في الظروف العادية، تعدّ رحلة الحصول على تذكرة لحضور مباراة فريقك المفضل، أحد أكثر المتع التي يخوضها مشجع كرة القدم، خاصة وإن كانت هذه التذكرة لمباراة النهائي في دوري الأبطال الذي تحلم أن يتوج به ناديك للمرة الثالثة على التوالي. غير أنه في حالة جماهير الأهلي الذين يأملون في السفر إلى المغرب لمؤازرة فريقهم، فإن الرحلة هذه المرة لا تحمل المتعة المرجوة.
يبدو أنه على مشجع الأهلي، أن يتحمل كلفة رحلة تزيد عن قيمتها الأصلية بنحو ثلاثة آلاف جنيه، رغم قرار مجلس إدارة النادي بدعمها، وتخفيض قيمتها التي يحتكر في الوقت نفسه تحديدها، ورغم استعانة المجلس بشركة خاصة لتقسيط القيمة على المشجع، الذي سيضطر في هذه الحالة دفع ألف جنيه شهريًا ولمدة عام كامل، لمشاهدة مباراة فريقة في دوري أبطال إفريقيا أمام الوداد المغربي، المقرر لها يوم 30 مايو/ أيار الجاري.
للتذكرة نفسها رحلة بالمثل، ولكن تبدأ قصتها قبل عدة أسابيع، عندما لم يكن طرفي النهائي تحددا بشكل رسمي، وإن كانا عرفا بالضرورة بعد فوز كل من الأهلي والوداد بنتيجة تضمن لهما التأهل في مباراتي العودة، ساعتها قرر اتحاد كرة القدم الإفريقي(كاف) إسناد استضافة النهائي القاري للمغرب، رغم أن أحد طرفيه سيكون فريقًا مغربيًا مما يتنافى ومبدأ تكافؤ الفرص، لذا اعتبر الأهلي تلك الخطوة من الكاف إخلالًا بالعدالة، وطالب باللعب في أرض محايدة، غير أن طلبه قوبل بالرفض، لحسم الاتحاد الإفريقي الدولة المستضيفة بعد تصويت حصلت فيه المغرب على الأغلبية وسحب السنغال لملفها، كونهما الدولتان الوحيديتان اللتان تقدمتا بطلب، لينتهي الأمر بإقامة اللقاء على ملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء.
اتجه الأهلي لاستباق الأحداث سريعًا مطالبًا كاف بتحديد نصف سعة ملعب النهائي التي تصل الطاقة الاستيعابية له إلى 67 ألف مشجع، لجماهيره، وسداد القيمة المالية لنصف عدد تذاكر المباراة بكافة فئاتها، كما تعاقد الأهلي مباشرة مع شركتي لاكي تورز وماستر ترافيل للقيام بجميع المهام والإجراءات الخاصة بسفر أعضاء وجماهير الأهلي لمساندة الفريق في مباراته المرتقبة، وأكد النادي أن هاتين الشركتين هما المسؤولتان عن كافة الأمور المتعلقة بالسفر، بما في ذلك الحصول على التأشيرات من السفارة المغربية وتذاكر السفر ووسائل الانتقال سواء في مصر أو المغرب، وخدمات الإقامة والإعاشة بالفنادق وما يصاحبها من إجراءات تأمين، وكذلك تخصيص منافذ للحجز للراغبين في السفر والإعلان عن أسعار الرحلات، سواء كانت لمدة يوم واحد أو عدة أيام.
وصدَمت الشركتان جماهير الأهلي في إعلانهما عن أسعار الرحلة إلى المغرب، حيث بلغ سعر برنامج يوم واحد 14950 جنيهًا، يشمل تذكرة الطيران للذهاب والعودة، وتذكرة دخول المباراة، والتأشيرة والانتقالات الداخلية، والعرض الثاني بسعر 18 ألف جنيه لمدة 4 أيام، ويشمل تذكرة الطيران على خطوط مصر للطيران المنتظمة وتذكرة المباراة، والتأشيرة والانتقالات الداخلية، وإقامة بفندق 4 نجوم بالإضافة إلى رحلة سياحية، ليخرج بعدها سعد شلبي المدير التنفيذى للنادى الأهلي ليعلن أن ناديه نجح في تقسيط ثمن رحلة المغرب فى اليوم الواحد على 15 شهر، بحيث يصبح القسط الشهري 1000 جنيه.
وفي محاولة لتخفيف وطأة الصدمة، قرر الأهلي، في بيان رسمي، دعم رحلة اليوم الواحد لجماهير الأهلي الراغبة في السفر إلى المغرب، بواقع ثلاثة آلاف جنيه عن كل فرد من المسافرين، وسيقوم النادي بسداد هذا المبلغ لشركتي السياحة.
هل هذه التكلفة الحقيقية للرحلة؟
توجه مصطفى صلاح، ومجموعة من أصدقائه إلى النادي الأهلي للحصول على تذكرة حضور نهائي أبطال إفريقيا، لكن الشاب البالغ من العمر 33 سنة، لم يجد أي تذاكر للمباراة بالنادي، فتوجه من ثم لأحد مكاتب حجز تذاكر السفر بوسط العاصمة، حتى يحجز تذكرة الرحلة إلى المغرب على خطوط شركة مصر للطيران، فوجد أن ثمنها للذهاب والإياب 9500 جنيهًا، حسبما أكد للمنصة. في حين أجرت المنصة بحثًا عبر موقع Scayscanner ووجدت أن سعر التذكرة للذهاب والإياب من خلال موقع شركة مصر للطيران مباشرة قيمتها 7956 جنيهًا.
في الوقت نفسه، تواصل كريم.ع، أحد مشجعي الأهلي 27 سنة، مع شركة ماستر ترافيل التي أكدت أن دفع ثمن رحلة اليوم الواحد تتكلف 14950 جنيهًا كاملة دون تقسيط، وليس لديها أي علم بإجراءات التقسيط التي لن تكون من خلالها بأي حال من الأحوال.
واصل كريم عماد رفقة مجموعة كبيرة من جماهير الأهلي تحركاتهم السريعة بالتوجه إلى السفارة المغربية في القاهرة لحجز تأشيرة السفر إلى المغرب، ليكتشف أنها تتكلف حوالي ألف جنيه فقط، ومن ثم يكمل إجراءات السفر من خلال وجود جواز سفر ساري - وتطعيم كورونا، بخلاف الانتقالات بعد الوصول إلى المغرب من وإلى ملعب مركب محمد الخامس.
وبحسب موقع VisaHQ المخصص في إجراءات استخراج فيزا السفر، فإن تكلفة الحصول على فيزا للمغرب للإقامة مدة 3 أشهر تتكلف 1465 جنيهًا شاملة مصاريف الخدمة بالإضافة للمصاريف الإدارية.
وبحسبة بسيطة فإن عرض الأهلي من خلال شركة السياحة يفوق سعر رحلة الفعلي إلى المغرب بما يعادل 5 آلاف جنيه. فهل يعني ذلك أن الفارق في السعر هو ثمن التذكرة؟
.. ولكن أين التذاكر؟
تواصلت المنصة مع مصدر قريب من دائرة القرار بالنادي الأهلي، فضل عدم الكشف عن اسمه، أكد أن النادي المصري لا يمتلك أي تذاكر لحضور نهائي أبطال إفريقيا، ولا حتى آلية لضم جماهيره لكشوف الحضور سواء من خلال شركتي السياحة أو حتى كشوفه الرسمية التي يرسلها إلى كاف.
وبرر مصدر آخر، من داخل النادي، وعلى صلة بالمجلس، ذلك بسبب عدم رد كاف على خطابات النادي فيما يخص حضور الجماهير للنهائي الإفريقي، ما أحدث ضبابية داخل مجلس الإدارة، الذي يحاول التحرك في كل الاتجاهات دون معرفة نتائج هذه القرارات، وما ستؤول إليه آلية حضور الجماهير من خلال شركتي السياحة.
وكشف المصدران أن مجلس الإدارة ينتظر وصول خطاب رسمي من كاف بخصوص المباراة وعدد الجماهير ردًا على طلبات سبق وأن رفعها له النادي، وذلك بخلاف خطاب التكليف الذي يرسله الاتحاد للفرق قبل مباراياتها. لكن مصدرًا داخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، قال للمنصة إن "النادي الأهلي يحاول المراوغة بكل السبل، وبيع وهم حضور اللقاء بأعداد غفيرة إلى جماهيره، بداية من رفضه إقامة اللقاء في المغرب والتصعيد المستمر إلى المحكمة الرياضية والاتحاد الدولي"، الذي أكد أنه لن يجد نفعًا.
وأكد المصدر أن الكاف لا يرسل للأندية قبل مبارياتها سوى خطاب تكليف، وقد أرسله فعلًا للنادي الأهلي، ويضم معلومات عن المنسق الأمني والإعلامي وحكام ومراقبي اللقاء وموعد ومكان إقامة نهائي أبطال إفريقيا. أما مطالب الأهلي "فهي محاولة للمراوغة من الأهلي الذي يبيع الوهم لجماهيره". حسب قوله للمنصة.
ماذا عن القسط؟
من الجائز افتراض أن عدم امتلاك الأهلي للتذاكر حتى الآن (فيما يتبقى نحو ستة أيام على اللقاء) مسألة وقت، وأنه سيحصل عليها خلال ساعات أو أيام، فإن خيار التقسيط الذي أعلن عنه النادي للتسهيل على الجمهور، هو نفسه محل شك، حيث شركة فاليو التي تعد أحد رعاة الأهلي، والمسؤولة عن تقسيط قيمة الرحلة، لا تنطبق شروطها لقبول عملية التقسيط على جماهير الفريق من فئة الشباب.
يؤكد سعيد صالح، أحد مشجعي النادي الأهلي (36 سنة) أنه تواصل مع فاليو لطلب تقسيط ثمن تذكرة حضور النهائي، لكنه اكتشف عدم مطابقته لشروط الشركة، لوجود عدد من الإجراءات من بينها الاستعلام عن أي سكور الخاص به في البنك المركزي، الذي يتطلب حوالي يومين أو ثلاثة على أقصى تقدير، بالإضافة إلى وجود ملكية سيارة أو عقار أو راتب شهري، وتأمينات اجتماعية، تضمن من خلالها الشركة الالتزام بسداد الأقساط، وهو ما لا ينطبق على أغلب جماهير الأهلي من فئة الشباب الذي لم يحصل على وظيفة بأجر ثابت أو تأمينات اجتماعية أو حتى امتلاكه لأي عقار أو سيارة.