حول مظاهر الأزمة الاقتصادية الدولية الحالية، وعلى الأخص، وعلى الأخص فيما يتعلق بأمن الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة.
ولقد تبادلت وجهات النظر مع السيدة فوندر لاين حول أبرز التحديات المرتبطة بالأزمة الاقتصادية الدولية الحالية، واستعرضت الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية للحفاظ على المكتسبات الصعبة التي تحققت بجهود وتضحيات غالية من المصريين خلال سنوات الإصلاح الاقتصادي، ثم في مواجهة أزمة جائحة كورونا من بعدها.
ولقد توافقنا على ضرورة العمل من أجل تنسيق الجهود الدولية مع كافة الشركاء، لتخفيف أثر أزمة الغذاء الدولية، خاصة على الدول الأكثر تضررًا من تداعياتها، وعل أهمية تقديم الدعم الفني والمالي لمساعدة هذه الدول في التعامل مع ارتفاع أسعار الحبوب والسلع الغذائية الزراعية. فضلا عن تمويل المشروعات المتعلقة بالزراعة، وتطوير التكنولوجيا الزراعية بما يسهم في زيادة الإنتاجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولقد حرصت كذلك خلال المباحثات على إطلاع رئيسة المفوضية على الرؤية المصرية حول أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك في جوارنا الإقليمي، واستعراض التحركات المصرية الدؤوبة لاستعادة الاستقرار وحل الأزمات في منطقتنا، وكذلك، وكذا على ما تحقق بنجاحات على صعيد ملفات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن الموقف الحالي فيما يتعلق بقضية سد النهضة، مؤكدًا في هذا الصدد حرص مصر على التوصل لاتفاق ملزم قانونًا يحقق مصالح كل الأطراف. وقد اتفقنا على استمرار التنسيق مع الاتحاد الأوروبي اتصالًا بهذه الملفات الحيوية.
كما تناولت الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية في الفترة الأخيرة باتجاه هدفها الأسمى وهو تأسيس ظروف العيش الكريم لمواطنيها، وعلى رأسها مشروعات التنمية الاقتصادية الكبرى والمبادرات الاجتماعية الشاملة لتحسين جودة الحياة على أرض مصر ولأهلها، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، والتي تتضمن رؤية طموحة وخطوات يجرى العمل على تنفيذها لتعزيز حقوق المواطنة والحريات الدينية، ومكافحة التطرف، انطلاقًا من إيماننا بأهمية تناول حقوق الإنسان من خلال منظور شامل.
على جانب آخر، فقد تناولت مباحثاتنا اليوم الأزمة الروسية الأوكرانية الحالية، حيث أوضحت عناصر رؤيتنا تجاه الأزمة وجذورها وتداعياتها، مؤكدًا على مواقف مصر المبدئية التي تتمسك بضرورة تغليب لغة الحوار والحلول السلمية، وبذل الجهود الصادقة من أجل تحقيق ذلك.
معالي رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي،
أرحب بكِ مجددًا ضيفة عزيزة على مصر، وأشكركم على مباحثاتنا المثمرة اليوم، وأتطلع إلى مواصلة الحوار البناء، والتنسيق المستمر بيننا، اتصالًا بكافة محاور عملنا، على تعزيز وتعميق الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، على نحو يفتح لهذه الشراكة آفاقًا مستقبلية رحبة للتعاون والتكامل.
شكرا.
ألقيت الكلمة في قصر الاتحادية بالقاهرة، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية فوندر لاين.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط